أحمد مراد (القاهرة)

نصت وصية سلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد على تسمية ابن عمه، هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، سلطاناً جديداً لعُمان، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العُمانية في حسابها الرسمي على «تويتر».
ويعتبر السلطان هيثم بن طارق أحد أبرز الكفاءات العُمانية التي برزت بقوة على الساحة السياسية والتنفيذية خلال الأعوام الثلاثين الماضية عبر قيادته لكثير من القطاعات الحيوية داخل سلطنة عُمان، الأمر الذي جعله محلّ ثقة وتقدير من قبل السلطان الراحل قابوس بن سعيد، فضلاً عن أنه يحظى بثقة الشعب العُماني والعائلة الحاكمة.
في الحادي عشر من أكتوبر عام 1954، ولد السلطان العُماني الجديد هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، وهو ابن عم السلطان الراحل قابوس بن سعيد.
ومنذ صغره عُرف بالالتزام الأخلاقي والدراسي، حيث واصل مشواره الدراسي بتفوق ونجاح، حتى تخرج عام 1979 في برنامج جامعة أكسفورد البريطانية للخدمات الخارجية، واستكمل دراساته العليا تحت إشراف كلية بيمبروك في أكسفورد.
وانخرط السلطان هيثم منذ سنوات شبابه الأولى في الحياة العامة، وتولى عدداً من المناصب القيادية التي ترك فيها بصمات واضحة، وهو ما جعله يحظى بحب وتقدير غالبية قطاعات المجتمع العُماني.
وعلى مدى سنوات طويلة، نجح السلطان هيثم في النهوض بالقطاع الرياضي بالسلطنة، حيث تولى مناصب قيادية في هذا القطاع أبرزها: رئاسة الاتحاد العُماني لكرة القدم في الفترة بين عامي 1983 و1986.
وتولى السلطان هيثم الرئاسة الفخرية لنادي السيب الرياضي، وهو أحد أعرق الأندية الرياضية في السلطنة، وتأسس في مارس 1972، ونجح في التتويج بالعديد من الألقاب المحلية خلال الرئاسة الفخرية للسلطان هيثم.
وفي عام 1984، لعب السلطان هيثم دوراً كبيراً في إنجاح بطولة كأس الخليج العربي في نسختها السابعة التي أقيمت في السلطنة في الفترة بين يومي 9 و28 مارس من العام ذاته، وذلك عبر توليه منصب نائب رئيس اللجنة المنظمة العليا للبطولة الخليجية.
وساهم السلطان هيثم بدور فعّال في النهوض برياضة الكريكت في عُمان، الأمر الذي جعلها تحتل المركز الخامس عشر في هذه الرياضة من بين 104 دول أعضاء في المجلس العالمي للعبة، حيث تولى الرئاسة الفخرية للنادي العُماني للكريكت، ووجه دعمه واهتمامه للعبة وتطويرها.
وفي 2010، ترك السلطان هيثم بصمة نجاح مشهودة في تاريخ الرياضة الآسيوية خلال ترؤسه اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية التي أقيمت بمسقط في العام ذاته، بمشاركة فرق رياضية من 45 دولة آسيوية، وأشادت جميع الوفود المشاركة والصحافة الآسيوية والعالمية بدور السلطان هيثم في إنجاح هذا الحدث الرياضي الكبير الذي يعتبر من أبرز الأحداث الرياضية في القارة الآسيوية.
نجاحات السلطان هيثم في قطاع الرياضة، شجعت السلطان الراحل قابوس بن سعيد على اتخاذ قراره بتعيين ابن عمه صاحب القدرات والخبرات القيادية وزيراً للثقافة والتراث منذ فبراير من عام 2002، وكان السلطان قابوس يثق في قدرة ابن عمه في النهوض بقطاع الثقافة وتكرار نجاحاته في قطاع الرياضة.
وعبر رحلة عمل شاقة، استمرت لسنوات طويلة، حقق السلطان هيثم كثيراً من النجاحات والإنجازات في قطاع الثقافة، فنجح في تنشيط الحياة الثقافية في البلاد، وساهم في نشر الوعي الثقافي بين قطاعات المجتمع العُماني المختلفة، لا سيما فئة الشباب، وانتشرت دور النشر في جميع أرجاء السلطنة، وزادت مبيعات الكتب، وشهد قطاع المسرح والفنون العديد من النجاحات والأعمال الفنية المتميزة.
وآمن السلطان هيثم بأهمية الثقافة والحراك الفكري والتنويري في توجه سلطنة عُمان نحو التنمية الشاملة، وأدرك أن نشر الثقافة والوعي يساعد البلاد في تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية.
وعبر السلطان هيثم عن إيمانه الشديد بأهمية الثقافة ونشر الوعي خلال تصريحات أدلى بها على هامش فعاليات منتدى الابتكار التقني في التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي عقدت العام الماضي في مسقط، والتي أكد فيها أن الحراك العلمي وتوجه مختلف قطاعات الدولة نحو العناية بالابتكار والمعرفة التقنية، يأتي في ظل التوجه الحكومي لتكملة منظومة التقنية والانضمام لثورة المعرفة الحديثة التي صارت الآن ضرورة من ضرورات العلم والمعرفة، وأداة مهمة للتواصل والتعليم منذ المراحل الأولى إلى المراحل الجامعية العليا.
وفي موقع آخر، منح السلطان الراحل قابوس ثقته المطلقة في كفاءة السلطان هيثم وقدراته على المساهمة الجادة في رسم الخطط المستقبلية للبلاد، حيث صدر قرار بتعيينه رئيساً للجنة الرئيسة للرؤية المستقبلية «عمان 2040»، فضلاً عن أنه عمل مبعوثاً خاصاً للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
ولم تتوقف بصمات ونجاحات السلطان هيثم في قطاعي الثقافة والرياضة، وإنما كان له دور ملموس في أعمال وزارة الخارجية، حيث شغل في بداية حياته عدة مواقع ومناصب قيادية في الوزارة، حيث عمل نائباً للوزير، وأميناً عاماً للوزارة، ووكيلاً للشؤون السياسية، ووزيراً مفوضاً.
ومن خلال رئاسته لجمعية الصداقة العُمانية اليابانية، نجح في تعزيز وتعميق الروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية بين سلطنة عُمان ودولة اليابان، وتلقى إشادات واسعة من الجانب الياباني نظراً لنجاحه في زيادة حجم التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي بين البلدين.
وأولى السلطان هيثم اهتماماً خاصة للأعمال الإنسانية ورعاية الأطفال أصحاب الهمم من متحدي الإعاقة، وذلك من خلال رئاسته الفخرية لجمعية رعاية الأطفال المعاقين.
وللسلطان هيثم شقيقان هما، شهاب بن طارق، وأسعد بن طارق، ووالده طارق بن تيمور، عم السلطان الراحل قابوس بن سعيد.