أحمد السعداوي (أبوظبي)
تحتفل دولة الإمارات مع بقية دول العالم بشهر التوحد الذي يوافق أبريل من كل عام، مؤكدة مسيرتها الناجحة في توفير مختلف وسائل الدعم والمساندة وتنمية القدرات لأصحاب التوحد، بما يرفع من إمكاناتهم وقدراتهم الذاتية. وتماشياً مع الظروف التي يعيشها العالم هذه الأيام في مواجهة فيروس «كورونا» المستجد، ظهرت أهمية تأهيل التوحديين عن بُعد، من خلال كثير من التجارب الناجحة، والتي رصدتها «الاتحاد» عبر مقابلات مع عدد من أولياء الأمور والخبراء والمتخصصين.
تقول والدة الطفلة غلا حازم (5 سنوات)، عملية «التعلم عن بُعد» مفيدة لأولادنا كونها تعمل علي استمرارية التعلم والإفادة والتطور لديهم، بخلاف ما إذا كانوا توقفوا عن عمليات التعليم والتدريب، وما ينتج عن ذلك من تراجع ونسيان لكل ما حصّلوه في الماضي، بالتالي يضيع مجهود اختصاصيي التأهيل والأسرة.
فيما أوردت والدة الطالبة فاطمة أحمد (10 سنوات)، أن التعليم عن بُعد مهم ومفيد لأطفالنا، لأنهم يشعرون وكأنهم في المركز خلال هذه الفترة، وفي حالة العودة لمركز التدريب، يكونون قد تدربوا وتعلموا لتحقيق بعض الأهداف التعليمية، وتتوقع أن يستفيد الطلاب أكثر خلال الأيام القادمة. في حين أشارت «أم يوسف سالم» (7 سنوات)، إلى أن تجربة التأهيل والتعلم عن بُعد رائعة ومميزة، وكلها حماس سواء للطلاب أو أفراد الأسرة، خاصة أنه أصبح لدينا فكرة عن كيفية التعليم لأبنائنا والأهم أن نكون متابعين مع كادر المعلمين حتى يستفيد الطلاب خلال هذه الفترة، ويطبقون برامج التأهيل والتدريب التي تلقوها سابقاً.
علاقة إيجابية
عن صعوبات التأهيل والتدريب عن بُعد، تتحدث آيات سعيد معلمة التربية الخاصة، قائلة إن بعض أولياء الأمور ليس لديهم خبرة لتدريب أطفالهم، نتيجة عدم توافر بعض الأدوات والوسائل التعليمية اللازمة للتدريب، وظهور سلوكيات سلبية لبعض الأطفال في البيت، ما يصعب السيطرة عليهم، في ظل انشغال أولياء الأمور بالجوانب الحياتية.
وحول أبرز مميزات التدريب والتأهيل عن بُعد لأطفال التوحد، توضح آيات سعيد، أنها تتمثل في تكوين علاقة إيجابية وتواصل فعال بين الأهل والطفل، واكتشاف قدراته ومهاراته بما يمنح الأهل ثقة وتفاؤل بأن طفلهم يستطيع أن يعيش بشكل أفضل، فكلما يتعرض الطفل إلى ساعات تدريب أطول يتطور أسرع ويتعلم مهارات جديدة، تساعد على التواصل والتفاعل الاجتماعي، مما يسهم في توظيف مهاراته في البيئة الطبيعة.
خطوات للتأهيل
في السياق ذاته، أكدت نهى فرج، الاختصاصية النفسية بأحد مراكز تأهيل أصحاب الهمم في أبوظبي، أهمية حرص الأهل على التأهيل والتدريب عن بُعد لأطفال التوحد وأصحاب الهمم، للاحتفاظ بالمهارات والمعارف التي اكتسبها الطفل أثناء وجوده بالمركز وتعميمها في البيت، وعدم تعرضه لتراجع أو انتكاسة نتيجة توقفه عن التأهيل.
وأوضحت أن آلية التدريب والتأهيل لأطفال التوحد وأصحاب الهمم في البيت تتم من خلال خطوات عدة منها، تصوير الأنشطة بالفيديو بهدف شغل وقت فراغ الطالب وتنمية مهاراته والاستمتاع باللعب، حيث يستطيع الطفل أن يمارس الأنشطة بسهولة مع ولي الأمر أو أخوته، إضافة إلى فيديوهات أنشطة رياضية بسيطة وسهلة لتحقيق الأهداف السابق ذكرها، مع توفير فيديوهات مراجعة للأهداف التي أتقنها الطفل لتكون بداية تكوين علاقة ناجحة معه، فضلاً عن فيديوهات لأهداف جديدة نقوم بإرسالها لأولياء الأمور خلال الفترة المقبلة بعد التأكد من مهارة ولي الأمر في تدريب طفله على هدف جديد.
تجربة مميزة
أما صلاح سمري، مدير مركز الاتحاد لتأهيل أصحاب الهمم، الذي قام بتجربة مميزة في التعلم عن بُعد، فقال إن دولة الإمارات رائدة في تطبيق تجربة التعليم عن بُعد في المنطقة، وهو ما دفع مركز الاتحاد إلى خوض هذه التجربة تماشياً مع النهج العام للدولة، ويضيف سمري: «كانت البداية منذ شهور عندما قمنا بتطبيق مشروع (أمي معلمتي) والذي اعتمد على تدريب مجموعة من أمهات أطفال التوحد، لتحقيق أكبر قدر ممكن من التدريب والتأهيل لأطفالنا في المركز والبيت معاً، بما يعود بفائدة كبيرة عليهم، وكانت النتائج فوق التوقعات، حيث أظهرت الأمهات أثناء تدريبهن قدرة كبيرة على التواصل مع أبنائهن، بعد أن شعرن بسعادة كبيرة عندما اكتشفن قدرات ومهارات صغارهن، كما تحسنت لدى الأطفال مهارات اللغة والتفاعل الاجتماعي والعناية بالذات، ومن هنا أصبحنا نجني ثمار هذه التجربة التي سهلت علينا الكثير».
ويبين سمري أن عمليات التأهيل عن بُعد، تضمنت التواصل مع أولياء الأمور عبر منصاتنا ومنصات التواصل الاجتماعي، للرد على استفساراتهم وإجراء تقويم لتدريباتهم وتعديل الأخطاء، وأثبتت نتائج الأسبوع الأول استجابة حوالي
65 % من الأمهات بشكل رائع، وأظهرن مهارة كبيرة في تدريب أطفالهن، ونحن نعمل على تذليل الصعوبات من خلال تواصل الأخصائيين مع أولياء الأمور وشرح الأهداف والأنشطة وتبسيطها عن طريق الفيديو المباشر، مع استبدال الوسائل التعليمية بمواد متاحة وموجودة داخل البيت، لتشجيع أولياء الأمور برسائل إيجابية وغرس الثقة في نفوسهم، وتوعيتهم بأهمية تدريب الطفل على تجنب السلوكيات السلبية، والتي سوف تحتاج إلى مجهود ووقت كبير حتى نحقق أكبر نسبة ممكنة من نجاح هذه التجربة الرائدة.
نصائح للتأهيل بالطرق السليمة
صلاح سمري، مدير مركز الاتحاد لتأهيل أصحاب الهمم، ذكر بعض النصائح المهمة التي يجب الالتزام بها خلال تدريب مصابي التوحد، وهي:
- ابدأ مع طفلك بأنشطة سهلة وبسيطة يحبها حتى يتقبل التدريب معك.
- يجب تحديد موعد يومي مناسب للتدريب وفي مكان هادئ ومريح.
- حدد قائمة بأفضلية المعززات لطفلك بالتعاون مع الاختصاصي.
- قدم المساعدة لطفلك بالتدريج للوصول لتحقيق الهدف باستقلالية ومن دون مساعدة.
- قلل وقت التدريب، وأكثر من وقت الراحة واللعب في البدايات.
- احرص أن يحصل طفلك على التعزيز بعد الاستجابة الصحيحة وليس بعد الاستجابة الخطأ.
- ثق في نفسك فالأمر يسير.. وثق في طفلك فهو يستطيع.
- احرص أن لا تخاطب ابنك بالتهديد أو كلمات سلبية.
- طفلك يستحق منك المحاولة، لتجد ما يسعدك ويسعده.
- تجاهل السلوكيات السلبية، وعزز من السلوكيات الإيجابية.