حوار: مصطفى عبد العظيم
أكد عبد الوهاب تفاحة، الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي، أهمية قيام الحكومات العربية بالعمل على الإعداد لشبكة أمان، لمساعدة قطاع الطيران العربي على مواجهة الآثار الصعبة التي تسبب فيها تفشي وباء كورونا المستجد «كوفيد-19»، والتي كبدت شركات الطيران العربية أكثر من 10 مليارات دولار خسائر مباشرة في إيراداتها خلال الربع الأول من هذا العام.
وكشف عبدالوهاب تفاحة، في حوار مع «الاتحاد» عبر الهاتف، عن الوضع الصعب الذي تمر به صناعة النقل الجوي في العالم، وكذلك صناعة السياحة والسفر بوجه عام، مشيراً إلى أن هذه الأزمة غير المسبوقة دفعت حكومات لإغلاق مطاراتها، ووقف العمليات التشغيلية للناقلات الجوية، كإجراءات وقائية ضمن جهود الحد من انتشار «كوفيد19-»، ما نتج عنه حتى الآن وقف تشغيل نحو أكثر من 800 طائرة من أسطول الناقلات العربية البالغ 1400 طائرة، أو ما يعادل نحو %57.1 من إجمالي الأسطول.
وأوضح عبد الوهاب تفاحة، الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي، أنه وفي ضوء عدم بروز أي مؤشرات على انتهاء هذه الأزمة حتى الآن، فإن من المتوقع أن تتفاقم الخسائر التي يمكن لشركات الطيران العربية أن تتكبدها، وكذلك في قطاع السياحة والسفر العربي، الذي سجل هو أيضاً تراجعات في إيراداته بلغت 25 مليار دولار، منها 10 مليارات دولار خسائر مباشرة لشركات الطيران في الإيرادات، وليست خسائر محققة.
وشدد تفاحة، على أن الأزمة الكبرى التي يعاني منها الجميع حالياً، وليس قطاع الطيران، هي أزمة السيولة، مؤكداً أن الأولوية الراهنة لقطاع الطيران، تتمثل في التمكن من المحافظة على استمرارية عمل الكوادر العاملة في القطاع، كونهم كفاءات محترفة تتمتع بخبرات طويلة اكتسبتها عبر سنوات من التدريب والعمل، فضلاً عما يمثلونه من أصول مهمة لشركات الطيران، لا يمكن الاستغناء عنها.
سنة للتعافي
وفيما أعرب الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي، عن أمله في أن تنتهي هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن، ولكنه أشار إلى أنه حتى بعد الخروج منها بعد السيطرة على الوباء ومصدره والوقاية منه، والتأكد من أنه لا توجد بؤر جديدة أو تتجدد في الأماكن التي صدر منها، فإن صناعة الطيران ستكون بحاجة لعام أو أكثر للعودة إلى الوضع الطبيعي.
شبكة أمان
وأوضح تفاحة أنه: لكي نستطيع تجاوز هذه الأزمة، قام الاتحاد العربي للنقل الجوي بالتواصل مع الحكومات العربية، واقترحنا عليها مجموعة من الخطوات التي يمكن أن تشكل شبكة أمان لهذا القطاع، الذي يسهم في الناتج المحلي للعالم العربي بنحو 7.8% وهي نسبة ضعف مساهمته العالمية، وتعتمد عليه ما لا يقل عن مليون وظيفة بشكل مباشر أو غير مباشر، فيما يصل العدد إلى ملايين الوظائف في قطاع السياحة والسفر، الذي يوفر ملايين الوظائف الموسمية خلال مواسم السياحة، سواء للأغراض الدينية أو الأغراض الثقافية والترفيهية، لافتاً إلى أن هذه الوظائف مهددة الآن وليست في أمان.
وأشار إلى أن الاقتراحات التي قدمها الاتحاد لحكومات الدول العربية، لتشكيل شبكة أمان لحماية القطاع، ركزت على أهمية اعتماد حوافز مالية واقتصادية لشركات الطيران، واعتماد بعض الإجراءات أيضاً لتخفيف العبء عليها كمنح إعفاءات ضريبية لمدة عامين، وإعفاءات على رسوم الاستيراد للمكونات التي تستخدمها شركات الطيران، وتخفيض أو إعفاء من رسوم المطارات، وكذلك منح النشاط الترويجي للسياحة والسفر حوافز، وتخفيف ضوابط التأشيرات أو إلغاؤها لجنسيات تحددها الدول، بالإضافة إلى المساعدة في تغطية تكاليف إجراءات عمليات التعقيم، التي تقوم بها الشركات الضرورية للطائرات والمعدات الأخرى.
وفيما يتعلّق بالوضع المالي للشركات، شجّع الاتحاد العربي للنقل الجوي الحكومات العربية، على تقديم دعم مالي سريع لشركات الطيران، من أجل حماية أكثر من 150 ألف أسرة تعتمد في معيشتها على شركات الطيران التي توظفها. وفيما يخص دفع المستحقات للمقرضين ومزودي الخدمات، طلب الاتحاد العربي للنقل الجوي دعم الحكومات العربية والشركاء الآخرين المعنيين بمجال الطيران، بالطلب من المقرضين وموردي الخدمات، توفير فترة سماح لشركات الطيران قبل استئناف تسديد المدفوعات، والامتناع عن اتخاذ أية تدابير ضدها في الوضع الحالي، إلى أن يعود النقل الجوي إلى وضعه الطبيعي.
كما دعا الاتحاد من الحكومات إلى مطالبة مشغلي المطارات ومقدمي خدمات الملاحة الجوية، بإعفاء شركات الطيران من دفع رسوم إيواء الطائرات، وأيضاً إلغاء أو تخفيض الرسوم الأخرى لاستخدام المطارات والمجال الجوي.
حقوق المسافرين
فيما يتعلق بالمسؤوليات ضمن إطار قوانين حقوق المسافرين، طلب الاتحاد العربي للنقل الجوي من الحكومات، إعفاء شركات الطيران بشكــلٍ مؤقت من قوانين حقوق المسافرين، نظراً لأن الوضع الحالي يعتبر قوة قاهرة، ويشترط إلغاء رحلات ضمن مدة زمنية قصيرة.
أما فيما يخص قواعد الخانات الزمنية، فقد طلب الاتحاد دعم الحكومات، بإعفاء شركات الطيران من أي قواعد قد تكون مطبقة في المطارات العربية، فيما يتعلق بالخانات الزمنية.
ولفت عبد الوهاب تفاحة، الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي، إلى قيام العديد من دول العالم بمساندة شركات الطيران وقطاع النقل الجوي بها خلال هذه المحنة الصعبة، فالولايات المتحدة الأميركية مثلاً خصصت أكثر من 200 مليار دولار حوافز لقطاع الطيران، ضمن حزمة دعم إجمالية للاقتصاد الأميركي بلغت تريليوني دولار، فيما أصدر الاتحاد الأوروبي أيضاً قراراً مهماً لإفساح المجال أمام الحكومات للقيام بدعم قطاع الطيران فيها ومساعدته على تجاوز هذه الأزمة، بعد تعليق العمل بقانون يمنع مساعدة شركات الطيران في أوروبا.
وقال تفاحة: إن هذه المساعدات تسهم في إيجاد شبكة أمان لملايين الوظائف التي تعتمد على صناعة النقل الجوي، خاصة وظائف القطاع ذاته، وهي وظائف مهنية احترافية احتاجت سنوات للتطوير، وأيضاً المساهمة في عودة القطاع للتعافي سريعاً بعد الخروج من هذه الأزمة، لأن البلدان العربية تعتمد عليه كمساهم رئيس وجوهري في عملية التنمية.
وأعرب تفاحة عن تفاؤله بعودة قطاع الطيران للازدهار مجدداً، ولعب دوره الطبيعي في عملية التنمية المستدامة، وأن يظل عنصراً فاعلاً في تنمية المجتمعات في العالم العربي، بعد تجاوز هذا الوضع المأساوي الذي يمر به العالم. ونوه تفاحة بالمبادرات التي تقوم بها شركات الطيران العربية، وشركات الطيران حول العالم لخدمة ركابها قدر الإمكان في ظل الوضع الحالي، بعد أن تنازل عدد من شركات الطيران عن أي رسوم تتعلق بإلغاء الركاب لرحلاتهم، أو إعادة الحجز أو طلبات أخرى ضمن حالات القوة القاهرة.