منير رحومة (دبي)

أثارت قضية تأجيل أو إلغاء الأحداث والبطولات الرياضية، العديد من المشاكل القانونية، بسبب الأضرار الكبيرة المترتبة عن ذلك، الأمر الذي طرح الكثير من التساؤلات، حول مدى قدرة القوانين الدولية أو المحلية، على علاج آثار الأزمة، خاصة بالنسبة لكرة القدم، من خلال مبدأ «القوة القاهرة».
وفي دراسة قانونية، كشف صالح العبيدلي المحامي والمحكم الرياضي، أن «القوة القاهرة» هو مبدأ قانوني، ربما ينص عليه في القانون أو العقد، ومن خلاله يُعفى كل من الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما تجاه الآخر، وذلك عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما، مثل الحروب والكوارث الطبيعية «الزلازل والبراكين» وغيرها.
وأضاف أن 6 قضايا سابقة تعلقت بـ «القوة القاهرة» تم عرضها على «الفيفا» ومحكمة التحكيم الرياضي «كاس»، تم رفض كل تلك الأسباب، ولم يتم اعتبارها «قوة قاهرة» بحسب القانون السويسري، وهو أحد أهم القوانين التي يستند إليه «الفيفا» في أحكامه، ما لم يوجد نص في لوائحه.
وأشار إلى أن المادة 119 في الفقرة 1 من ذات القانون تنص على: «أن الالتزام يسقط عندما يصبح أداؤه مستحيلاً، بسبب ظروف خارجة عن إرادة المدين»، وسوف يأتي تفصيل لتطبيقات هذه المادة في البند المتعلق بمحكمة كاس.
وشدد العبيدلي على أن «كاس» نظرت في عدد من القضايا المشابهة فيروس كورنا، مثلما انتشر إيبولا في القارة الأفريقية، حيث كان من المفترض أن تستضيف المغرب البطولة الأفريقية عام 2015، إلا أنه وبسبب انتشاره، قررت وزارة الصحة المغربية أن هذا الفيروس يعد وباءً، وسحب الاتحاد المغربي استضافته للبطولة، قبل فترة قصيرة، وتعرض إلى عقوبات من «الكاف»، ورغم إلغاء القرار بعد استئناف الاتحاد المغربي، فإن «كاس» اعتبرت أن حالة «إيبولا» لا تعد من «القوة القاهرة»، حيث إنها لا تجعل تنظيم الحدث مستحيلاً، وإنما صعب، لأنه لم يكن مثبتاً علمياً سهولة انتشار الوباء، على عكس كورونا.
وأكد العبيدلي أن مبدأ القوة القاهرة يرتبط بحدث استثنائي، لم يكن متوقعاً، وخارج عن السيطرة، ولا يمكن دفعه بأي حال من الأحوال، وقال: إذا أخذنا بعين الاعتبار التكييف القانوني الوارد في حيثيات حكم الاستئناف الصادر عن «كاس» في الاستئناف المرفوع من الاتحاد المغربي ضد الاتحاد الأفريقي في الحالة المتعلقة بـ «إيبولا»، والذي انتشر عام 2015 في جزء من القارة الأفريقية، وقمنا بمقارنته مع الحالة الماثلة لـ «كورونا»، نجد أن هناك فرقاً جوهرياً متعلقاً بالمساحة الجغرافية المنتشر فيها الفيروس، فضلاً عن ما هو ثابت علمياً من سرعة انتشار «كورونا» مقارنةً بـ «إيبولا» الذي لم يتجاوز «القارة السمراء».
وأضاف أنه بحسب المعايير التي قررتها «كاس» والقانون السويسري في شأن الحالات التي قد تشكل «قوة قاهرة»، فإن الرأي الغالب أن محكمة كاس تعتبر حالة «كورونا» مثل «قوة قاهرة» بشكل عام، ولكن يتم النظر في كل قضية على حدة.
وقال: إذا كانت القضية متعلقة بإلغاء أو تأجيل تنظيم حدث أو مسابقة، فإن تطبيق مبدأ «القوة القاهرة» يتفق والمعايير المنصوص عليها، لأن موعد الحدث له أهمية كبيرة والفيروس مازال متفشياً.
وأشار إلى أن الموضوع إذا كان متعلقاً مثلاً بعقد لاعب يستمر إلى 2022، فإنه من الصعب القبول بمبدأ «القوة القاهرة» سبباً للإلغاء في هذه الفترة، لأن الوباء قد يزول خلال أشهر عدة، أي قبل النهاية الطبيعية للعقد بأكثر من موسم، كما يعتبر أيضاً أن بسبب انتشار الوباء من ناحية وتعليق الدوريات من ناحية أخرى، يجعل كلا الطرفين اللاعب والنادي، في حالة يستحيل معها تنفيذ التزاماتهما، فمن ناحية فإن اللاعب لا يستطيع الحضور للنادي، بسبب القيود الموجودة من الحكومات على الخروج من المنزل، فضلاً عن خشيته على نفسه من العدوى، ومن ناحية أخرى، فإن أغلب المنشآت الرياضية والأندية أغلقت، ويمنع ممارسة التدريبات، وهذا يؤدي بشكل مؤقت إلى تحلل كل طرف من التزاماته مؤقتاً، خاصة في العقود المستمرة، مما يؤدي إلى توقف أو تجميد العقد، ولكن هذه المسألة تحتاج النظر من «الفيفا» والاتحاد الوطني المعني، ويتطلب صدور تعميم عاجل لمعالجة الحالة الطارئة.
وشدد العبيدلي على أن أزمة «كورونا» الحالية، هي حالة استثنائية تستدعي معالجة عاجلة واستثنائية، لذلك شكل «الفيفا» في 18 مارس الماضي، مجموعة عمل لوضع التعديلات اللازمة على لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين، أخذاً بعين الاعتبار الهدف الأساسي، وهو حماية لعبة كرة القدم، من خلال نظام عادل يوازن بين حقوق الأندية واللاعبين خلال هذه المرحلة المؤقتة والحرجة.
ويرى العبيدلي ضرورة تمديد عقود اللاعبين التي تنتهي في نهاية يونيو المقبل، وذلك إذا كان الدوري سيتم تمديده لتاريخ لاحق من الصيف، ودعا إلى مراجعة توقيت فترة الانتقالات الصيفية، والتي الأصل فيها أن تبدأ بعد انتهاء الموسم، لذلك إذا تم التمديد للموسم الرياضي، يجب أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار، كما ناشد الاتحادات الوطنية بأن تبادر إلى سرعة تشكيل فرق عمل تمثل أطراف اللعبة، بمن فيهم اللاعبون، وإصدار تشريع عاجل لمعالجة المشاكل على المستوى الوطني.