سيد الحجار (أبوظبي)

أكد رجال أعمال وأصحاب شركات عدم الاستغناء عن العمالة لديهم، نتيجة الظروف التي فرضتها المرحلة الراهنة جراء انتشار وباء «كورونا» المستجد، موضحين أن الظروف الراهنة تتطلب تكاتف الجهود لتجاوز الأزمة.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد» إن تقديم المزيد من التسهيلات والحوافز للقطاع الخاص، يساعد الشركات على الاحتفاظ بالعمالة، في ظل تقديم حزم دعم إداري للمنشآت والعمال.
وأوضحوا أن كثيراً من الشركات تأقلمت مع قرارات العمل عن بُعد، والذي شمل العاملين كافة الذين لا تتطلب مهامهم الوظيفية وجودهم في مقر العمل، ما عزز من استقرار العمالة لديها، فيما وفر البرنامج الوطني الذي أطلقته وزارة الموارد البشرية والتوطين، لدعم استقرار سوق العمل في القطاع الخاص حلولاً عدة للتعامل مع موظفي الشركات الخاصة المتأثرة بالإجراءات الاحترازية، لاسيما الخاصة بإمكانية «تدوير» العمالة بين الشركات.
وتشمل هذه الحلول إمكانية التعاقد المؤقت من خلال توظيف العمالة الفائضة من الشركات الأخرى سواء بالانتقال المؤقت أو لبعض الوقت، وتسجيل العمالة الفائضة في منصة سوق العمل الافتراضي، لتوفير فرص خارج المنشأة، مع الالتزام بتوفير جميع الالتزامات التعاقدية لحين الانتقال لجهة عمل أخرى.
كما تتضمن الحلول إمكانية تعديل عقد العمل بشكل مؤقت خلال فترة تطبيق الإجراءات الاحترازية بالتراضي بين الطرفين وبما يراعي الظروف الحالية، فضلاً عن السماح بمنح العامل إجازة من دون راتب خلال فترة التوقف عن العمل بسبب الإجراءات الاحترازية (في حال الاتفاق بين الطرفين).

العمل عن بُعد
وأوضح بدر فارس الهلالي رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات أن كثيراً من العاملين بالقطاع الخاص تأقلموا مع استراتيجية العمل عن بُعد في كثير من القطاعات، ما عزز من استقرار العمالة.
وأضاف أن مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات تباشر القيام بأعمال خاصة بالحراسة والصيانة والتنظيف والتعقيم، خلال هذه الفترة، ما دفع المجموعة، والتي تنتشر أعمالها في قطاعات عدة، للاستفادة من هذه العمالة المتوافرة لديها في الأنشطة التي تشهد زيادة في الأعمال، وبالتالي لم تلجأ لإنهاء خدمات أي عامل أو موظف.
وأوضح الهلالي أن الظروف الحالية تتطلب تضافر الجهود من الجميع بما يساعد على تجاوز هذه الظروف الاستثنائية، مشيرا إلى ضرورة النظر في إمكانية إعفاء المصانع من إيجار الأراضي الصناعية لنحو 3 أشهر، في ظل تضرر الكثير من المصانع بأبوظبي خلال هذه الفترة من تباطؤ الأعمال، وبما يساعد هذه المصانع على الاحتفاظ بالعمالة المتوافرة لديها.
وأضاف أن الشركات الخاصة مهتمة بالاحتفاظ بالعمالة لديها، لاسيما أن فترة ما بعد «كورونا» ستشهد نشاطا ملحوظا في كثير من القطاعات مع عودة الطلب وتعطش السوق، مؤكدا أهمية الإجراءات والحلول البديلة التي وفرتها وزارة الموارد البشرية والتوطين للاحتفاظ بالعمالة من خلال إمكانية تعديل عقد العمل بشكل مؤقت خلال فترة تطبيق الإجراءات الاحترازية بالتراضي بين الطرفين.

خيارات عدة
قال عتيبة بن سعيد العتيبة، رئيس مجلس إدارة مشاريع العتيبة إن تأكيد الحكومة مؤخرا على استمرار الأعمال ومواصلة جميع المشاريع الرأسمالية والتنموية المعتمدة في أبوظبي، يدعم استقرار العمالة بالقطاع الخاص، ويساعد الشركات على الاحتفاظ بالعمالة لديها.
وأوضح العتيبة أن هناك عمالة لم تتأثر بتراجع النشاط الاقتصادي الحالي، وبالتالي تستمر أعمالها من دون تخفيض، فيما تأثرت عمالة أخرى، والتي ترتبط أعمالها بعقود تم إلغاؤها مع جهات أخرى، مشيرا إلى أن المجموعة تسعى للاستفادة من هذه العمالة في قطاعات أخرى.
وأكد أن توفير خيارات أخرى أمام الشركات الخاصة تتمثل في إمكانية منح العامل إجازة من دون راتب أو تخفيض الرواتب بنسبة معينة، يقلص من لجوء الشركات إلى خيار إنهاء الخدمات، رغم أن الشركات تتحمل في هذه الحالة تكاليف أخرى للعامل مثل السكن وتوفير الوجبات الغذائية في بعض الأوقات.
وأشار العتيبة إلى أن إتاحة فرص «تدوير» العمالة بين الشركات من خلال منصة العمل الافتراضي التي وفرتها وزارة الموارد البشرية والتوطين، يعزز من فرص الحفاظ على العمالة، مؤكدا أن الشركات من مصلحتها الاحتفاظ بالعمالة، لاسيما الماهرة والمتخصصة، لاسيما أنه من المتوقع أن تشهد كثير من الأنشطة الاقتصادية تحسنا في الأداء بعد انتهاء الأزمة، حيث ستكون هناك حالة من التعطش بالأسواق في كثير من القطاعات.

مسؤولية مشتركة
إلى ذلك، أوضح رجل الأعمال عبدالواحد المرزوقي أن الظروف الاستثنائية الحالية تتطلب تحمل كافة الأطراف لمسؤوليتها، وهو ما يستدعي وجود صيغة للتفاهم بين صاحب العمل والموظفين، بحيث يقدم كل منهما تنازلاً بنسبة ما.
وأضاف أنه لا يمكن تجاهل تضرر بعض أصحاب العمل من توقف أنشطتهم تماما، لاسيما أصحاب المطاعم والمحال التجارية بالمولات ووجهات الضيافة والشركات المرتبطة أعمالها بقطاع الطيران والسياحة، ومن ثم فإن صاحب العمل هنا ربما لن يستطيع سداد كامل الراتب للموظف، وهنا فإن الموظف بدوره لا يجب أن يصر على استلام كامل الراتب، في حالة طلب صاحب العمل خفض الراتب بنسبة 30% أو 50%، فالضرر واقع على الجميع، وكل شخص يجب أن يتحمل جزءاً من تبعات الأزمة.
وأضاف أن العامل أو الموظف من جانبه عليه التزامات وقيمة إيجار ومصاريف أسرة، ولذلك فإن صاحب العمل بدوره يجب أن يراعي مثل هذه الظروف، ويقدم تضحيات لاسيما بعد استفادته كثيرا من الدعم المتواصل للقطاع الخاص، بحيث يتحمل سداد جزء من راتب العامل إذا كانت أوضاعه تسمح بذلك، أو يقلص قدر المستطاع الفترات التي قد يضطر لمنح الموظف إجازة من دون راتب خلالها.
وأكد المرزوقي أنه في مثل هذه الظروف لا يجب أن ينظر أي شخص لتحقيق مكاسب كاملة على حساب الآخرين، بل يجب أن يقدم كل شخص تنازلاً بنسبة ما، حتى يتم تجاوز الأزمة، لأن انهيار أي حلقة من حلقات الاقتصاد خلال الأزمة، سيعود بالضرر على الجميع.
وأوضح المرزوقي أنه لم يلجأ لإنهاء خدمات أي من العاملين معه بعدد من محال الذهب والمجوهرات، رغم توقف تدفق العوائد النقدية، مشيرا إلى أن الشركات الخاصة وأصحاب العمل لن يستطعيوا تحمل الكثير من التبعات إذ استمر الوضع طويلا، وهو ما يتطلب من ملاك العقارات وأصحاب المراكز التجارية بضرورة القيام بدورهم فيما يتعلق بإعفاء المستأجرين من الإيجار لمدة 3 أشهر على الأقل، وبما يساعد أصحاب المحال على الاحتفاظ بالعمالة لديهم وسداد رواتبهم أو نسبة منها، فضلا عن ضرورة تسريع كافة البنوك في تطبيق التسهيلات المعلن عنها لإعفاء المستثمرين من سداد الأقساط لمدة 3 أو 6 أشهر.
وأشار المرزوقي إلى أهمية المبادرات المعلن عنها مؤخرا من وزارة الموارد البشرية والتوطين في توفير حلول عملية للتعامل مع الأزمة عبر توفير خيارات لتعديل العقود وبالتراضي بين الطرفين، من دون اللجوء «للفصل التعسفي».