حسونة الطيب (أبوظبي)

ارتبط النحاس بأوجه الحياة اليومية كافة من الأسلاك المستخدمة في المنازل والهواتف النقالة، إلى السيارات الكهربائية التي تستهلك ثلاثة أضعاف الحجم المستخدم في السيارات العادية. وبرزت بداية طلب طويل الأمد، بالفعل في الصين، حيث يعمل النحاس المستعمل في صناعة السيارات الكهربائية، على تعويض التراجع الحاد في مبيعات السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي خلال هذه السنة، بحسب محللين في سيتي جروب.
ومن المرجح، تراجع مبيعات السيارات العاملة بالوقود الأحفوري، بنسبة تصل إلى 9% في الصين خلال السنة الحالية، في حين ترتفع مبيعات نظيراتها العاملة بالكهرباء بنحو 53%. وينتج ذلك، عن نمو في صافي طلب النحاس بنسبة قدرها 0.3%، وفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز.
ويقول أوليفر نوجينت، من سيتي جروب: «تتعلق قصة السيارات الكهربائية بقطاع النحاس بعد عام 2020، حيث بدأنا في وقت مبكر الاستمتاع بجزء من هذه القصة. وبفضل كثافة استخدام النحاس في السيارات الكهربائية، ربما تشهد مبيعات السيارات التقليدية، تراجعاً واضحاً خلال هذه السنة».
ويؤكد البنك أنه، وعلى المدى البعيد، سيشكل النحاس المستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، ثلثي نمو طلب المعدن في الفترة بين 2018 إلى 2030. وقفزت أسعار النحاس خلال العام الجاري بنسبة ناهزت 7%، ليتم تداوله عند 6,3 ألف دولار للطن، ما يشير لتراجع معدل تخوف المستثمرين من تأثير بطء النمو الذي يلازم اقتصاد الصين، بوصفها أكبر بلد في العالم لاستهلاك النحاس.
ويتوقع بنك سيتي جروب، بلوغ أسعار النحاس 6.7 ألف دولار للطن خلال هذا العام، مدفوعاً بنمو عام في طلب الاقتصاد الصيني بنسبة قدرها 2%، بجانب حل مرتقب للتوترات التجارية القائمة بين الصين وأميركا.
في عام 1900، كانت ثلث السيارات، التي تسير على الطرقات الأميركية، تعمل بالكهرباء، إلا أن الإنتاج الكثيف لشركة فورد من السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، أفلح في أزاحتها، لكن يبدو أن ذلك السيناريو في طريقه للتكرار مرة أخرى.
وتشير آخر أرقام السيارات الكهربائية، لقطعها مسافة بعيدة في طريق المبيعات، في حين تقبع الأنواع الأخرى في مستنقع الأزمة. وحتى في حالة انتعاش مبيعات السيارات عموماً خلال العام الحالي، فمن المتوقع نمو سوق السيارات الكهربائية بسرعة أكثر، ما يقلص مبيعات نظيراتها من فئة محركات الاحتراق الداخلي.
مدفوعة بشركات مثل تيسلا الأميركية وبي واي دي الصينية، زادت مبيعات هذا النوع من السيارات، بنحو الثلثين خلال العام الماضي. ومن المرجح، زيادة عدد الخيارات هذا العام، مع طرح موديلات من شركات مثل، مرسيدس وبي أم دبليو وبورشة وفولكس فاجن.
في غضون ذلك، تبذل الحكومات جهوداً مقدرة للحد من استهلاك البنزين والديزل على الطرقات. لم تكن الأرباح التي حققتها الشركات خلال الربع الأخير من العام الماضي مرضية، نظراً للزيادة المطردة في العرض، بجانب دخول العديد من الشركات الجديدة للقطاع والاستثمارات الضخمة من قبل شركات السيارات التقليدية.
علاوة على ذلك، لا تزال مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة حول العالم، تشكل 2% فقط، بصرف النظر عن برامج الدعم الكبير التي تقدمها الحكومات، والتي شارفت نهايتها في بعض الدول.
وما يبعث على السرور التغلب على بعض العقبات المتعلقة بعمليات الشحن والمسافة التي يمكن أن تقطعها السيارة. وعلى سبيل المثال، أعلنت بورشة عن إمكانية قطع سيارتها فئة تايكان، مسافة قدرها 100 كلم بعملية شحن واحدة مدتها 4 دقائق فقط، لكن ربما لا يسهم ذلك في حل مشكلة المسافة نهائياً، حيث يثير توفر محطات الشحن قلق العديد من المراقبين.
تتوافر أسباب كافية للتفاؤل، حيث إنه وبالطريقة ذاتها التي لقي بها موديل «تي» قليل التكلفة، طلباً كبيراً قبل قرن من الزمان، فمن المتوقع إسهام السعر المتراجع للسيارات الكهربائية، في توسعة دائرة سوقها. ويرى المستهلكون أن ارتفاع سعر هذه السيارات يقف عائقاً من دون زيادة معدلات اقتنائها، بيد أن من المرجح تساوي التكلفة بين النوعين من السيارات بحلول 2022. وفي الوقت الذي، تتضاءل فيه سرعة سوق السيارات من فئة محركات الاحتراق الداخلي، يبدأ قطاع السيارات الكهربائية في الانطلاق بسرعة في الطرقات.