قرقاش: توقعات النمو تزيد من جاذبية الإمارات الاستثمارية
يوسف البستنجي (أبوظبي) - أكد معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية أمس أن توقعات نمو اقتصاد دولة الإمارات خلال العام الحالي بنسبة 4?5%، من شأنه أن يزيد من شهية المستثمرين الدوليين، والجاذبية الاستثمارية للدولة.
وقال، في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية لملتقى الأسواق المالية بأبوظبي، إن الموقع الجغرافي لدولة الإمارات بوصفها مركزاً وسطاً بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، يجعلها مكاناً ملائماً لجذب الاستثمارات وربط القارات.
وأضاف، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه خالد الغيث مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية، أن منطقة الشرق الأوسط تتسم بوجود نسبة عالية من الأعمار الشابة، الأمر الذي يوفر بيئة استثنائية جاذبة.
وأشار إلى الاضطرابات السياسية التي شهدتها بعض دول المنطقة العام الماضي، قائلاً: “إن ضعف الأداء الاقتصادي في عدد من دول المنطقة كان أحد أسباب هذه الأحداث، مما جعل سكانها متأثرين بما يدور داخل دولهم، حيث زيادة الثراء عند فئة قليلة، وزيادة الفساد، بيد أن الشعوب تمكنت في العديد من الدول، من المجيء بحكومات تلبي طموحاتها”.
وأضاف أنه رغم أن الحكومات في المنطقة، تعمل جاهدة لإعادة إصلاح النظم الاقتصادية، فإن تشجيع الشركات الصغيرة هو أفضل السبل لضمان سلامة الأوضاع الاقتصادية، لكل فئات المجتمع، خصوصاً أن شعوب المنطقة تريد تحسين اقتصاداتها، من خلال الشراكات بين المستثمرين المحليين والدوليين.
وأكد الغيث أن المستثمرين الدوليين قد يحتاجون إلى بذل المزيد من الجهد لإقامة مشروعاتهم في المنطقة، مقارنة بدول أخرى في العالم، إلا أن المنافع الاقتصادية التي ستعود على استثماراتهم في المنطقة، أكبر من أي منطقة أخرى.
وأضاف “كلنا نتطلع إلى شراكات جديدة بين المستثمرين المحليين والدوليين، تنعش الاقتصاد وتعزز الأدوار الاقتصادية في المجتمع”.
وأوضح أن عالم الاستثمار بات مختلفاً تماماً عن السابق، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو خارجها.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لبنك أبوظبي الوطني مايكل تومالين، إن اقتصاد دولة الإمارات يتمتع بنمو قوي، مضيفاً أن الفائض التجاري للدولة عام 2010 بلغ 51 مليار دولار، ما يعادل 17% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، متوقعاً أن يتجاوز هذا المستوى في 2011.
وأضاف: تتمتع أبوظبي بأحد أعلى التصنيفات الائتمانية السيادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأوضح أنه في خضم الأزمة المالية العالمية قدرت أصول الإمارات، بما في ذلك صافي الصناديق السيادية، بنحو 132% من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لصندوق النقد الدولي، ومنذ ذلك الحين ارتفعت أسعار الأصول في الأسواق العالمية، كما زادت أصول الصناديق السيادية.
وقال: “عندما نلقي نظرة على قطاع الطيران، نرى أن أفضل شركات الطيران في العالم هي (الاتحاد للطيران) من أبوظبي و(طيران الإمارات) من دبي والتي تسير رحلات إلى جميع أنحاء المعمورة”.
وأضاف: في 1971، كان اقتصاد الإمارات بحجم أوغندا، وخلال أقل من ثلاثة عقود قفز اقتصاد الإمارات من المرتبة الـ60 إلى المرتبة الـ30 ضمن أقوى الاقتصادات في العالم، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانتها الاقتصادية إقليمياً.
وأضاف: “نصف إجمالي واردات دول مجلس التعاون الخليجي يأتي من خلال الإمارات، وتشكل الصادرات غير النفطية أقل من نصف صادرات الإمارات، بالرغم من امتلاك الدولة سادس أكبر احتياط نفطي في العالم”.
وقال: يشكل النفط حوالي ثلث النشاط الاقتصادي مقارنة بالدول المجاورة والتي تمثل نصف نشاطاتها الاقتصادية، مبيناً أنه حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، بلغ معدل كفاية رأس المال للنظام المصرفي الإماراتي 21% لمجمل رأس المال و16?7% للشق الأول من رأس المال، مقارنة بــ 15% و12?9% في الولايات المتحدة الأميركية و17% و12?5% في ألمانيا.
وبين أن سبب نجاح اقتصاد الإمارات يرجع إلى وجود بيئة مناسبة للأعمال والاستثمار وتمتعها بالاستقرار، بالإضافة إلى وجود حرية لحركة رأس المال وأسعار الصرف والفائدة المنافسة والضرائب المنخفضة والبنية التحتية المتطورة وموقعها الاستراتيجي وهي عوامل تسمح لها باستقطاب أفضل المستثمرين.
وتطرق تومالين، في كلمته، إلى حجم النمو الذي سجله بنك أبوظبي الوطني، مبيناً أن حجم البنك تضاعف بـنحو 10 أضعاف، منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وتحول من بنك محلي إلى مؤسسة مصرفية رائدة على مستوى العالم العربي.
وأضاف: إن هذا النمو يعكس تطور إمارة أبوظبي، حيث تتماشى خططنا المستقبلية مع رؤية الإمارة لعام 2030.
وقال: يسعى البنك لأن يكون أفضل بنك في العالم العربي، أي البنك المرجع، “فعندما يفكر شخص في أي مكان في العالم في الاستثمار في الشرق الأوسط نريد أن يكون بنك أبوظبي الوطني أول ما يخطر في باله”.
فولكر
من جهته، قال بول فولكر المستشار الاقتصادي السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، إن دولة الإمارات وأبوظبي حققت تقدماً كبيراً خلال العقود الماضية في مجال تطوير البنى المالية والمصرفية اللازمة لدعم التنمية.
وأضاف: “لقد كنت هنا قبل 40 عاماً وأبوظبي اليوم تطورت كثيراً، لقد أصبح هنا اليوم سوق ائتمان ورهونات وسوق مالية”.
وقال “هذا المكان على درجة كبيرة من الأهمية ليس فقط لمن يجنون أرباحاً كبيرة، وإنما أيضاً في حجم مساهمته في النمو الاقتصادي لأسواق المال المدمجة التي جعلت العالم أصغر وأكثر تداخلاً من الناحية المالية”.
وحول الأزمة العالمية، قال فولكر: إن الأزمة تعتبر نتاجاً لانحراف البنوك عن دورها الرئيسي واستخدام أصول العملاء في “استثمارات المضاربة”، لافتاً إلى أنه يجب على البنوك أن لا تنكشف على المضاربين.
وأكد فولكر أن البنوك ركزت في الفترة التي سبقت الأزمة المالية على توسيع نشاطاتها لتغطي مجالات لا تشملها المجالات الرئيسية لعمل البنوك، الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد المصرفي، ونتيجة لذلك، قامت مؤسسات مالية، يطلق عليها “بنوك الظل” مثل صناديق التقاعد، بدخول سوق الاستثمار وإطلاق صناديق الاستثمار المشتركة في أسواق المال.
وأشار إلى أن عقود الحماية على السندات بلغت 60 تريليون دولار قبل الأزمة، وهي بوليصات تأمين، عبارة عن ائتمان غير مسدد.
وقال “إن الإصلاح أصبح مسألة مهمة جداً، فلا يمكن أن نسمح بإعادة سيناريو عام 2008”.
وكان فولكر، بصفته مستشاراً لباراك أوباما، اقترح مجموعة من الإصلاحات المالية والتي شملت تقييد البنوك التجارية في التداول بالأوراق المالية للمتاجرة بها، أو ما يصفه بـ “استثمارات المضاربة”، كونها تضيف المزيد من المخاطر غير الضرورية.
وأضاف: “قد لا تتعدى تأثير هذه الإصلاحات الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنها بناءة وفعالة”، معللاً ذلك بأن “هذا التداول يؤدي بشكل غير مباشر إلى تضارب المصالح مع عملاء البنك، وأنماط التعويض، والثقافة التنظيمية للخدمات المصرفية التقليدية”. ?وأشار إلى أن توفير السيولة يعتبر ضرورياً، لكنه وصف زيادة السيولة بالأمر الذي يمكن أن يلحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد.
وقال: “تقوم البنوك التجارية بتوفير العديد من الخدمات الأساسية للاقتصاد مثل الحفاظ على نظام المدفوعات، والإقراض خاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير الودائع الآمنة للأموال”.
وأوضح أنه لا ينبغي أن تمتد المساعدات الحكومية إلى الأوراق المالية للمتاجرة.?ودعا فولكر دول مجلس التعاون الخليجي إلى “دعم الجهود المبذولة لإصلاح النظام المالي العالمي الذي انهار بعد سنوات الازدهار في التسعينيات ومطلع العقد الأول من الألفية الجديدة وذلك من خلال المساهمة الفعالة في صندوق النقد الدولي وبقية المؤسسات الدولية الأساسية وتقديم الدعم المالي للدول عند الحاجة. ?وفيما يتعلق بوضع العملة الأوروبية الموحدة “اليورو”، قال فولكر، إن فكرة اليورو جيدة، لكن تلك المنظومة التي تعتمد عملة واحد لا يوجد فيها إدارة اقتصادية موحدة، وهذا لم يؤخذ بعين الاعتبار، عند تأسيس العملة الموحدة.
وأضاف: هناك اختلاف في السياسات الاقتصادية لدول منطقة اليورو الـ 17، حيث تعتمد كل دولة سياستها الخاصة بها.
اليوم الثاني
وشهد الملتقى خلال اليوم الأول عروضاً لاستراتيجيات وبيانات 3 شركات محلية كبرى هي مؤسسة الإمارات للاتصالات “اتصالات” وبنك أبوظبي الوطني، وشركة الدار العقارية، فيما يشهد اليوم الثاني للملتقى عروضاً لشركات “طاقة” و”مبادلة” والقابضة العامة.
يسلط الملتقى، في يومه الثاني، الضوء على مواضيع عديدة مثل التوقعات الاقتصادية لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وتداعيات الربيع العربي، وتمويل مشاريع البنية التحتية الإقليمية، والعقارات، علاوة على ورش عمل متنوعة وعروض المستثمرين والتي تهدف إلى استقطاب كبار مديري الاستثمار في العالم.
ويقدم تومالين ورقة عمل حول “العوامل الأساسية في أسواق الإمارات”، كما يقدم أكسل فيبر، الرئيس السابق لـ”البوندسبانك”، البنك المركزي الألماني، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، ورقة عمل عن “البنك المركزي: التحديات والفرص المتاحة في منطقة اليورو”.
ويركز اليوم الثاني للملتقى على التطورات والتحديات في منطقة اليورو، حيث يتحدث ديفيد ماك وليامز، الخبير الاقتصادي عن التحديات والفرص في منطقة اليورو وتوقعاته بشأن مستقبل منطقة اليورو، بالإضافة إلى حلقة نقاش حول منطقة اليورو والتي يشارك فيها كريستوف فرانكل، المدير المالي لمنظمة الاستقرار المالي الأوروبي، وديفيد ماك وليامز ونيكولاس جارتسايد، الرئيس التنفيذي لصندوق الدخل الثابت العالمي ومجموعة العملات في إدارة الأصول في بنك جي بي مورغان، ودان جيمس، رئيس تطوير محفظة ألفا للأسواق العالمية في شركة أفيفا للاستثمار، ورافاييل جالاردو، رئيس الأبحاث في أكسا لإدارة الاستثمار.
وقال سامح القبيسي المدير العام لمجموعة تغطية المؤسسات والشركات بقطاع أسواق المال في بنك أبوظبي الوطني: يناقش الملتقى بعض القضايا الحيوية والمهمة مثل مستقبل الاتحاد الأوروبي وتأثير السياسات الأميركية على اقتصادات العالم، بالإضافة إلى مناقشات حول طرق تمويل مشاريع البنية التحتية في المنطقة وأسواق الدين والاستثمار في مختلف فئات الأصول مثل العقارات والسلع وأسواق الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة.