ملتقى السمالية الربيعي يجني ثمار أنشطته المتميزة
اختتم ملتقى السمالية الربيعي الذي يقيمه نادي تراث الإمارات دورياً، بتوجيه من رئيسه، سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب رئيس الدولة، حفظه الله، جملة من الفعاليات استمرت ثلاثة أسابيع من 18 ديسمبر الماضي حتى 5 يناير الجاري بمشاركة أكثر من 700 طالب وطالبة، وشهدت تنويعاً في الأنشطة التي تضمنتها، بما يوافق الأهداف المرسومة.
خصص الأسبوع الأول لمجموعة الطلبة الذين تلقوا تدريبات في مختلف المندرجات التراثية، إضافة إلى جرعات مكثفة من الترفيه الموجه المنسجم مع أهداف النادي وتطلعاته في ترسيخ الصلة بين أجيال الحاضر ومناقبيات الماضي، فيما خصص الأسبوع الثاني لفتيات نادي التراث اللواتي تلقين دروساً توعوية في مناشط شتى.
أما الأسبوع الثالث فشهد حصاد التجربة الثرية للملتقى عبر دوراته المتلاحقة حيث استضافت جزيرة السمالية التي تحتضن الفعاليات خريجين سابقين في ملتقيات سابقة اغتنت تجاربهم بفعل تطورهم العمري، ليتلقى هؤلاء، وبينهم من تعود صلته بالنادي وأنشطته إلى العام 1993، دروساً في كيفية توجيه الطلبة الجدد، وتلقينهم أسس التواصل مع المخزون التراثي لدولتهم، وقد حصل كل ذلك تحت شعار: «قيادة الشباب للشباب»، ويوضح سعيد علي المناعي، مدير إدارة الأنشطة في نادي التراث، أن نشاط الأسبوع الثالث يندرج في خانة «برنامج النخبة».
وهو يهدف إلى تهيئة الشباب ليكونوا مدربين مساعدين، على أمل أن يصبحوا جاهزين لتولي شؤون الإشراف على الناشئة في الوقت الملائم، وذلك في سياق التواصل المثمر بين الأجيال.يكشف المناعي أن الشباب تلقوا خلال الأسبوع الثالث جملة من البرامج التدريبية تتعلق بكيفية التعامل مع الطلبة على مختلف الصعد، ومنها الإسعاف الأولي والإطفاء، وسواها، إضافة إلى أصول التعامل مع الفريق، وإدارة الاجتماعات، والمهارات الإدارية المختلفة، ككتابة التقارير وغيرها من الإجراءات المرافقة، كذلك تم التأكيد على السلوكيات اليومية التي يجدر بالطلبة ممارستها والتعود عليها، مثل التفتيش الصباحي، وتنظيف الملابس، وترتيب الأسرة وسوى ذلك من الاهتمامات الحياتية الروتينية.
جسور ثقة
كذلك اهتم القيمون على برنامج النخبة بتعزيز التواصل بين الشباب الذين يأتون من أماكن مختلفة، حيث جرى التركيز على بناء جسور ثقة وتعارف في ما بينهم، وذلك تحقيقاً لأهداف الدولة القائمة في ترسيخ وحدة أبنائها ومواطنيها.
يضيف محدثنا أن الشباب كانوا في غاية التجاوب مع البنود التلقينية التي خضعوا لها، وهم أدركوا أهمية الفرد في الارتقاء بالعمل الجماعي، كما ابدوا التزاماً وتطبيقاً ناجحاً لمقولة: «الكل يعمل والمجموعة تفوز».
ويحدد نسبة النجاح التي أدركتها التجربة بـ70?، متوقعاً أن تشهد ارتفاعاً مضطرداً في المواسم المقبلة.
أوسمة تمهيدية
توقف المناعي عند فكرة الأوسمة التي منحت للمشاركين من الشباب، حيث يصفها بالفكرة الرائدة، وقد جرى منح الشباب أوسمة تمهيدية في إشارة إلى دورات لاحقة تؤهل الشاب الذي تربى في أحضان النادي سنوات طويلة ليكون مساهماً في إكمال المسيرة، ومساعداً على انتقال الرسالة من جيل إلى جيل، كما أشار محدثنا إلى أن الحوافز المعنوية التي قدمت للشباب كانت مثمرة، وقد نجحت في جعلهم على مستوى المسؤولية، وفي تشجعيهم على الالتزام بمتطلبات المهام الموكولة اليهم، والتي ستكون أكثر جذرية في المستقبل، مثمناً الدور المثمر الذي لعبه القيمون على الورشة التدريبية، وفي مقدمهم المشرف الدكتور ماهر القيسي، وهو يشغل وظيفة مستشار تربوي في إدارة الأنشطة في نادي التراث.
جائزة الأسر
في الحديث عن نشاط الملتقى الربيعي بشكل عام يوضح المناعي أنه اتسم بقدر وافر من الرضا والنجاح، وكان لأسر الطلبة المشاركين النصيب الكبير من ثماره، حيث جرى تعريفها إلى جزيرة السمالية التي تمثل إحدى الثروات الجغرافية الرائدة، وقد شكلت معيناً لا ينضب من المفاجآت لزوارها الذين دهشوا بما تشتمل عليه من مقومات جمالية مبهرة، كما أبدى الأهالي إعجابهم بالأسلوب المعتمد في التعامل مع أولادهم خلال فترة وجودهم في الجزيرة، وهو ما جعلهم مطمئنين إلى سلامتهم.
أنشطة جاذبة
المناعي يؤكد أن أنشطة الملتقى التي كانت معظمها في الهواء الطلق لم تدفع المنظمين إلى التخلي عن واجباتهم تجاه الطلبة في ما يخص الوجبات الصحية، والعناية الطبية المتواصلة، وقد حازت الفعاليات التدريبية والترفيهية على قبولهم وانسجامهم، خاصة السباحة التي بلغ معدلها اليومي بالنسبة لمعظمهم حوالي الخمسة كيلومترات، والمقناص الذي أغوى الكثير من الطلبة بالحصول على طيور ملائمة للقنص، وسوى ذلك من الأنشطة الجاذبة التي أقبل عليها المشاركون في الملتقى بكثير من الشغف والاهتمام.
ولم يقتصر الأمر على الذكور، حيث كانت للفتيات حصتهن من الترفيه والتثقيف فتلقين الكثير من المعطيات البيئية، ومن المعلومات التراثية الخاصة بالإناث، وقد أبدين الكثير من التجاوب، وأبدعت بعضهن في تنفيذ ما تعلمنه بما يفوق التوقعات.
فريق السباحة
في سياق أنشطة الملتقى كان معسكر تدريبي في السباحة استمر طيلة أسابيع ثلاثة، وهو يهدف كما، يوضح رئيس قسم الأنشطة الشبابية في نادي تراث الإمارات، أحمد عبدالله الحوسني، إلى إعادة تكوين فريق السباحة في النادي، وتأهيله للمشاركة في الدورات المختلفة، وذلك بعد أن شهد الفريق بعض التداعيات جراء تسرب بعض أعضائه.
الحوسني يكشف عن بعد احترافي في مجال تدريب السباحين ودفعهم للتفوق، ذلك أن المسبح المخصص للتدريب في جزيرة السمالية هو مسبح أولمبي بطول 50 متراً، وعرض 25، وقد جرى تجهيزه بكل مستلزمات المسبح الدولي، الأمر الذي يمنح المتدربين فرصة كسر الحواجز مع المسابقات الرسمية، حيث يكونون قد اعتادوا اجواءها وتفاعلوا مع مختلف الإجراءات المعتمدة فيها خلال مرحلة التدريب.
مسبح أولمبي
الحوسني يكشف أن المتدربين من الطلبة توزعوا على ثلاث فئات: الصغار من عمر ستة إلى عشر سنين، الناشئة: بين العاشرة والستة عشر، والكبار: أكبر من ست عشرة سنة. رئيس قسم الأنشطة الشبابية يوضح أن المرحلة الأولى من التدريب تخللها بعض الإرباك حيث كان على الطلبة أن يواجهوا مشكلة عدم التأقلم مع النشاط، خاصة أنها المرة الأولى لهم في التعامل مع مسبح أولمبي، ولكن أمكن تخطي العقبات خلال ثلاثة أيام، حيث كان للتمرين المستمر والمدروس أن يذلل الصعوبات، وقد صار بوسعهم اجتياز المسافة الأسبوعية المقررة، والمحددة ب35 كلم سباحة. ويوضح الحوسني أن المسألة لا تتعلق بالتدريب العملي وحده، بل هناك أجواء حياتية متكاملو يقتضي وضع المتدرب في إطارها، ومنها مثلاً الاستفادة من الأجواء الطبيعية المتوافرة في الجزيرة، حيث جرى ابعاد الطلبة عن الأجواء الاعتيادية من متابعة التلفزيون والاستغراق في النت، وهنا يدعو محدثنا إلى التوقف ملياً عند صعوبة مثل هذا الإجراء بالنسبة لأولاد في مقتبل العمر، لكنه يوضح أن تنفيذه من شأنه أن يجعل الأذهان الفتية أكثر تركيزاً، وأن يمنحها فرصة الوجه نحو اهتمامات حياتية أخرى، كذلك الأمر بالنسبة لتعويد الأطفال على أسلوب الحياة بدون خدم، والاعتماد على أنفسهم في موضوع الاهتمام بشؤونهم الحياتية المباشرة، ليكتسبوا مراساً متقدماً في مهارات الحياة المختلفة.
أماس مثمرة
يروي الحوسني أن الطلبة افتقدوا للتلفزيون في الليالي الأولى، لكنهم لاحقاً صاروا يفضلون إمضاء الأمسيات برفقة مدربيهم يتحدثون معهم عن شؤون السباحة وشجونها، وعندما أحضر التلفزيون لاحقاً، جرى تخصيصه لأفلام تعليمية متخصصة بالسباحة نفسها، وقد فعل هذا الإجراء فعله، حيث اطلعوا على تجارب علمية في مجال الرياضات المائية، الأمر الذي منحهم فرصة تطوير مداركهم..
المصدر: أبوظبي