معتز الشامي (أبوظبي)

تمتلك قارة آسيا ما لا يتوافر لغيرها، وكان طبيعياً أن نرى نهضة شاملة وانطلاقة كبيرة في كرة القدم، ولكن الواقع يقول شيئاً آخر، 12 عاماً مرت على تطبيق الاحتراف منذ إعلان المشروع في 2007، عن طريق مرحلة محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي السابق والموقوف مدى الحياة بتهم فساد، ولكن الصورة كلها لم تكن قاتمة مع إطلاق مشروع طموح، توقع له الجميع أن ينتشر بقوة، وينقل آسيا من مرحلة إلى أخرى أكثر تقدماً، ولكن مر عام وراء الآخر، ولم نرَ أي تطور يمكن ترجمته في زيادة رقعة الاحتراف، أو تحقيق قفزات نوعية لدول تأخذ بمعاييره، لنكتشف ونحن في عام 2019، أن المشروع الطموح الذي كانت انطلاقته في 2007، بات مشروعاً يشبه «المولود المشوه» غير المكتمل.
تاريخياً، اقتحم الاحتراف منذ الإعلان عن نشره في آسيا وتخصيص دوري الأبطال للدول التي ستطبقه، فهرولت 11 دولة وأعلنت التطبيق وقتها، ومع مرور الوقت، لا يزال العدد نفسه موجوداً في كشوفات الاتحاد القاري الخاص بتصنيف الدوريات المحترفة، بينما أخفقت إدارته في مساعدة بقية الدول في التطبيق، ليتراجع العدد الآن إلى 6 دول فقط، هي التي يمكن وصفها بالمتمسكة بمعايير الاحتراف مقسمة على 4 دول للشرق والجنوب، وهي (اليابان، كوريا، الصين، أستراليا)، و3 دول في الغرب (الإمارات، السعودية، قطر)، بينما تغيب جوانب هائلة من التنظيم عمن يطلق عليهم دولاً تطبق الاحتراف، مثل «إيران، البحرين، الكويت، عمان، العراق، الأردن، تايلاند، ماليزيا»، ولايزال الأمر كما هو دون تغيير.
ويتحمل الاتحاد الآسيوي، بحسب ما رصدناه من آراء، مسؤولية إخفاق مشروع الاحتراف وتراجعه، بسبب 4 أخطاء قاتلة ارتكبها الاتحاد بعد 2013، وتمثلت في خطوات عدة كانت أولاها، عندما أراد الاتحاد تحييد الخبراء اليابانيين الذين عملوا على نشر الاحتراف بقوة في القارة، بحجة أن المعايير اليابانية صارمة ولا تصلح، وبحجة أخرى هي ضرورة تخفيف المعايير لمنح الفرصة لدول جديدة حتى تطبق الاحتراف، ومرت 7 سنوات الآن، ولم يجن الاحتراف إلا تراجعاً، بل قل الاهتمام بتطبيقه في أغلب الدول التي أعلنت دخول السباق منذ البداية.
أما ثاني أبرز الأخطاء القاتلة، فكان في اختزال معايير الاحتراف الـ11، التي كانت تراعي الجوانب كافة التنظيمية والإدارية والفنية والقانونية، في نظام تراخيص، يمكن لأي نادٍ أن يتحايل عليه، ثم معيار فني يكون هو المرجعية في مشاركة الأندية في دوري الأبطال وتصنيفها كدوريات محترفة من عدمه، وكانت لقرار اختزال المعايير آثار جانبية هائلة أدت إلى تراجع التطبيق بشكل مخيف، بعدما ارتبط به قرار آخر خاطئ، وهو إلغاء فرق التفتيش على العملية الاحترافية التي كانت قديماً بقيادة الياباني سوزوكي، وقبله الياباني كوابوتشي، وبات الآن من يقود إدارة «الدوريات المحترفة» في آسيا موظفون من الهند، الدولة التي تعتبر كرة القدم فيها لعبة غير شعبية، ولا تطبق معايير الاحتراف بكاملها، كما كان أيضاً تقاعس الاتحاد بعد 2013 عن معاقبة الدوريات التي تم اكتشاف تحايلها على المعايير مثل معيار الحضور الجماهيري ومعيار الحوكمة، سبباً في استبدال حالة الاهتمام بالتطبيق، بحالة الإهمال الشديد في مراعاة المعايير الحقيقية والصحيحة في التطبيق.
والنتيجة الآن، أن هناك 40 دولة في قارة آسيا، لا تعرف من الاحتراف سوى اسمه، ولا تلتزم ببنوده ولا معاييره، وهو ما يمكن وصفه بالفشل الكبير في إدارة مشروع نشر الدوريات المحترفة بالقارة، ويتحمل الاتحاد القاري وحده المسؤولية، رغم وجود إيجابيات عديدة، أبرزها الاحتراف الإداري في تنظيم وإدارة ومتابعة المسابقات التابعة للاتحاد، مثل دوري الأبطال أو كأس آسيا، ولكن غياب قبضة الاتحاد الآسيوي محلياً في الدوريات المحترفة، كانت سبباً في ضرب مشروع الاحتراف في مقتل، حيث يكمن الحل في إعادة النظام الإداري السابق عن فرض المشروع للعمل، من جديد، والتوقف عن مجاملة دوريات لا تلتزم بالمعايير الحقيقية للاحتراف كغيرها من الدوريات.
من جانبه، أكد ديفيد ديفوروفيتش، رئيس قسم رياضة كرة القدم بهيرالد صن الأسترالية، أن مشروع الاحتراف كان بالفعل طموحاً، ولكن غياب الاهتمام الكافي بفرضه على دوريات آسيا، خصوصاً البعيدة عن تطبيقه، كان وراء التراجع الحاصل الآن، وقال: «معايير الاحتراف الصارمة، ولجان التفتيش التي كانت تجوب القارة، كان يجب لها أن تستمر، وكان يجب على الاتحاد الآسيوي أن يفرض الاحتراف ولو بالقوة، طالما كان يقدم مساعدات للاتحادات المختلفة بالقارة، وهناك أكثر من 13 دولة في آسيا بخلاف الـ11 التي تطبق الاحتراف، وتمتلك إمكانيات التطبيق، لكن الاتحاد الآسيوي يبدو أنه انشغل بالمجاملات للحصول على أصوات انتخابية».