أدى النجاح الذي حققته حركة الدفاع عن البيئة، في لفت الانتباه لأخطار ارتفاع حرارة الأرض إلى نتيجة مثيرة للسخرية، إذ أصبح سهلا بالنسبة للجمهور تبني مقاربة سلبية تتمثل في انتظار قيام زعماء العالم بتوقيع اتفاقيات بخصوص الانبعاثات الغازية، أو شروع الشركات الكبرى في إيلاء الأهمية والاهتمام إلى البيئة، والحال أن علينا أن نكف عن الانتظار، فهناك عدد من الطرق والأساليب الجديدة لمحاربة تغير المناخ في حدائقنا الخلفية، ومن ذلك نموذج واعد يسمى ''مجموعة اختيار الأهالي'' المعروفة اختصارا بـ''سي· سي· إي·''، وهو المصطلح القانوني لطريقةٍ خلاقة ومبتكرة لشراء المدن والبلديات للكهرباء عبر تصويت الحكومات المحلية· في السابق، كانت الطريقة الوحيدة لتكون للمرء كلمة بخصوص مصدر الطاقة التي يستعملها الأهالي، هي إنشاء مؤسسة تكون ملك البلدية، والحال أن عملية ''سي· سي· إي·'' توفر طريقةً أفضل للانتقال إلى إمدادات طاقية صديقة للبيئة بدون تحمل عبء إدارة خطوط الكهرباء، وجمع الفواتير، والسياسة الانقسامية التي تنطوي عليها العملية المكلِّفة المتمثلة في جعل الطاقة خاضعة لمراقبة البلديات، هذا النوع من التخطيط في مجال الطاقة الذي يساهم فيه الأهالي يتم اليوم في بلدية ''مارن'' بولاية كاليفورنيا حيث أعيش، وهي منطقة تقع غير بعيد عن مدينة ''سان فرانسيسكو'' إلى شمال المدينة، ويسكنها كثير من النشطاء والمدافعين عن البيئة، غير أن مناطق أخرى من ''كاليفورنيا''، من ''سانترل فالي'' إلى ''لوس أنجلوس''، تقوم حاليا ببحث ودراسة نماذج ''سي· سي· إي·''، ويُذكر هنا أن ''ماساتشوسيتس'' وأوهايو اعتمدتا منذ مدة برامج ''سي· سي· إي·''، وإن كان دافع هاتين الولايتين هو التحكم المحلي وخفض الكلفة أكثر منه حماية البيئة· وتهدف بلدية ''مارن'' إلى الحصول على 100 في المائة من الإمدادات من مصادر الطاقة المتجددة في غضون السنوات القليلة المقبلة، ولأنني مستأجر، فقد شرعت في بحث الطرق التي يمكنني بها مساعدة البلدية على تحقيق هذا الهدف الطموح ولعب دور أكبر في جعل الإمدادات الطاقية المحلية صديقةً للبيئة، فاكتشفت أثناء ذلك بعضَ المفاهيم والتقنيات المعمول بها على نطاق واسع عبر العالم، ولعل الطريقة الأسهل لجعل إمدادات الطاقة الخاصة بنا صديقة للبيئة هي الخلايا الشمسية، وهي أشباه موصلات تولد الكهرباء مباشرة من أشعة الشمس، ومما لا شك فيه أن تكنولوجيا الخلايا الشمسية تشهد طفرة كبيرة في العالم، إلا أنها لا تمثل سوى قطرة في محيط، إذ لا تنتج سوى 1 في المائة من مجموع الكهرباء في العالم· أما العائق الرئيسي الذي يحول دون الانتشار الواسع لهذه الخلايا الشمسية فهو الكلفة، ولعل إحدى الوسائل الكفيلة بخفض الكلفة هو وضع برامج يساهم فيها الأهالي، وتشمل المواطنين الذين لم يستعملوا الطاقة الشمسية بعد بشكل كبير، مثل المستأجرين والأشخاص الذين ليس لديهم أسطح معرضة للشمس على نحو جيد، فلماذا مثلا لا نجعل المستأجرين يشترون الطاقة من أنظمة شمسية للأهالي من مواقع استراتيجية بكل حي؟ ولماذا لا نُدمج الطاقة الشمسية ضمن مخططات الإنقاذ من الكوارث، وندعم تكنولوجيا جديدة للتخزين حتى تحل محل مولدات الديزل الوسخة والغالية على نحو متزايد؟ هذه هي نوعية التفكير الخلاق والمبتكر التي علينا أن نتحدى بها الفكرة القائلة: إنه لا حيلة لنا في إنقاذ هذا العالم المضطرب، فسواء كنت تقود سيارتك من العمل وإليه -أو تبحث فقط في الإنترنت عن صفقات جيدة- فإن استهلاك الطاقة يوجد في صميم عادات كل واحد منا وفي صميم مشكلة تغير المناخ، وهناك الكثير مما يمكن أن يفعله كل واحد منا على الصعيد المحلي· إن كل واحد منا مطالَب بالاعتناء بالأرض في منازلنا، والسعي في الوقت نفسه إلى التعاون مع المجتمع المحلي الأوسع بخصوص الطاقة المنتَجة محليا، سواء كان مصدرها الشمس أو الريح أو الماء أو القمامة، لننسَ انتظار الانتخابات أو تنظيم الاحتجاجات، ولنزرع بذور التغيير في حدائقنا الخلفية! بيتر آسموس متخصص في شؤون الطاقة ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور