هناء الحمادي (أبوظبي)

ربما لم يكن يتوقع شاعر النيل حافظ إبراهيم، أن تتحول أشعاره الخالدة التي امتدح فيها الأم قائلاً: «الأمّ مدرسةٌ إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراق»، إلى واقع، وأن تصبح «ست الحبايب» بحق مدرسة بكل ما تحمله «الكلمة» من معنى.

في زمن «كورونا»، وما فرضه من ضرورة التعلم عن بُعد، أصبحت الأم، المدرسة، والصف، والمعلم، بل والناظر، بعدما أسندت إليها أعباء العملية التعليمية لأولادها كاملة، بعدما كانت في السابق مهمومة بمشاكل الأبناء في المدرسة، والحرص على الوقوف أمام صعوبات التعلم التي تواجههم والاهتمام بما يدرسونه وما يوجه إليهم من تعليمات من قبل مدرس الفصل.
حالياً ومع الظروف الراهنة التي تجتاح العالم بأكمله بسبب وباء «كوفيد- 19»، تحمّلت الأمهات أعباء جديدة، ضاعفت من أدوارها السابقة، وبالإضافة إلى ما تقوم به من مهام داخل البيت، وما تقدمه من عطاء مستمر لتصل بأفراد أسرتها إلى بر الأمان والنجاح، بات عليها اليوم أن تتابع تعليم أولادها وهم يخوضون تجربة «التعليم عن بُعد» رسمياً للمرة الأولى، بل إنها تؤدي وبنجاح أدوار المعلم والمشرف التعليمي، والمشرف الاجتماعي، في وقت ربما يكون لديها أكثر من ابن وابنه في مراحل التعليم المختلفة يتلقون دروسهم في الوقت نفسه، فنراها تقسّم نفسها ووقتها وجهدها بينهم حتى لا تقصر في حق أحدهم، وتسعى جاهدة إلى إيجاد البيئة المناسبة لهم ليستمروا في تعليمهم، ويمضوا في طريقهم بثبات ونجاح، دون أن تغفل واجباتها تجاه بيتها، أو مهام عملها، إذا كانت امرأة عاملة.
نجاحات الأمهات في تجربة «التعليم عن بُعد» وإصرارهن على القيام بدورهن الوطني ثمنتها القيادة الحكيمة، كما كانت محل إشادة كبيرة من اجتماع عقد «عن بُعد» مؤخراً بمشاركة عضوات من مجالس الأمهات بالمدارس وإدارات ومعلمات وتربويات لتبادل الرؤى حول التجربة التي أقرتها الدولة لضمان استمرارية التعليم في ظل الظروف الاستثنائية.