لكبيرة التونسي (أبوظبي)

مع انتشار فيروس كورونا المستجد، تزداد حالات القلق والخوف بين البشر، ويحرص الجميع على التباعد الجسدي واتخاذ الإجراءات الاحترازية كافة، خوفاً من الإصابة، في الوقت الذي يتقدم فيه الأطباء والممرضون الصفوف الأمامية، للقيام بواجبهم على أكمل وجه تجاه الوطن والمجتمع، وها هو الدكتور عبدالله المرزوقي، أحد أعضاء «الجيش الأبيض» يستعد في هذه اللحظة لزيارة مريض مصاب بفيروس «كورونا» المستجد، ورغم أن حالة المريض مستقرة، إلا أن المرزوقي يتخذ جميع إجراءات الوقاية والسلامة، ويرتدي ملابس وأدوات الوقاية اللازمة لحمايته، وبعد خروجه مباشرة من الغرفة يتخلص منها في المكان المخصص لذلك، حرصاً على سلامته، وسلامة المحيطين به.
ويضيف المرزوقي: الحالة التي قمت بزيارتها اليوم مستقرة، ولذا اكتفيت بارتداء بدلة من الدرجة الثانية، وهي تتكون من مريول أصفر، وقفازين وكمام وواقٍ وجه وغطاء الرأس وغطاء الحذاء، وبعد زيارة الحالة تخلصت مباشرة عند باب الغرفة من جميع هذه الملابس والأدوات الواقية، مع الحرص على اتخاذ جميع الاحتياطات حتى لا تكون سبباً في نقل العدوى من خلال ملامستها للجسم أو اليدين.

احتياطات الوقاية
وليس المرزوقي طبيب الباطنية بمستشفى الرحبة والمفرق وحده من يقوم بهذه العملية، وإنما على جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية المشرفين على المرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بفيروس «كورونا» المستجد أو الذين تأكّدت إصابتهم به، اتخاذ احتياطات الوقاية من العدوى المنقولة بالملامسة أو عن طريق الرذاذ أو المخالطة، بارتداء هذه الملابس والأدوات الواقية، فضلاً عن الاحتياطات النموذجية التي ينبغي لجميع العاملين في مجال الرعاية الصحية الالتزام بها دوماً مع جميع المرضى، حتى لا يصابوا بالعدوى أو يكونوا سبباً في نقلها لغيرهم، وأولى هذه الخطوات تغطية الجسم بالكامل بمعدات الوقاية الشخصية الضرورية، وارتداء البدلة العازلة، وغيرها من ملابس وأدوات الأمان المستعملة لزيارة المريض، موضحاً أن وقوف الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية في الصفوف الأمامية في هذه المواجهة الشرسة ضد «كورونا»، واجب وطني، ولن نتقاعس عن تأديته.

معايير دولية
وحول درجات البدلات العازلة ومتى وكيف يتم استعمالها، يقول عبدالله المرزوقي: إن الإمارات لم تدخر جهداً في توفير جميع الأدوات وفق أعلى المعايير الدولية، مؤكداً أن جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية يواجهون العديد من التحديات وأهمها إجراءات السلامة والوقاية، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات تستغرق وقتاً طويلاً، ناهيك عن التكلفة المالية الباهظة لتلك الأدوات. وأشار إلى أن أنواع البدلات العازلة والأدوات الخاصة بالعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يشرفون على مرضى فيروس «كورونا» المستجد، تشمل جميع الأدوات الخاصة بالوقاية من العدوى المنقولة سواء بالملامسة أو عن طريق الرذاذ، ومنها قفازات وحيدة الاستعمال لحماية اليدين، ولباس نظيف معقم طويل الأكمام لمنع تلوث الملابس، وأقنعة طبية لحماية الأنف والفم، وواق للعينين مثل النظارات الواقية وواقي الوجه، وغطاء للرأس وغطاء للحذاء، ويتم ارتداء كل هذه الأدوات قبل الدخول إلى الغرف، حيث يوجد المرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بفيروس «كوفيد- 19»، المستجد أو الذين تأكّدت إصابتهم به.

البدلة العازلة
ومن الملاحظ أن هناك أكثر من نوع للبدلات العازلة التي يستعملها الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الصحية، حيث يفسر المرزوقي هذا الاختلاف قائلاً: إن البدلات العازلة تختلف باختلاف درجة الإصابة ونوع المرض الذي تستعمل فيه، وهي أربع درجات، فالدرجة الرابعة هي تلك التي تستخدم في الإصابة عالية الخطورة، حيث يتم ارتداء بدلة كاملة مع قناع كامل، مع غطاء محكم للرأس وجهاز يحتوي على «فلتر»، وهذه البدلة مكونة من مواد غير قابلة للتمزق، وتحتاج إلى شخص يساعد من يرتديها ويتأكد أنها موثقة ومحكمة الغلق وتستغرق مدة ارتدائها 20 دقيقة، بينما بدلة العزل من الدرجة الثالثة التي يرتديها المسعفون أثناء نقل المريض المصاب بفيروس «كوفيد- 19» هي نفس البدلة الرابعة لكن من دون «الفلتر»، في حين نرتدي بدلة الدرجة الثانية وهي التي قمت بارتدائها لزيارة مريض بحالة مستقرة، وهذه توفر حماية من الأمراض التي تنتقل عن طريق اللمس أو الرذاذ.

تكلفة باهظة
ورغم التكلفة البشرية العالية لمواجهة فيروس «كورونا»، إلا أن تأثيرات أزمة الفيروس ليست مقتصرة على هذا الجانب، فثمة تكاليف اقتصادية باهظة ناجمة عن الاستعمال اليومي لهذه الأدوات الواقية ذات الاستعمال الواحد، حيث يتم التخلص منها مباشرة بعد الخروج من غرفة المريض، ووفق المرزوقي فإن التكلفة المالية كبيرة وتختلف باختلاف درجة الإصابة، فعلى سبيل المثال، مجموع الأدوات المستخدمة من أجل زيارة مريض بحالة مستقرة مرة واحدة تبلغ تكلفتها ما يقارب 65 درهماً، ويتم التخلص منها مباشرة بعد الخروج من غرفة المريض، ومع كل دخول نتخذ كافة الاحتياطات، في حين تتطلب العناية الطبية والخدماتية زيارة كل مريض على الأقل 7 مرات في اليوم من طرف الطبيب وعمال النظافة والممرضين، وبالتالي فإن التكلفة اليومية من الأدوات الواقية لزيارة مريض واحد تصل إلى 450 درهماً على أقل تقدير، مؤكداً أن الطبيب الواحد يزور يومياً ما يقارب 25 مريضاً بالفيروس في الحالات العادية. ويؤكد أن هذا المبلغ للحالات المرضية المستقرة، أما باقي الأدوات الواقية والمستخدمة باختلاف الحالات ودرجاتها فإن التكلفة فيها أعلى بكثير، وعلينا أن نتصور حجم وتكلفة زيارة كل المرضى يومياً، ولهذا يجب استشعار الخطر والالتزام باتباع تعليمات الجهات المختصة والبقاء في البيوت حتى لا نتسبب في انتشار العدوى.

تحديات ونصائح
تحديات عديدة يواجهها يومياً العاملون في القطاع الصحي لمواجهة انتشار فيروس «كورونا»، حيث يقول الدكتور عبدالله المرزوقي، إنه يجب التأكد من إجراءات السلامة والوقاية لدى جميع العاملين في القطاع الصحي لضمان عدم انتقال المرض والعدوى، مع الحرص على ارتداء البدلة العازلة التي تتطلب وقتاً طويلاً لارتدائها، مما يجعل الدورة الطبية (التفقدية) للمرضى تستغرق ساعات. وينصح المرزوقي بضرورة اتباع تعليمات الجهات المختصة التي لم تدخر جهداً في سبيل احتواء المرض، وتسخير كل إمكاناتها لعلاج المرضى من مواطنين ومقيمين، ونهيب بالجميع الالتزام بالنظافة، واتباع كل الإجراءات والتدابير الصحية الاحترازية المعلن عنها.