غالية خوجة (دبي)
رغم حبي للقراءة منذ طفولتي، وولعي بالكتابة، إلا أنه لم يخطر لي أنني سأصبح كاتبة، وروائية في يوم ما، بهذا البوح بدأت الكاتبة الإماراتية ناديا النجار حديثها لـ «الاتحاد»، وتابعت: كان تخصصي في مجال علمي لا يمت لعالم الأدب، وهو علوم الحاسب الآلي. لكني لم أتخلّ عن شغفي بالقراءة والكتابة. وبعد تخرجي بسنوات، نشرتُ روايتي الأولى «منفى الذاكرة/2013/ دار كتاب للنشر»، بطلتها امرأة مرت بصعوبات في حياتها، تقرر، ذات يوم، أن تكتب ذكرياتها وتحفظها في ملف إلكتروني أسمته «منفى الذاكرة».
بعدها صقلتُ تجربتي، وشاركت في برنامج «الروائي الإماراتي»، وكتبتُ أثناءها روايتي الثانية «مدائن اللهفة»، التي فازت بجائزة الإمارات للرواية عن فئة الرواية القصيرة. وبعد أكثر من عامين من البحث والكتابة المستمرة، نشرتُ روايتي الثالثة «ثلاثية الدال»، التي تدور أحداثها حول كارثة حقيقية حدثت في إمارة دبي، وهي احتراق وغرق سفينة «دارا» في 8 أبريل عام 1961، قبل رحلتها المفترضة إلى الهند، وفقد على إثرها حوالي 238 شخصاً، وهو عدد كبير بالنسبة لتلك الفترة. بحثتُ خلالها عن المصادر، المكتوبة، المصورة، الشفهية، المتوفرة عن الحادثة والفترة الزمنية المصاحبة لها، وهذه الرواية فازت بجائزة أفضل كتاب إماراتي في مجال الإبداع بمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2017.
هدف
لم تقْصُر نادية النجار كتابتها على الكبار، بل توجهت أيضاً إلى الأطفال وكتبت لهم القصص، وهي تقول عن تجربتها في الكتابة الموجهة للأطفال: دخلتُ عالم أدب الطفل، بعد أن التحقت بورشات متخصصة، واطلعت على هذا الأدب عن كثب. أصدرت حتى الآن خمسة كتب مصورة للأطفال، حصلت قصة «أصوات العالم» على جائزة العويس، وأدرجت قصة «النمر الأرقط» ضمن منهج اللغة العربية في الإمارات، واختيرت قصة «نزهتي العجيبة مع العم سالم» في اللائحة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب.
لكن، ما هدفك من الكتابة الموجهة للأطفال؟ وما أهم ما يميز هذا النوع من الكتابة برأيك؟
تجيب: أن أحترم عقل الطفل، أخاطبه، وأدخل عوالمه، وأجعله يفكر ويتساءل، وأن أشجعه على القراءة، ربما هذا هو هدفي الأهم. الكتابة للطفل مختلفة عن الكتابة للكبار، ولأنها عالم آخر، فلا بد له من لغة مناسبة وتقنيات متلائمة، وأحداث وشخصيات مشوقة تضيف للطفل القارئ أبعاداً جديدة تبعاً للفئة العمرية، وتشده لتجعل منه بطلاً في النص، فيتفاعل، ويزداد اقتراباً من القراءة.
الموروث
بالنسبة إلى نادية النجار فإن توظيف الموروث الحكائي الإماراتي في أي عمل إبداعي يكسبه طابعًا محليًا محببًا، ولكن، من الضروري أيضاً أن يكون مناسباً للعمل، تقول: ضمن هذا المجال، كانت لي تجربة رائعة مع مجموعة كاتبات إماراتيات، بالتعاون مع المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، ومعهد «غوته» الألماني، على جمع وإعادة كتابة قصص تراثية إماراتية، ونتج عنها كتاب «خريريفة مجيريفة» عن معهد الشارقة للتراث، ليوثق جزءاً مهماً من موروثنا المحلي الأصيل.
وفي معرض إجابتها عن سؤال أثر البيئة في الكتابة، تؤكد أن البيئة قد تظهر في رواياتها دون أن تشعر أو تتعمد ذلك، تقول: كتبت للأطفال قصة «غافتان»، محورها أشجار الغاف المرتبطة بالبيئة الصحراوية المحلية، ولدي أيضاً قصة عن طيور الفلامنغو التي تعيش في محمية الخور، وعن النمر العربي المرقط المهدد بالانقراض، والذي لا يعرفه الكثيرون. واخترت هذه المواضيع لأهمية تعريف أطفالنا ببيئتنا المحلية عن طريق القصص، مما يجعل المعلومة غير مباشرة، وأكون بذلك قد مزجت العلم بالأدب.
أما في ما يخص تأثير التكنولوجيا المزدوج على الطفل القارئ والنص الموجه له، وعلى مخيلة الكاتب والنص والقارئ، فترى أن «التكنولوجيا ساعدتنا كثيراً نحن الكتاب، على صعيد البحث والوصول بسرعة الى المعلومة، فيما ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار الكاتب وإصداراته وتسويقها. بيد ان هذه التكتولوجيا تشكل تحدياً حقيقياً حيث تهيء البعد البصري الطاغي للطفل، ولذلك، لا بد من البحث عن عوامل فنية مختلفة في الكتابة للطفل، لكي ينجذب إلى الكتاب.
كورونا فرصة للقراءة
إنه ظرف عالمي نمر به جميعاً، ولعله الوقت المناسب لنتمهل قليلاً في نمط حياتنا السريع، وإعادة النظر في الأشياء المؤجلة التي كنا ننتظر الوقت المناسب لنقوم بها، ولتسليط الضوء على القراءة كممارسة إنسانية راقية ومهمة في ظل الظروف الراهنة، وحالياً، أقضي أيامي مع العائلة، وقراءة الكتب المؤجلة، والكتابة أيضاً. وأعمل حاليًا على نص روائي، ولكني مازلت في المراحل الأولى.