العين (الاتحاد) - يظن البعض أن مهنة أمين المكتبة من أسهل المهن وأبسطها، وأن مهمته تقتصر على إعارة الكتب والقصص للطلبة واستلامها منهم بعد قراءتها؛ لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، فلأمين المكتبة مهام عدة، ودور فاعل ليس فقط على نطاق المدرسة، بل على نطاق المجتمع ككل، توضحه عائشة الشامسي، التي تعمل أمينة مكتبة في مدرسة شيخة بنت سرور للتعليم الأساسي (ح1) في مدينة العين. قيمة كبيرة عن دراستها، وسبب اختيارها للعمل أمينة مكتبة، تقول الشامسي «عندما كنت طفلة كنت أتخيل نفسي دائماً معلمة، بل وأمثل الدور أثناء لعبي مع صديقاتي، وعندما صرت في المرحلة الثانوية التحقت بالقسم الأدبي لأن ميولي كانت أدبية، وبعد إنهائي الدراسة الثانوية، تزوجت وأنجبت طفلتي الأولى ريم، ومن ثم أكملت دراستي الجامعية في كلية العين العلمية، واخترت تخصص التربية الإسلامية بتشجيع من زوجي، وتخرجت فيها حاصلة على دبلوم إعداد معلمين تخصص تربية إسلامية». وتضيف «بعد تخرجي بعام قرأت في إحدى الصحف إعلاناً يطلب أمينات مكتبات، وبما أني أعشق القراءة منذ صغري تحمست لهذه الوظيفة وتقدمت لها على الرغم من أني أجهل مهامها ولم أدرس دراسة تؤهلني لها، وكم كانت فرحتي كبيرة حين تم قبولي بها لما تحمله هذه الوظيفة من قيمة كبيرة في صروح العلم، حيث إنها تعد النبع الذي يمد هذه الصروح بالعلوم والمعارف المختلفة». وتوضح «من أجل أن أتعرف إلى دور أمينة المكتبة ومهامها ومسؤولياتها قرأت الكثير عبر الإنترنت، وقمت بزيارات لأمينات مكتبات في مدارسهن لأطلع على تجربتهن العملية، كما خضعت لدورات عدة من قبل مجلس أبوظبي للتعليم، كان آخرها حصولي على شهادة إنجاز في مهارات معلم مركز مصادر التعلم من كلية التقنية للبنات»، مشيرة إلى استبدال مسمى مكتبة مدرسية بمركز مصادر التعلم، كما تم استبدال مسمى أمينة المكتبة بأخصائية مصادر التعلم. مفهوم شامل تشير الشامسي إلى أنها عينت بداية كأمينة مكتبة في مدرسة زاخر التأسيسية، حيث عملت فيها لمدة عام، ثم انتقلت بحكم انتقال مكان سكنها إلى مدرسة شيخة بنت سرور للتعليم الأساسي ح1، والتي تعمل فيها منذ 10 سنوات مضت، تم خلالها استبدال مسماها الوظيفي إلى أخصائية مصادر التعلم، وتعلل الشامسي سبب تسمية المكتبة بمركز مصادر التعلم، قائلة «مركز مصادر التعلم لم يعد مقتصراً على المواد المطبوعة كالكتب والقصص والمخطوطات كمصدر وحيد للتعلم، بل أصبح هذا المركز يحتوي على مصادر متعددة للتعلم منها المواد المطبوعة وتشمل الكتب والمراجع والخرائط والدوريات والصحف والمجلات، والمواد غير المطبوعة والتي بدورها تنقسم إلى مواد سمعية وهي المصادر التي تتم الاستفادة منها عن طريق حاسة السمع فقط ولا يتدخل البصر فيها مثل الأسطوانات والأشرطة الصوتية، ومواد بصرية وهي المواد التي تتم الاستفادة منها عن طريق حاسة البصر، أي يمكن رؤيتها لا سماعها مثل المجسمات والرسوم التعليمية والشرائح بمختلف أنواعها، ومواد سمعية بصرية وهي المواد التي يعتمد في استقبالها على حاسة السمع والبصر معاً في وقت واحد مثل الأفلام السينمائية، والبرامج التلفزيونية، والتسجيلات المرئية». مهام متعددة حول المهام التي تضطلع بها الشامسي، تقول «مهامي عديدة تتمثل في تجهيز مركز مصادر التعلم لاستقبال الزائرين وتجهيز أركانه المختلفة، فالمركز مقسم إلى أركان عدة وهي ركن القراءة، وركن الكمبيوتر، وركن التلفاز، وركن الاستماع، وركن النشاط، وركن التمثيل، وأقوم بإعداد السجلات الخاصة بمركز مصادر التعلم ومستخدميه مثل سجل الاستعارة وسجل المترددين، وأسجل المصادر المطبوعة وغير المطبوعة في السجلات الخاصة بها وتصنيفها على نظام ديوي العشري، وأضع جدولاً ثابتاً، وجدولاً مرنا لاستقبال الطالبات وتنفيذ الحصص بالتعاون مع المعلمات، وأعرض القصص وأرويها للطالبات، وأضع سياسات خاصة باستخدام المركز، وأقوم بالجرد السنوي لمركز مصادر التعلم ومحتوياته». وحول مهامها المتعلقة بالطالبات، تقول «أعمل على تنفيذ العديد من البرامج المتنوعة لتشجيعهن على القراءة وحب الاطلاع، وتنفيذ برنامج «القراءة متعة» بالتعاون مع معلمات اللغتين العربية والإنجليزية، وتنفيذ مشروع شيخة بنت سرور للأديبات الصغيرات، الذي يهدف إلى تشجيع وتنمية المواهب الكتابية لديهن، وأطرح مجموعة من المسابقات المتنوعة لتشجيع الطالبات على القراءة والبحث مثل مسابقة «أفضل قارئة»، ومسابقة «أكثر مترددة على المركز»، وأيضاً أقوم بالتنسيق مع مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الديني الثقافي بإلحاق الطالبات ببرنامج القراءة المطروح من قبل مكتبة الأجيال الثقافية، ومشاركة صديقات مركز مصادر التعلم في تنفيذ ورش عمل في مدارس مختلفة، واختيار صديقات المركز وتقسيمهن في لجان مختلفة، واستخدام مسرح العرائس كعامل جذب للطالبات، وتنفيذ العديد من الزيارات المختلفة، وتنسيق مشاركة الطالبات في فعاليات أسبوع المكتبات والذي يتم تنفيذه سنوياً، وتشجيع الطالبات على الاستعارة اليومية من مركز مصادر التعلم، وتلخيص ما قرأن». علاقة متينة توضح الشامسي أن فتح باب الاستعارة للمعلمات، بهدف تشجيعهن على القراءة عبر عقد مسابقات لتوظيف مركز مصادر التعلم في تدريسهن، وهو من أهم مهامها تجاه المعلمات اللواتي تربطهن بها علاقة يشوبها التعاون والاحترام المتبادل، أما أولياء الأمور فتحرص على التواصل الدائم معهم من خلال الاجتماعات والرسائل، وعبر إرسال مطويات مختلفة لهم خاصة بأنشطة تخص مصادر التعلم، مع فتح باب الاستعارة للأمهات، وطرح مسابقات متنوعة تخص أولياء الأمور مثل مسابقة «الأم الراوية»، بالإضافة إلى تجهيز ركن حديقة المعارف خارج المركز الخاص بأولياء الأمور والذي يحتوي على كتب ومجلات متنوعة. وترى الشامسي أن مراكز مصادر التعلم هي روح المدرسة، وهي ركيزة التغيير في سياسة التعليم، وهي المحور الذي ترتكز عليه المدارس في تنمية مهارة البحث عن المعلومات والتعلم الذاتي. وتعبر الشامسي عن سعادتها بعملها ورضاها التام عنه لما فيه من مزايا تذكرها قائلة «لعملي مزايا كثيرة، فأنا من خلاله أسعى لنشر ثقافة القراءة بين فئات المجتمع المدرسي والمحلي فنحن أمة اقرأ، كما أنني أقوم بتنفيذ عدد من البرامج والمشاريع الخاصة بالقراءة، والأجمل أنني أغرس عادة حب القراءة والمطالعة في نفوس طالباتي وتنميتها ليس من خلال الكتاب فقط بل من خلال مصادر عدة موجودة في مركز مصادر التعلم، منها السبورة الذكية والمسرح، كما أن عملي يتيح لي التعامل مع مختلف شرائح المجتمع، ويكسبني علاقات اجتماعية، وقدرة على التواصل الجيد». إنجازات وجوائز عن أبرز إنجازاتها كأخصائية مركز مصادر التعلم، تقول «من خلال عملي قمت بتنفيذ العديد من ورش العمل في المدرسة وفي مدارس أخرى، وشاركت عدداً من أمينات مراكز مصادر التعلم في فعاليات أسبوع المكتبات الذي ينفذ مرة كل عام دراسي، كما قمت بتنفيذ عدد من ورش العمل في مهرجان «العين تقرأ»، والمشاركة في مجموعة من الملتقيات التربوية، وتنفيذ بعض الدورات في مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الديني الثقافي، كما أنني حصلت على جائزة أفضل مركز مصادر تعلم على مستوي منطقة العين التعليمية في العام الدراسي 2008- 2009، وجائزة أفضل معلم مركز مصادر تعلم المطروحة من قبل مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الديني الثقافي للعام الدراسي 2009- 2010، كما أنني قدمت مشروع نادي شيخة بنت سرور للأديبات الصغيرات لجائزة حمدان بن راشد للأداء التعليمي فئة المشروع». وتلفت الشامسي إلى أن عملها أكسبها العديد من الخبرات والمعارف المختلفة، ونمى في داخلها روح التحدي والمبادرة، وعمق علاقتها القديمة بالكتاب تلك العلاقة القديمة الحديثة التي غرسها فيها والدها منذ الصغر، لافتة إلى أن عملها في المدرسة يهدف إلى خلق جيل قارئ ومثقف. وتؤكد ضرورة أن يقرأ الأهل لأبنائهم القصص والكتب، وأن يشجعوهم على القراءة بأنفسهم ويحسنوا اختيار ما يناسب سنهم وميولهم، وأن يقرأوا أمامهم ليربوا على هذه السنة الحميدة.