لم يسبق للنظام المصرفي في الإمارات أن تعرض لـ”قرصنة إلكترونية”، رغم أن مخاطرها لا تعترف بالجغرافيا، ولكن غالباً ما تتصدى لها أحدث نظم الحماية التي تتبناها البنوك في الدولة. لكن حالات الاختراق التي تظهر من وقت إلى آخر تعتبر فردية، ناجمة عن تفريط عملاء في بيانات سرية حول حساباتهم، تعرضوا على إثرها لعمليات احتيال إلكتروني. وتنفق البنوك في الدولة نحو 10% من ميزانية برامجها الإلكترونية على برامج الحماية ومواجهة القرصنة، والتي تقدر تكلفتها بنحو 400 مليون دولار على مستوى البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي سنوياً، بحسب مصرفيين. وأوضحوا أن النظام الإلكتروني للمصارف في الدولة يستخدم برامج الحماية الأحدث على مستوى العالم. وقال رجائي عياش المدير الإقليمي لبنك أوف نيويورك ميلون في الإمارات وعمان والكويت إن القرصنة الإلكترونية على النظام المصرفي عامة، وتعتبر من أخطر الظواهر، لأنها في حال حدوثها، يمكن أن تكشف عن حسابات العملاء وبياناتهم السرية، وتعرضها للتلاعب أو القرصنة. وأوضح أنه على مستوى دولة الامارات، فإن التدخل السريع للمصرف المركزي والمعايير الصارمة التي يضعها، تعتبر “صمام أمان وهي فاعلة جدا في هذا المجال”. وأضاف عياش “لذلك تعتبر الانظمة الإلكترونية المصرفية المستخدمة في الدولة من بين الأنظمة الاكثر تطوراً في العالم”. وهذا المستوى التكنولوجي والتقني المتقدم المعمول به في الإمارات، يدعم ويعمق الثقة بالقطاع المصرفي بالدولة، وفقا لعياش. ويعرّف سري عرار نائب رئيس تنفيذي لخدمات الشركات والاستثمار في مصرف الهلال عمليات القرصنة بأنها “برامج تخترق برامج أخرى”، ولها طرق للتصحيح والدفاع عن نفسها، وهناك برامج للحماية وهي تتطور باستمرار مع تطور اشكال عمليات القرصنة وآلياتها. وأشار إلى أن القرصنة من خلال الشبكة الالكترونية عامة في جميع دول العالم واصبحت ظاهرة متلازمة مع شبكة الانترنت والاتصال الإلكتروني، وبالمقابل هناك تطوير مستمر لبرامج مكافحة الفيروسات والاختراق الإلكتروني. وقال “القرصنة الإلكترونية بمفهومها الشامل ليست لها حدود جغرافية فهي عابرة للحدود والدول، ومن حيث المبدأ أي مكان في العالم معرض للاختراق اذا كان يستعمل البرمجيات وهو متصل مع الشبكة العالمية للإنترنت”. وفي ما يتعلق بالسوق المحلية، أكد عرار أنه “لم يسبق أن تعرض النظام الإلكتروني للقطاع المصرفي في الامارات للاختراق، لأنه يملك تكنولوجيا وبرمجيات متوافقة مع اكثر المعايير تطورا في العالم، ويتم تجديدها وتحديثها باستمرار”. أما الحالات النادرة التي تمكن خلالها بعض المحتالين من الدخول الى حسابات عملاء فقد كانت بسبب اهمال أو عدم وعي في تصرف العملاء انفسهم وكشفهم عن البيانات السرية الخاصة بهم للجهات التي غررت بهم، ولم تكن عمليات اختراق للنظام الإلكتروني المصرفي. وأشار إلى أن بعض العملاء، وبسبب قلة الوعي، يقومون بإرسال بيانات بطاقاتهم وحساباتهم وبياناتهم الشخصية أحيانا الى جهات معينة تقوم باستخدام تلك المعلومات، وتمكنهم من الدخول إلى حسابات أولئك الاشخاص، الذين بالتالي يعرضون انفسهم للمخاطر. إلى ذلك، قال خالد كمال مدير المبيعات لقطاع البنوك في أبوظبي لشركة “آي تي اس” المتخصصة بتزويد البنوك بالانظمة الالكترونية والبرمجيات اللازمة لإدارة حسابات العملاء والادارة البنكية عامة، إن البنوك في دولة الامارات والخليج عامة تنفق نحو 10% من الميزانية التي تخصصها للبرمجيات على انظمة الحماية والبرامج المضادة للفيروسات والقرصنة بكل اشكالها. وأوضح أن هناك تعليمات واضحة من “المركزي” في دولة الامارات إلى جميع البنوك لتوفير جميع انظمة الحماية الالكترونية اللازمة لمنع القرصنة على حسابات العملاء. وقدر كمال حجم الانفاق في بنوك الخليج سنوياً على مكافحة هذه الظاهرة بنحو 400 مليون دولار، جزء كبير منها يتم انفاقه على هذا النوع من الانظمة والبرمجيات في السوق الإماراتية. واشار عرار إلى أن المصارف في الدولة تستعمل احدث انظمة الحماية المتوافرة في العالم، والتي غالبا لايوجد مثيل لها سوى في اكثر بلدان العالم تطورا. لكن الحفاظ على البطاقة والرقم السري والمعلومات والبيانات الخاصة بحسابات العملاء هي مسؤوليتهم لأنهم من يملكون تلك المعلومات، والاختراق غالباً يحدث للشخص نفسه وليس للنظام الالكتروني في المصارف. وأوضح عرار أن غالبية البنوك تقوم بالاتصال بعملائها إذا لاحظت أن هناك حركة غير عادية على حساب العميل أو أن هناك مبالغ كبيرة يجري سحبها أو تحويلها من الحساب، مشيرا الى وجود متابعة حثيثة خاصة على الحسابات والمبالغ الكبيرة. وقال إن مسائل ومتطلبات حماية انظمة الشبكات والبرمجيات المستخدمة في البنوك اصبحت اليوم من الابجديات والمسائل غير القابلة للنقاش ومن المسلمات في العمل المصرفي بالدولة، مهما كانت تكلفتها. من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم بنك المشرق لـ “الاتحاد” إن “القرصنة الالكترونية على حسابات عملاء البنوك سواء في دولة الإمارات أو خارجها أدت إلى وقوع العديد من ضحايا هذه العمليات، وبناء عليه قام المشرق بتحقيق موسع وشامل خلال الأشهر الثلاثة الماضية بالتعاون مع السلطات المختصة للوقوف على طبيعة ومصدر هذه العمليات وآلية تنفيذها”. وأوضحت نتائج هذه التحقيقات أن جميع عمليات القرصنة تتم من خلال استخدام منفذي العمليات اسم المستخدم والرقم السري الصحيح واللذين تم الحصول عليهما من خلال الإيقاع بأصحاب الحسابات المصرفية عن طريق رسالة إلكترونية تحمل شعار أحد البنوك وشكل صفحات موقعه الإلكتروني، والتي يتم إرسالها لعملاء البنوك عبر البريد الإلكتروني ويطالبونهم من خلالها بتحديث بيانات الدخول من خلال تلك الرسالة التي تقود العملاء إلى موقع إلكتروني مزيف. كما نظم المشرق حملة توعوية لتحذير عملائه وغيرهم في الدولة عن طريق مجموعة من القنوات أبرزها الرسائل النصية القصيرة والبريد الالكتروني والإعلان على صفحات الموقع الالكتروني، والتي تفيد بأن القطاع المصرفي بما فيه المشرق يعتبر هدفاً لحملة قرصنة إلكترونية واسعة النطاق، وطالبهم من خلالها بعدم إعطاء تفاصيل الدخول لحساباتهم الالكترونية سواء كان اسم المستخدم أو الرقم السري لأي أحد. وفي الوقت ذاته، تعتبر خدمات المشرق المصرفية عبر الإنترنت آمنة وسليمة ولم تتعرض لأية خروقات أمنية، حيث كشفت التحقيقات أن الخروقات التي تعرضت لها حسابات العملاء تمت من خلال تقديمهم تفاصيل الدخول لحساباتهم عبر الإنترنت إلى المواقع الإلكترونية المزيفة. وبحسب عرار، فإن توسع شبكة العملاء وزيادة اعدادهم وانتشار الشبكة الالكترونية وارتباطها مع العالم واستخدامها بشكل اكبر من العملاء في السوق المحلية والاسواق الخارجية، يزيد من المسؤوليات الملقاة على عاتق البنوك لاتخاذ مزيد من اجراءات الحماية واستخدام افضل البرمجيات. وكذلك يلقي بمسؤوليات على العملاء انفسهم للتصرف بوعي ومسؤولية تجاه البطاقات التي يحملونها والبيانات الخاصة بحساباتهم، حتى لا يعرضوا حساباتهم للاختراق. ويقدر مصرفيون عدد عملاء البنوك العاملة في السوق المحلية بنحو 5 ملايين عميل حتى نهاية النصف الاول من 2010، فيما تجاوزت موجودات القطاع المصرفي في الدولة 1,63 تريليون درهم بنهاية نوفمبر الماضي، بحسب البيانات الرسمية للمصرف المركزي. وبلغ رصيد محفظة الودائع لدى البنوك 1049,8 مليار درهم بنهاية نوفمبر. وبلغ عدد فروع البنوك الوطنية الـ 23 في الدولة 727 فرعا بنهاية نوفمبر، و28 بنكا اجنبياً. وقال كمال “خلال العامين الأخيرين لم تحدث أية عملية اختراق للنظام المصرفي الالكتروني، ولم تحدث أية قرصنة على حسابات العملاء في الامارات، لكن بعض العملاء يكشفون بياناتهم الخاصة لجهات غير مسؤولة ويعرضون حساباتهم للخطر”.