فاطمة عطفة (أبوظبي)

الحضارة الإنسانية مرتبطة بالكتاب وقراءته والاحتفاظ به ليشكل تراثاً وتاريخاً إنسانياً عبر الأجيال، وإذا كان شكل الكتاب تغير كثيراً من الألواح الحجرية مروراً بأوراق البردي حتى الكمبيوتر، فإن هذا التراكم المعرفي وأهميته في الانتقال والاستمرار في المجتمعات، يشكل قاعدة ثقافية بفضل وجود الكتاب وانتشار الطباعة وتأسيس المكتبات.
(الاتحاد) طرحت في هذا التحقيق سؤالاً على عدد من الأديبات حول أهمية وأثر الكتاب والقراءة.

تقول الروائية مريم الغفلي: علاقتي بالقراءة بدأت في مرحلة الطفولة مثل قصص «المكتبة الخضراء»، و«المغامرين الخمسة».. ثم بعد ذلك تطورت إلى المجلات مثل «العربي» و«المختار». كنت قارئة نهمة أقرأ كل ما يقع تحت يدي. أما أهم الكتب التي تأثرت فيها فكريا، فهناك روايات «أجاثا كريستي». وفيما بعد قرأت نجيب محفوظ، ثم شكسبير، ماركيز وخصوصاً «مئة عام من العزلة»، و«الحب في زمن الكوليرا»، وروايات إيزابيل اللندي، و«مدارات الشرق» لنبيل سليمان.
وحول قراءات مؤسسة «بحر الثقافة»، وما هي النتائج الإيجابية التي أفرزتها تلك القراءات، وأهم الروايات أو الكتب التي تمت قراءتها؟ أوضحت الغفلي قائلة: «القراءة ضمن مجاميع مؤسسة «بحر الثقافة» أعطتني الالتزام بالوقت والمكان والتحضير. استفدت من اللقاءات والاستماع أولا للنقاش فيما بيننا كمجموعة، والاستماع للآراء المختلفة. وكذلك استفدت من الأدباء والنقاد الذين استضافتهم المؤسسة. أما عن أهم الروايات التي ما زالت عالقة بذهني من قراءات المؤسسة، فهي رواية «بحر الصمت» لياسمينة خضرا، وهي أول رواية قرأتها من خلال المؤسسة. ورواية «الخيميائي» لباولو كويلو. ورائعة «العطر» لباتريك زوسكيند. كذلك «العمى» لجوزيه ساراماغوا. وهناك مجاميع روايات القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية.

«أيام» طه حسين
من جانبها، تقول د. هناء صبحي، الأستاذة في جامعة السوربون: «بدأت أهتم بالقراءة في الثامنة من عمري، وكنت أقرأ قصص الأطفال والناشئة، وشيئا فشيئا ازداد شغفي بالقراءة. ومن بين الكتب التي أثرت في حياتي مبكرا كتاب الأديب طه حسين «الأيّام» الذي زرع في تفهم الآخر وفهم ظروفه ومعاناته، فضلا عن استمتاعي بأسلوب طه حسين الرصين والعميق، ثم كتب سلامة موسى التنويرية عن المرأة والتربية، وقصائد نازك الملائكة، وبدر شاكر السيّاب، ورواية «مرتفعات وذرينغ» للروائية إميلي برونتي، فضلا عن الأدب الروسي متمثلا في كتب تولستوي ودوستويفسكي التي تحمل الكثير من المعاني الإنسانية الكبيرة.
وتضيف: بعد دراستي للغة الفرنسية وآدابها، بدأت رحلتي مع قراءة الكتب الفرنسية من روايات وشعر ومسرحيات ودراسات نقدية وفلسفية واجتماعية. وقد ترجمت إلى اللغة العربية أهم الكتب التي أثرت في تشكيل فكري وذائقتي الأدبية، أذكر منها رواية «التحول» للروائي ميشيل بوتور، ورواية «روز الصامتة» للروائية آن براكنس، وكتاب في الفلسفة «إنسانية البشرية» للفيلسوف الفرنسي إدغار موران، وكتاب «مسائل في علم الاجتماع» للفيلسوف الفرنسي بيير بورديو وغيرها.
وتؤكد د. هناء صبحي: أحدثت جائزة البوكر العربية للرواية نشاطاً كبيراً في مجال الإنتاج الروائي العربي، وهي حافز للمبدعين، مما يثري المشهد الثقافي العربي وينشط حركة النقد، إضافة إلى رفع نسبة قراء الرواية في العالم العربي وحرص الصالونات الأدبية في دولة الإمارات العربية، ودول عربية أخرى، على قراءة روايات القائمة القصيرة للبوكر، بل أحيانا روايات القائمة الطويلة أيضا. هذا على الصعيد العربي، أما على الصعيد العالمي، فقد لفتت هذه البادرة أنظار العالم الغربي نحو الروايات الفائزة وترجمتها إلى اللغات الأجنبية، ممّا عزز جسور التواصل بين الثقافات.

القراءة علم
أما صنعاء علي عمرو، مديرة البرامج الثقافية في جامعة نيويورك أبوظبي، فتقول عن تجربتها مع الكتاب: بدأت من مجلة «ماجد» وبعض المجلات المصرية التي كانت تصل إلى الإمارات، إضافة إلى القصص الأجنبية ومنها «الرجل المستحيل» لأدهم صبري، وقصص أغاثا كريستي، ثم دخلت القراءة في عالم الرواية، وصرت أشعر أنني هاوية جمع الكتب أكثر مما يسمح لي الوقت بقراءتها. وتابعت قراءة الروايات والشعر، وخاصة أشعار محمود درويش.
وتضيف صنعاء موضحة أن القراءة علم، ويجب على الإنسان أن يقرأ حتى يواكب تطور الحياة، وخاصة أن في أبوظبي العديد من الثقافات. عندما أقرأ في كتب الثقافة تساعدني القراءة على الحوار الإنساني أكثر، خاصة أنني أشتغل في التعليم العالي ويلزمني أن أقرأ في كتب متنوعة الاختصاص، ومنها كتب التعليم وكيف يجب التعامل مع الطلاب.