الدين يحض النساء على العمل مع الالتزام بالقيم
يتعرض الإسلام لحملات تشكيك وتشويه وافتراء وإثارة للشبهات والأباطيل حوله، وكانت المرأة من أهم مداخل هذه الحملات المشبوهة، حيث زعم الخصوم أن تعاليم الإسلام وشرائعه سبب تدني وضع المرأة المسلمة وزيادة نسبة الأمية لديها.
عمرو أبوالفضل (القاهرة) - يقول الدكتور محمد عثمان الخشت- أستاذ فلسفة الأديان بجامعة القاهرة- إن الشريعة الإسلامية رفعت شأن المرأة وكرمتها وأعلت مقامها وخلصتها من القيود الظالمة التي أهدرت إنسانيتها ووجودها. مضيفاً أن القرآن الكريم بين الحال التي كانت عليها إبان الجاهلية ويقول الله تعالى:»وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت» سورة التكوير الآية 8-9، وأقر حقوقها وأنها تتحمل المسؤولية والأمانة وتنال الجزاء بما عملت مصداقاً لقول الحق تعالى:»ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعلمون « سورة النحل الآية 97.
مرجع للعلم الشرعي
ويضيف أن رسالة الإسلام تؤكد العلم وطلب المعرفة للمرأة والرجل حتى يصبح المجتمع كله متعلماً يقوم بدوره في تعمير الكون ونشر العدل والرحمة عن بينه. وقال إن المجتمعات تتقدم وتتطور بدرجة ما تحصله من علم ومعرفة وما تتيحه لأبنائها من فرص التزود بالمعارف ويتساوى في ذلك الرجال والنساء والرسول-صلى الله عليه وسلم- أكد ذلك فقال:»إنما النساء شقائق الرجال».
ويؤكد أنه لا يجوز اتهام الإسلام بأنه سبب تخلف المرأة وأن تعاليمه أسهمت بزيادة نسبة الأمية لديها، فجميع النصوص والمرجعيات الدينية تساوي بين الرجال والنساء في حق طلب العلم والسعي لنيل نصيب من المعرفة والرقي الانساني، ولا يوجد في الإسلام ما يمنع المرأة من ذلك، بل فتح لها باب العلم واسعاً حتى تتحمل مسؤوليتها وتكون عارفة بأحكام دينها واعية بأمور دنياها وتشارك بقوة في بناء نهضة أمتها، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها:» نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين «.
وقال الخشت إن المرأة المسلمة شاركت في بناء الدولة الإسلامية منذ بدايتها وكانت حاضرة مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- في كل المواقف والأحداث وتشارك جنباً إلى جنب مع الرجل. مضيفاً أن التاريخ يؤكد أن المرأة المسلمة تلقت العلم وصارت مرجعاً للعلم الشرعي، وكان أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم- يبلغن العلم وينشرن الدين، وهناك كتب في الرواية عنهن، بل وعن الطبقات من النساء بعدهن ممن روى عنهن الرجال وحملوا عنهن العلم، وقد ترجم الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» وحده لثلاث وأربعين وخمسمئة وألف امرأة منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات.
ظلم صارخ
وتقول الدكتور سعاد صالح- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- إن الخلط بين الإسلام كدين له تعاليمه السمحة وسلوك سيىء لبعض المسلمين تجاه المرأة فيه ظلم صارخ. مضيفة أن الأوضاع الظالمة تستمد وجودها من الجهل بتعاليم الإسلام السمحة وانتشار الخزعبلات والتقاليد البالية التي ترى في المرأة شيطاناً يجب حبسه أو الاحتراس منه وأنها مسؤولة عن كل المصائب التي تقع وهذا التعنت مرده الى سوء فهم للقرآن والسنة النبوية فالرسول- صلى الله عليه وسلم- أوصى المسلمين بالنساء خيراً فقال-صلى الله عليه وسلم:»خيركم خيركم لأهله»، وقال عليه الصلاة والسلام:»استوصوا بالنساء خيراً».
وأكدت ان تطبيق تعالم الدين الاسلامي وإعطاء المرأة حقوقها التي نصت عليها الشريعة الإسلامية كفيل بجعل مجتمعاتنا من أكثر الدول تقدماً. وقالت إن المرأة قبل الإسلام كانت لا تملك شيئاً ولم يكن هناك مساواة بينهما وبين الرجل فنزلت الآيات القرآنية: «للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ما قل منه أو أكثر نصيباً مفروضاً» وضمنت الشريعة حقوقها كاملة.
طلباً للعلم
ويقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد- وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشؤون الدعوة الأسبق- إن الدين الحنيف دعا المرأة إلى التعليم بل وفرضه عليها بقول الرسول- صلى الله عليه وسلم:»طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة»، مضيفاً أن الشريعة الإسلامية أجازت خروج المرأة طلباً للعلم ولا يوجد نص واحد في الإسلام يحرمها منه وقد عملت النساء المسلمات في مختلف مجالات العمل وتصدرن ميادين العمل العام وخدمة المجتمع، والذي عليه عمل المسلمين سلفاً وخلفاً أن مجرد وجود النساء مع الرجال في مكان واحد ليس حراماً في ذاته، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:»بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً».
ويؤكد أن الإسلام وضع ضوابط لحماية المرأة وصيانة الأعراض عند خروجها لطلب العلم أو العمل والمشاركة والتفاعل مع المجتمع، موضحاً أن الشريعة لا تفرض على المرأة ما يعرقل حركتها أو يمنعها من أن تكون متأنقة مادام ذلك في حدود الأدب وألا تكون مثار فتنة، والحرمة المقصودة التي يعتبرها بعض الأدعياء حجراً على المرأة إنما هي في الهيئة الاجتماعية إذا كانت مخالفة للشرع الشريف كأن يظهر النساء ما لا يحل لهن إظهاره شرعاً، أو يكون الاجتماع على منكر أو لمنكر، أو يكون فيه خلوة محرمة، ونص أهل العلم على أن الاختلاط المحرم في ذاته إنما هو التلاصق والتلامس لا مجرد اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد.
وقال إن التجربة التي تشهدها العديد من المجتمعات الإسلامية أثبتت زيف الادعاءات التي يروجها بعض المغرضين عن الاسلام فالمرأة المسلمة وصلت باجتهادها وسعيها الى أعلى المراتب العلمية وترقت وبلغت مستويات عالية وهي مشهود لها بالبراعة في كثير من المجالات المفيدة لبناء الأمم.
صحابيات تولين الحسبة
تقول الدكتور سعاد صالح إن المرأة المسلمة كانت تشارك الرجال في الحياة الاجتماعية العامة مع التزامها بزيها الشرعي ومحافظتها على حدود الإسلام وآدابه، حتى أن من الصحابيات من تولت الحسبة، ومن ذلك ما رواه الطبراني في «المعجم الكبير» بسند رجاله ثقات عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم قال: «رأيت سمراء بنت نهيك -وكانت قد أدركت النبي- صلى الله عليه وسلم- عليها درع غليظة وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر».
وأوضحت أن إنكار هذا الواقع الثابت في السنة النبوية الشريفة والتاريخ الاسلامي فيه ظلم وتشويه لحقائق الاسلام. وقالت إنه لا يجوز جعل التقاليد والعادات الموروثة في زمان أو مكان معين حاكمة على الدين والشرع، بل الشرع يعلو ولا يعلى عليه.