أوضحت نتائج دراسة علمية أجريت على عينة ضمت 95 من الذكور وعدد مماِثل من البنات في عدد من مدارس الدولة أن 78% من المتحرشين بالأطفال هم من داخل الأسرة «وتشمل أيضا السائقين والخدم والعاملين داخل المنزل» أو من الجيران، وأن 65% من الجناة هم من المقربين للأسرة، وأن 18% هم أقارب من الدرجة الأولى للضحايا. وقالت الدكتورة سعاد المرزوقي أستاذ الصحة النفسية بجامعة الإمارات والتي أجرت هذه الدراسة مؤخراً خلال ندوة نظمتها مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال أمس أن هذ النوعية من حالات التحرش تعد كارثية لأن التأثير النفسي يكون مضاعفاً على الطفل فيميل إلى ما يعرف باضطرابات التدمير الذاتي ويحاول تشويه المناطق الحساسة بجسمه، بل ويمارس الرذيلة وتعاطي الخمور والمخدرات كرغبة منه في تدمير ذاته. وعقدت الندوة بمشاركة الدكتورة سعاد المرزوقي أستاذ الصحة النفسية بجامعة الإمارات وبدرية الفارسي مدير الرعاية الاجتماعية بمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، والمستشار القانوني يوسف الشريف وأدارتها الدكتورة أزهار أبو علي مدير إدارة الرعاية والتأهيل بدبي لرعاية النساء، وحضرها أكثر من 150 شخصاً من مديري المدارس وأولياء الأمور والمهتمين بحماية الطفولة. وأكدت د. سعاد المرزوقي أن مشكلة التحرش بالأطفال يجب أن تناقش بشفافية ووضوح، مشيرة إلى أنه لا تخلو مدرسة من حالة أو أكثر، وأن الأطفال الأكثر عرضة للتحرش هم بين الثامنة والثالثة عشرة، وأن أكثر الأماكن عرضة للتحرش هي المدارس المشتركة، خاصة في مرحلة التعليم الأساسي، إضافة إلى المنازل، محذرة من العاملين داخل البيوت وثقافاتهم المختلفة. وأضافت أن أغلب المتحرشين سبق وتعرضوا للتحرش في طفولتهم، موضحة أن المتحرش ماكر جداً، فهو لا يدخل على مرحلة التحرش بالطفل مباشرة، ولكنه يطور علاقته به عن طريق استمالته عاطفياً تم تبدأ مراحل التحرش، منبهة إلى أن علامات الطفل الذي وقع ضحية التحرش تتراوح بين النفسية والجسدية فهو “أو هي” يعاني صعوبات في المشي ويميل إلى الانطواء ويستبد به القلق النفسي لإحساسه بأنه شريك في هذه الفعلة الشنعاء. وقالت الدكتورة أزهار أبو علي خلال الندوة التي استضافتها ندوة الثقافة والعلوم بدبي بمناسبة الشهر العالمي لمكافحة التحرش بالأطفال إن الطفل الذي يتعرض لهذه الظاهرة يتحول إلى ما يشبه لوح الزجاج المهشم تماماً، فهو مجروح ومعزول ومشوش ومعزول، مؤكدة أن 300 مليون طفل على مستوى العالم تعرضوا للتحرش الجنسي، وان 20% من النساء يتعرض للتحرش. أما الرجال، فنسبة التحرش بينهم تكون أقل وتصل إلى نحو 5%، وأن 53 ألف طفل يموتون سنوياً جراء هذه الظاهرة الخطيرة، كما أكدت أن 78% من الناجين من الاعتداءات الجنسية يتعرضون لأمراض نفسية مزمنة. بينما أشارت بدرية الفارسي إلى أن مشكلة التحرش قائمة في كل العصور، ولكن مجتمعاتنا الإسلامية بتقاليدها المحافظة وقفت دائماً سداً منيعاً أمام استشراء الظاهرة في مجتمعاتنا، ولكن الانفتاح على الآخر والتغيرات السريعة التي طرأت على المجتمع الإماراتي غيرا كثيراً من الأعراف التي كانت سائدة، وبالتالي وجدت هذه الآفة السبيل على المجتمع الذي تمنعه التقاليد من البوح بها، بما يقف حجر عثرة في سبيل معالجتها والقضاء عليها. وقالت بدرية عن ظاهرة التحرش إن التأثيرات السلبية تتفاقم بعد ذلك، فيما يعرف بجدار الصمت، مطالبة بأهمية غرس القيم في نفوس الأطفال، وتدريبهم على خطوات معينة ينفذوها في حال تعرضهم لأي تحرش بداية من الصراخ وطلب المساعدة، والمقاومة، وأوضحت أن الحوار الأسري المفقود حالياً قلل من قدرة الأم على اكتشاف أي مؤشرات تظهر على أبنائها جراء التعرض للتحرش. وأفاد المستشار يوسف الشريف بأن القانون تعامل مع هذه الجريمة بمنتهي الصرامة فأقر حكم الإعدام على المتحرش والمغتصب، ولكن صعوبات التنفيذ تجعل الكثيرين يفلتون من القصاص العادل، ولفت إلى مأساة “طفل العيد”، كجريمة بشعة، وغريبة عن المجتمع الإماراتي وطالب بتنفيذ الاحكام علانية. وعلقت عفراء البسطي المدير التنفيذي للمؤسسة بقولها إن هدف الندوة هو لفت الأنظار إلى الإبعاد الخطيرة المترتبة على التحرش، وتوضيح آثارها السلبية على المجتمع والطفل، ووضع مجموعة من الحلول العملية التي تجنب أبناءنا من أن يسقطوا ضحايا لتلك الجريمة. 99% من الأطفال يصرحون بأسماء المتحرشين بهم أكدت الدكتورة سعاد المرزوقي أستاذ الصحة النفسية بجامعة الإمارات أن 99% من الأطفال يصرحون بأسماء الذين يتحرشون بهم عن طريق ترديد أسمائم أمام الوالدين، متبعاً بكلمة أنهم يكرهونهم أو لا يحبونهم على الإطلاق، لكن الكارثة تكمن في محاولة الأهل رسم صورة جيدة لهذا الشخص، فينقطع الحوار ويقع الطفل في حيرة من أمره، كما أن بعض الأطفال من الضحايا يحاول تكرار الفعل مع زملائهم خاصة في مراحل التعليم المبكرة.