هدى جاسم، وكالات (بغداد)
تواصلت الاحتجاجات والاعتصامات في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب العراقي لتدخل يومها الرابع بعد المئة، فيما شل الإضراب معظم الجامعات والكثير من الدوائر الحكومية في وسط البلاد وجنوبها، في الوقت الذي باشرت فيه السلطات الأمنية تحقيقاً في عدد من حوادث الاغتيال والاستهدافات التي طالت المحتجين. يأتي ذلك فيما أكدت مصادر سياسية رفيعة أن الأسبوع القادم سيشهد تسمية رئيس للحكومة الانتقالية بدلاً عن حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة.
وقال ناشطون وطلبة جامعات إن الاحتجاجات متواصلة في ساحة التحرير وسط بغداد فيما يتوافد العديد من طلبة الجامعات إلى الساحة في إصرار على التمسك بالإضراب لحين تحقيق المطالب.
ورفع المحتجون على المطعم التركي القريب من الساحة صورة كبيرة لرئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي ومكتوب عليها «عودتك مرفوضة»، في إشارة لرفض المحتجين للتسريبات التي تتحدث عن سعي بعض القوى السياسية لإعادة تكليف عبدالمهدي بالمنصب مرة أخرى.
وأكد ائتلاف «النصر»، بزعامة حيدر العبادي، أمس، أن توحيد موقف القوى السياسية في قضية إخراج القوات الأجنبية من العراق، سيدفعها إلى التوحد لتسمية رئيس وزراء جديد خلال الأيام المقبلة.
وقالت مصادر لـ«الاتحاد»: «نتوقع أن يتم حسم قضية اختيار رئيس الوزراء خلال الأسبوع المقبل، فتوافق الكتل السياسية على قضية اتخاذ قرار برلماني لإخراج القوات الأجنبية من العراق، سيكون دافعاً للتوافق وتوحيد الموقف لحسم هذا الملف أيضاً».
أما في محافظة ذي قار جنوبي البلاد، فذكر مصدر في الشرطة أن المحتجين أقدموا صباح أمس، على قطع ثلاثة جسور حيوية في مدينة الناصرية كبرى مدن المحافظة. وأضاف المصدر أن الدوام في المدارس الابتدائية والثانوية عاد بشكل تدريجي فيما استمر الإضراب في جميع الجامعات والكليات الحكومية والأهلية في المحافظة مع انضمام الطلبة إلى المحتجين في ساحة «الحبوبي» وسط الناصرية.
وفي محافظة النجف، ذكر ناشطون وشهود عيان أن المحتجين أقدموا على قطع الطريق المؤدي إلى مطار النجف بالإطارات المحترقة فيما قطع آخرون الجسر الذي يربط المدينة بقضاء الكوفة المجاور قبل أن يعيدوا فتحهما في وقت لاحق.
وفي محافظة واسط، تظاهر مئات المحتجين أمس، أمام مبنى جامعة واسط بمركز المحافظة مدينة الكوت، في خطوة تصعيدية جديدة تجاه الحكومة المحلية في المحافظة.
وذكرت مصادر محلية أن المحتجين والقوات الأمنية تصادموا بعد دعوات المحتجين إلى استمرار العصيان الطُلابي، مبيناً أن المُحتجين رشقوا القوات الأمنية التي اصطدموا معها، بالحجارة. وأضافت المصادر أن «عدداً كبيراً من المحتجين هم من طلبة جامعة واسط الذين رفضوا قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي باستئناف الدراسة في الجامعات». وأشار إلى أن «جامعة واسط قررت استمرار تعطيل الدوام لحين هدوء الأوضاع».
وتلا المتظاهرون بياناً أكدوا فيه استمرار الإضراب في جامعات المحافظة، ورفضهم لمطالبات وزارة التعليم العالي باستئناف الدوام.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصوراً للاحتجاجات في محافظات بابل وميسان والديوانية والمثنى حيث يواصل طلبة الجامعات إضرابهم.
وذكرت وكالة الأنباء العراقية أمس، أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي وجه بتشكيل لجنة تحقيق للنظر في استهداف المتظاهرين بمحافظة كربلاء مساء أمس الأول.
وكانت الشرطة العراقية أعلنت أمس الأول، مقتل متظاهرين وإصابة 10 آخرين إثر إطلاق النار على المحتجين في ساحة التربية وسط مدينة كربلاء. وأبلغ الشهود أن متظاهرين حاولوا اقتحام مبنى محافظة كربلاء وقامت القوات الأمنية بتفريقهم بإطلاق الرصاص لمنع وصولهم إلى المبنى مما تسبب بمقتل متظاهرين اثنين وجرح نحو 10 آخرين وسط مدينة كربلاء.
بدوره، وجه وزير الداخلية العراقي ياسين الياسري بإرسال فريق عالي المستوى من الوزارة للتحقيق في حادث اغتيال الصحفيين أحمد عبدالصمد وصفاء غالي بمحافظة البصرة يوم الجمعة الماضي.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان أن الوزير وجه فريق التحقيق بعدم العودة إلى بغداد لحين اكتمال التحقيق والكشف عن الجناة، متوعداً «القتلة بأشد العقاب ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه العبث بأمن العراق واستقراره».
وقتل الصحفيان وهما يعملان لصالح «قناة دجلة الفضائية» يوم الجمعة الماضي على يد مسلحين مجهولين أثناء تغطيتهما للاحتجاجات في محافظة البصرة.
وانطلقت الاحتجاجات في الأول من أكتوبر من العام الماضي لتهدأ بعد أسبوع واحد قبل أن تستأنف في الـ25 منه للمطالبة بإسقاط الحكومة وتعديل الدستور. ونجح المتظاهرون في إرغام الحكومة على الاستقالة ودفع البرلمان إلى حل مجالس المحافظات وإقرار قانون جديد للانتخابات وتشكيل مجلس جديد لإدارة مفوضية الانتخابات. ورافقت الاحتجاجات أعمال عنف وقتل واختطاف أودت بحياة أكثر من 500 متظاهر وآلاف الجرحى وسط تعتيم حكومي على حصيلة الضحايا.
واشنطن: سنغادر العراق وفقاً لاتفاقنا معه
أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، روبرت أوبراين، أن الولايات المتحدة تنوي سحب قواتها من العراق وفقاً لنظام وتوقيت حدده الاتفاق مع وبغداد حول الوجود العسكري لبلاده في الأراضي العراقية.
وقال أوبراين، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية نشرت أمس، تعليقاً على مستقبل وجود الولايات المتحدة العسكري في العراق: «ما يتعين علينا فعله هو المغادرة وفقاً لاتفاقنا وبطريقة يتم فيها القضاء على داعش تماماً». وأضاف مستشار الأمن القومي الأميركي: «قضينا على الخلافة، ونعمل بجدية الآن للتخلص من بقايا داعش».
وتوضيحاً لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، شدد أوبراين على أنه كان يخطط لشن هجمات ضد الولايات المتحدة. وأشار في هذا السياق إلى أن «من الصعب دائماً حتى مع المعلومات الاستخبارية المتوفرة تحديد ما هي الأهداف التي كان من المخطط مهاجمتها بالضبط، لكن من المؤكد أن إيران نوت أن تضرب سفارات في 4 دول على الأقل». ونفذت الولايات المتحدة، يوم 3 يناير الجاري، عملية عسكرية جوية قرب مطار بغداد أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب قائد ميليشيات «الحشد الشعبي» العراقي، أبو مهدي المهندس، ومرافقيهما.