سباق لبناء محطات شحن السيارات الكهربائية
يبدو أن حلم صناعة السيارات الكهربائية الخالية من الصوت والتلوث وبحيث تحتل شوارع المدن بأعدادها الكبيرة، أصبح حقيقة واقعة·
ودليل ذلك أن شركات توزيع الطاقة في بعض الدول المتقدمة بدأت سباقاً محموماً لافتتاح محطات عمومية لشحن السيارات بالكهرباء باعتبارها تمثل استثماراً مربحاً·
وأعلنت شركة (دونج إنيرجي) Dong Energy لتوليد وتوزيع الطاقة في الدنمارك عن الشروع ببناء مثل هذه المحطات في كافة مدن الدولة لتكون على غرار محطات توزيع المشتقات البترولية التقليدية·
وتتعاون الشركة الدنماركية في هذا الإطار مع شركة أميركية تدعى (بيتير بي إل سي) Better PLC على توسيع المجال الجغرافي لهذا الاستثمار بحيث يؤمن توزيع (الطاقة الكهربائية الخضراء) في كافة مدن دول الاتحاد الأوروبي·
وتقول ليلى عبّود محللة شؤون الطاقة في صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) إن هذه الشراكة تمثل أحدث قفزة في سباق عالمي محموم لتطوير الخدمات العمومية التي تساعد على إحلال الطاقات البديلة محل المشتقات التقليدية للبنزين والمازوت في دفع السيارات·
ولم تتوصل الشركتان إلى هذا القرار الاستثماري إلا بعد أن أطلقتا دراسة تقييمية مفصلة لمستقبل السيارات الكهربائية وخاصة ما طرأ من تقدم على تكنولوجيا بطاريات أيونات الليثيوم التي تثبت يوماً بعد يوم أنها ستجعل الغالبية العظمى من السيارات التي تجوب الشوارع مدفوعة بالكهرباء·
وأوعزت الدراسة التي أنجزتها الشركتان بفكرة مثيرة تعتمد على حركة التيارات الهوائية القوية والتي تهبّ من دون توقف على السواحل الغربية للدنمارك وتفوّق الدنماركيون في تحويل طاقة الرياح إلى طاقة كهربائية يمكن استغلالها في شحن المدن بالطاقة المستدامة النظيفة·
وهذا يعني أن السيارات الكهربائية سوف تسير هناك من دون أن تتسبب في إطلاق أي جزيء من غاز ثاني أوكسيد الكربون أو أكاسيد الآزوت والنتروجين الضارة·
وفي هذه الدولة ذات المساحة الشاسعة وعدد السكان القليل الذي لا يزيد عن 5,4 مليون نسمة، يتم توليد 20 بالمئة من مجموع الطاقة الكهربائية المستهلكة من طاقة الرياح· وفي الأيام التي تسودها العواصف، وما أكثرها في هذه الدولة المفتوحة على بحر الشمال، يمكن أن ترتفع نسبة الطاقة المولدة من الرياح إلى 40 بالمئة من مجمل الطاقة المستهلكة·
وتكمن مشكلة الطاقة الكهربائية المولدة من الرياح في عدم انتظامها؛ فهي تتغير بتغير شدة الرياح· وفي معظم أيام السنة، يمكن أن تنخفض تكاليف إنتاج الكهرباء من حركة الرياح في المناطق الغربية من الدنمارك إلى الصفر في معظم أيام السنة مما يجعل شركات إنتاج الطاقة من حرق الفحم الحجري أو الفيول تعاني من مشكلة صعوبة تخزين الكهرباء· وتهدف الشراكة الجديدة بين شركة التوزيع الدنماركية وشركة (بيتير بي إل سي) الأميركية إلى ابتداع التكنولوجيات المناسبة لتخزين الطاقة الفائضة·
وفي البداية، سيكون في وسع أصحاب السيارات الكهربائية أن يحرصوا على شحن سياراتهم بالكهرباء في الأيام التي تشتد فيها الرياح لأنهم سيدفعون مبلغاً أقل مما لو شحنوها في أيام صفاء الجو·
وينتظر أن تضم كل محطة عدداً كبيراً من أسلاك الشحن بالإضافة إلى قسم خاص بفحص بطاريات شوارد الليثيوم وتبديل التالف منها·
ويقول شاي أجاسي المدير العام التنفيذي لشركة ''بيتير'' الأميركية: سوف تصبح السيارات الكهربائية الزبون الأول لمستثمري طاقة الرياح·
وهو يعمل الآن على إنجاز مشروع مشترك مع ائتلاف شركتي نيسان ورينو لبناء سيارات كهربائية بأعداد كبيرة وإطلاقها في الأسواق العالمية·
ولا شك أن حل مشكلة عدم ثبات مردود الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من الرياح يقع في مقدمة المشاكل التي تعاني منها الشركات العاملة في استثمار هذه الطاقة المستدامة· ويعد حل هذه المشكلة الاهتمام الأول للخبراء·
وتسعى العديد من الدول الأوروبية الآن وخاصة ألمانيا وبريطانيا على تشجيع هذه البحوث ودعمها لأنها تعتقد أن السيارات الكهربائية المدفوعة بالطاقة المولدة من حركة الرياح تمثل حلاً نموذجياً للتخفيف من مشكلة التلوث والتغير المناخي الذي بات يؤرق العالم أجمع·
نقلاً عن ''ذي وول ستريت جورنال''
المصدر: أبوظبي