المقاصف المدرسية الحكومية لا تلبي الاحتياجات الصحية للطلاب
''زعتر ·· فلافل·· جبن·· عصائر ·· حلوى''· تشكيلة من الوجبات الغذائية الخفيفة التي يتشكل منها ومعها عالم المقاصف المدرسية على مستوى المدارس الحكومية في الدولة، وذلك من خلال عقود مبرمة بين المناطق التعليمية أو المدارس وبين موردي المواد الغذائية إلى المقاصف المدرسية·
ومع صباح كل يوم دراسي جديد، تستقبل المدارس وجبات المقاصف التي غالبا ما يديرها ''معلمون''·· وسرعان ما يصبح الزحام سمة أساسية للمقاصف أثناء فترات الاستراحة· مما دفع طلاب إحدى المدارس الثانوية مؤخرا إلى استحداث فكرة ''المطبخ المدرسي'' حيث قام الطلاب بتحضير أطعمة وسندويتشات وقاموا ببيعها لأقرانهم، لكن الفكرة لم تستمر لغياب الدعم·
وتتجه وزارة التربية والتعليم نحو تطبيق نظام جديد للتغذية المدرسية تتولى من خلاله مهمة تحسين جودة الوجبة الغذائية في المدارس الحكومية والخاصة دون أن تتحمل الوزارة تكاليف توفيرها والتي قدرتها دراسة حديثة بما يقارب 90 مليون درهم سنويا·
وتعكف الوزارة حاليا على إعداد دراسة ميدانية حول تحسين الوجبة الغذائية المدرسية تمهيدا لصياغة لائحة شاملة تضمن توفير المدرسة لوجبات غذائية صحية متوازنة لجميع الطلاب أثناء اليوم الدراسي·
وفي هذا الإطار، طرحت الوزارة على المناطق التعليمية وبالتعاون مع المركز العلمي لتطوير الرياضة المدرسية استمارة لتحديد نوعية الوجبات الغذائية المفضلة للطلبة والوقوف على واقع المقاصف المدرسية في الدولة·
وذكر المشرف على الدراسة ومدير الأنشطة الطلابية حسن لوتاه أن الدراسة سوف تشمل 10% من طلاب كل مدرسة حكومية على مستوى كل منطقة تعليمية·
وقال ان الهدف يكمن في تحديد المواصفات القياسية والمعايير الصحية التي لابد من توافرها في الوجبة المدرسية، لتلتزم بها المدارس في تعاقداتها مع موردي التغذية على مستوى الدولة·
وتتضمن استمارة الوزارة التي سيعمل الطلاب وادارات المدارس على ملئها، اسئلة حول الاختيارات المتعددة بين أصناف الطعام التي تتضمنها وجبتا الإفطار والغداء، إلى جانب أسئلة يجيب عنها طلاب المراحل الدراسية كافة حول المقاصف المدرسية بهدف تقييم الأداء والوقوف على الاحتياجات الحقيقية للطلاب من التغذية المدرسية·
مقاصف المدارس الحكومية
ويأتي سعي الوزارة لتحسين أوضاع المقاصف المدرسية نتيجة الازدحام الذي تشهده المقاصف في المدارس الحكومية خلال أوقات الاستراحة وعجزها عن تلبية اجتياجات الطلاب الغذائية على مدار اليوم الدراسي اضافة الى الشكوى من نوعية الوجبات المقدمة·
وقال شعيب العباسي وهو طالب بالصف الحادي عشر إن الوجبات المقدمة تفتقد إلى السلامة الصحية، مشيرا إلى أنه اكتشف شعيرات داخل السندويتشات المقدمة في المقصف الذي يعد من وجهة نظره خارج نطاق الخدمة·
بدوره طالب علي الجسمي بان يكون الاهتمام بمقاصف المدارس الحكومية مثلما هو في المدارس الخاصة· وقال ''زعتر ·· جبن·· فلافل·· هذا ما نتناوله يوميا من المقصف المدرسي دون أن يكون هناك تغيير أو تنوع في الوجبات المقدمة''·
اما محمد الكعبي ومحمد اليوسف فطالبوا الوزارة بالتوجه نحو خصخصة المقاصف المدرسية وإسناد مهام إداراتها إلى شركات محلية كبرى تمتلك القدرة على توفير مقاصف فاعلة يستفيد منها طلاب المدارس الحكومية·
التطوير مطلوب
في المقابل، طالبت انتصار عيسى مديرة مدرسة ماريا القبطية للتعليم الثانوي في دبي بتطوير دور المقصف المدرسي في تقديم تغذية صحية سليمة للطالبات انطلاقا من المسؤولية المتكاملة التي تتحملها المدرسة· واعتبرت ان دور المدرس لا يجب أن يقتصر فقط على تقديم الخدمة التعليمية·
واشارت الى ان مساحة المقصف الموجود في المدرسة لا تتناسب مع الدور المتوقع منه اضافة الى انه ''لا يقدم سوى وجبات ''خفيفة'' تنحصر في سندويتشات لا تتعدى قيمتها الدرهم الواحد ولا تلبي الاحتياجات الصحية للطالبات''·
وشددت على أن الطالب يحتاج إلى وجبتين يوميا لا سيما مع تطبيق نظام اليوم الدراسي الكامل والذي يستمر من الساعة السابعة والنصف صباحا إلى الثانية ظهرا· وقالت ان ''هذا الامر غير متاح وتوفيره يتطلب تخصيص مكان داخل المدرسة لتقديم الوجبات إلى الطالبات''·
وأعرب مدير مدرسة محمد بن راشد في دبي محمد حسن عن أمله في أن تراعي وزارة التربية والتعليم في الأبنية المدرسية قيد الإنشاء حاليا توفير مقصف مدرسي وصالة لجلوس الطلاب خلال أوقات الاستراحة·
وتقدم باقتراح ان تقوم الوزارة بإنشاء مؤسسة للتغذية المدرسية على غرار مؤسسة المواصلات المدرسية التي قامت الوزارة وبالتعاون مع مواصلات الإمارات بإنشائها من أجل تقديم خدمة نقل جيدة لطلاب وطالبات المدارس الحكومية في الدولة·
وقال حسن إن عمل المقاصف المدرسية يعتمد على مبادرات المدارس التي تخصص أرباح المقصف من أجل دعم الميزانية التشغيلية، مشيرا إلى أنه على الرغم من رفع الموردين للأسعار خلال العام الدراسي الجاري إلا أن المدارس حاولت قدر الإمكان البقاء على السعر الاقتصادي للمواد الغذائية داخل المقصف وتحقيق هامش ربح قليل·
وأشاد حسن بالتعاون القائم بين بلدية دبي والوزارة في المراقبة والتفتيش على مصادر التغذية المدرسية، إلى جانب الإشراف المباشر على المقصف من خلال الصحة المدرسية التي تقوم مع صباح كل يوم بأخذ عينات من المواد الغذائية المورّدة إلى المدرسة وحفظها داخل جهاز تبريد وتقديمها إلى الجهات المختصة لتحليلها، في حال حدوث أي حالات مرضية طارئة·
وكانت وحدة الخدمات الإدارية - منطقة دبي التعليمية سابقا- ابرمت عقدا مع إحدى شركات المرطبات الطبيعية لتوريد مواد غذائية إلى المدارس الحكومية في دبي· وينص العقد على ضرورة ان تتعهد الشركة بتوريد مواد غذائية محددة الهوية والأسعار إلى المدارس من خلال سيارات خاصة بنقل الأغذية تخضع لاشراف لجنة الرقابة الصحية على الجمعيات التعاونية و''المقاصف المدرسية''·
وشدد العقد على ضرورة أن لا تقل مدة صلاحية المواد الغذائية الموردة من عصائر وحلويات عن 6 أشهر· واضافة الى وجوب أن تكون جميع أصناف السندويتشات من الإنتاج اليومي وان تقدم ملفوفة بمنديل ورق وان تعبأ في أكياس بلاستيكية مغلفة أوتوماتيكيا تمنع تلوثها·
مقاصف النموذجية
يبدو الوضع في المدارس النموذجية مختلفا لا سيما مع اعتماد هذه المدارس على تحصيل رسوم سنوية لدعم المقصف المدرسي حيث يتم تقديم وجبات خفيفة للطلاب على مدار اليوم الدراسي·
وقالت مديرة مدرسة ''القيم النموذجية حلقة أولى'' في دبي منى عبدالله إن المدرسة - ولأنها نموذجية- مزودة بمطعم لتقديم الوجبات الغذائية للطلاب بالتنسيق مع إحدى الشركات الخاصة، ويلبي المقصف فيها احتياجات الطلاب على مدار اليوم الدراسي·
وأوضحت منى أن هناك متابعة مستمرة من جانب المشرفين على المطعم من المعلمات ومشرفي العيادة الصحية في المدرسة لمراقبة مدى توافق المنتجات الغذائية مع الشروط والمعايير الصحية·
ولفتت إلى ان كافة الطلاب يستفيدون يوميا من وجبة إفطار صحية تضم كافة العناصر الغذائية اللازمة، وهي مدفوعة الثمن سلفا من جانب أولياء الأمور وذلك وفق النظام المتبع في المدارس النموذجية بتوفير الوجبات الغذائية للطلاب مقابل رسوم سنوية·
ودعت مديرة مدرسة القيم النموذجية أولياء الأمور إلى الحرص على تشجيع أبنائهم على تناول وجبة الإفطار بما يتلاءم مع أهميتها بالنسبة لطلاب الحلقة الأولى· واكدت حرص المدرسة على توفير وجبة غذائية إضافية للطلاب في الظروف الطارئة التي يضطر معها الطلاب إلى البقاء داخل المدرسة لممارسة الأنشطة·
لجان سنوية لمتابعة المقاصف
أكد مدير منطقة أم القيوين التعليمية عبيد القعود أن المنطقة التعليمية تشكل لجاناً مع نهاية كل عام دراسي لدراسة مهمتها ومتابعة شؤون المقاصف ومراقبتها وإدارة مناقصات خاصة وإجراء مقابلات شخصية مع كافة الموردين· وتتشكل هذه اللجان عادة من مندوبين من دائرة البلدية والصحة في أم القيوين· فيما تتولى المنطقة التعليمية تحديد نوعية الوجبات المدرسية التي تباع داخل المقاصف·
وأشار القعود الى تلقي المنطقة التعليمية خلال الفترة الماضية، لشكاوى من أولياء أمور حول نوعية الوجبات التي تقدمها المقاصف المدرسية والتي لا تزيد على سندويتشات وعصائر وحلوى· لافتاً إلى أنه تم فرض غرامات مالية على الموردين غير الملتزمين بشروط التوريد·
وأعرب القعود عن أمله في أن تتعامل المدارس مع شركات عالمية لتقديم وجبات متكاملة وصحية للطلاب من خلال المقاصف المدرسية وفي أماكن مستقلة يتم تخصيصها كمطاعم مستقلة·
المصدر: دبي