زيارة عمتي أوقظت في النفس الكثير من الحنين وخاصة إلى علاقات بدأنا نغفلها في زحمة الحياة. الحياة التي لم تعد صلة الرحم أهم جزء فيها؛ والتي هي جزء من العلاقات الاجتماعية الإنسانية القائمة عليها حياتنا، فكيف وإن كانت هذه العلاقات تجري في دمائنا وأوصت بها عقيدتنا. لا أحد يستطيع أن يختار أخيه ولكن بالامكان اختيار الأصدقاء، وجودهم بالقرب منا ينسينا الوصل، لا لشيء لكن لأننا ندرك أنهم سيكونون موجودين عند الحاجة. هم كالنخيل في قلوبنا ننسى أنهم بحاجة إلى الماء من فترة لأخرى؛ ودائماً ما نعلل أنهم موجودون «على البال». نتحجج بالانشغال الدائم، ونعزي أنفسنا بالاتصال النادر، أو المسج المفقود. عمتي هذه المرأة الستينية هي لا تستطيع أن تقرأ «ما تفك خط»، لكنها تحمل الكثير من الشهادات والتقديرات بعيون أخواتها وأبنائهم، في كلامها حكم الماضي، وعلى لسانها ذكر الله وقصص الحنين، كيف لي أن أبعث لها برسالة نصية أتفقد فيها أحوالها وهي التي لا تقرأ، حتى الأرقام لا تعرف كيف تنقرها؛ كل ما تعرفه هو صوت المتصل. متى سوف تنتهي أعمالنا ومشاغلنا؟! لا أحد يعلم، متى سوف نلتفت إلى العم والعمة والخال والخالة وابنائهم، وجيراننا، وأصدقائنا؟! «خلوها للظروف»!. هم الأهل في مفهومنا، هم «السند» و»العزوه»، هم نحن، تجمعنا الأفراح وتجمعنا الأحزان وتفرقنا الظروف والنفوس المريضة. تصل علاقتنا الحالية لحد «القطيعة»، ولقاءاتنا تكون في كثير من الأحيان محض الصدفة البحتة. يجب أن نسقي علاقتنا ببعضنا البعض بالوصل. لا أحد يعلم إلى متى سوف يحيا، ولكن نعلم أننا نحيا وما الحياة إلا أهل وأحباب وأصدقاء ووصل. لا تعيش على هذه الدنيا وقلبك يفتقد لنبضة قد تكمل عليه بهجته، صل رحمك، وراض ربك، وإعلم أنَّ الحياة قصيرة، فلا تعش بجفاء وأفتح باب التسامح. عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه». أمينة عوض ameena.awadh@admedia.ae