محللون: توفيق أوضاع محافظ الوعود الخيالية يحد من مخاطرها
حذر محللون ماليون ومسؤولون في شركات للأوراق المالية من انتشار ظاهرة المحافظ الاستثمارية الفردية التي نشطت في الآونة الأخيرة·
وطالبوا بتوفيق أوضاع هذه المحافظ مع النظم القانونية المطبقة في الدولة على غرار ما حدث في السعودية·
وألقت السلطات في أبوظبي القبض مؤخراً على شخص يزعم تملك شركة لتوظيف الأموال في مجالات استثمارية، يشتبه باستيلائه على مبالغ مالية كبيرة تعود إلى مواطنين ومقيمين في الدولة دون حصوله على التراخيص اللازمة لمزاولة تلك الأنشطة·
واستقطبت هذه المحافظ أعداداً متزايدة من المستثمرين تحت إغراء تحقيق عوائد استثمارية قياسية من خلال الاستثمار في أسواق الأسهم أو العقارات·
ودعا المحللون الجهات المسؤولة إلى متابعة تلك المحافظ وإمهالها لفترة زمنية معينة لتوفيق أوضاعها، كما طالبوا المستثمرين بعدم الانسياق وراء وعود بعوائد شهرية خيالية يستحيل تحقيقها في سوق الأسهم أو العقارات أو أي قطاع استثماري آخر·
ودعا محافظ مصرف الإمارات المركزي معالي سلطان بن ناصر السويدي أمس الأول الجهات القضائية الى إصدار قرار يقضي ''بالبحث عن وتجميد أية حسابات أو ودائع أو صناديق أمانات ومنع أية تحويلات باسم الأشخاص المتورطين في هذه العمليات وفقا لتحديد السلطات القضائية المختصة ويشمل شركاءهم الرئيسيين وموظفيهم والمؤسسات والشركات المملوكة لهم''·
وأكد السويدي لـ ''الاتحاد'' أهمية ابلاغ المواطنين والمقيمين المصرف المركزي والجهات المختصة في حال اشتباههم بأية محافظ استثمارية خاصة غير مرخصة· وأوضح أن عملية توظيف الأموال مناطة بالبنوك والشركات الاستثمارية المرخصة التي يمكنها إشهار وإدارة المحافظ والصناديق الاستثمارية بعد الحصول على موافقة المركزي·
ويبلغ عدد الشركات المرخصة من المصرف المركزي لإشهار وإدارة المحافظ اوالصناديق الاستثمارية بعد استيفاء المتطلبات 16 شركة·
وأوضح المدير الشريك في شركة الشرهان للأسهم والسندات زهير الكسواني أن المحافظ الاستثمارية الفردية تمثل ظاهرة في سوق الأسهم، ولكن ينبغي التفريق بين من يتولى إدارة مدخرات لأفراد من عائلته وأقاربه وأصدقائه، وبين من يخرج بالمحفظة الاستثمارية إلى النطاق التجاري ويتولى تسويقها على نطاق واسع، فالأول يكون حريصاً جداً في استثماراته، لا يخاطر بأموال عائلته وأهله وأصدقائه، وقال: ''حقق الكثير منهم (مديرو هذا النوع من المحافظ) نجاحاً وبلغ حجم محافظهم ما بين 300 و500 مليون درهم، وقد اكتسبوا خبرات جيدة في مجال الأسهم''·
وأضاف الكسواني: ''أما النوعية الثانية التي تروج المحافظ على أسس تجارية وتستقطب أعداداً كبيرة من العملاء دون أن تكون مرخصة من أية جهة ولا تخضع لأي رقابة أو إشراف وتعد الناس بعوائد شهرية عالية، فتمثل ظاهرة خطيرة ويتعين التدخل لمنعها، وأن يتم إمهالها فرصة لتوفيق أوضاعها إذا ما أراد أصحابها الاستمرار''·
وقال المدير الشريك في الشرهان للأسهم إن المحافظ النوعية الأخيرة تقدم وعوداً خيالية يجب أن تلفت نظر أي مستثمر ويدرك على الفور أنها تنطوي على ''نصب'' مثل العوائد التي تصل إلى 50%، وتقديم توزيعات شهرية وهو أمر غير معتاد لدى الصناديق الاستثمارية المنظمة، أضف إلى ذلك أن متوسط العائد السنوي المتعارف عليه في سوق الأسهم هو 15% إلى 20% وما زاد على ذلك يعني أن هناك مغامرة، والحديث عن عوائد تصل إلى 50% و60% يعني ببساطة وجود نصب واحتيال·
وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة إدارة الأموال في سوق الأسهم لصالح المستثمرين انتشرت في الفترة من 2003 إلى ،2005 وانحسرت لفترة من الزمن قبل أن تطل برأسها من جديد·
وقال بيان لدائرة القضاء في أبوظبي أمس الأول أنه تم القبض على (أ ع ق) الذي قام بإغراء العديد من المواطنين والمقيمين على مستوى الدولة من خلال زعمه تملك شركة لتوظيف الأموال تعمل في العديد من المجالات الاستثمارية التي تتراوح نسب الربح بها بين 30 و40% شهرياً، وذكر البيان أن المشتبه به تمكن بذلك من الاستيلاء على مبالغ كبيرة بهدف توظيفها ومنح أصحابها شيكات ''وهمية'' تضمن حقوقهم·
وأشار الكسواني إلى أن الغالبية العظمى من مسؤولي تلك المحافظ لا يستثمرون الأموال التي يجمعونها في السوق المحلية، وإنما في الخارج، ويحرصون على ذلك، بما يتيح لهم الهروب دون وجود أية أصول لهم في الدولة·
واختتم الكسواني بالقول: ''إذا تحدث أحد المروجين لتلك الصناديق عن عوائد شهرية يجب أن تقفز علامات الاستفهام إلى ذهن المستثمر وعليه أن يدرك أن التوزيع الشهري وبمعدلات غير منطقية يعني أن هناك شيئاً خطأ وراء تلك المحفظة''·
وفي سياق نفسه قال المدير التنفيذي لمجموعة إدارة الأصول في شعاع كابيتال هيثم عرابي إن هذه النوعية من المحافظ تعتمد على استقطاب عملاء جدد باستمرار وتدفع من أموال الجديد للقديم ولكنها عند نقطة معينة أو نتيجة خسائر كبيرة في السوق تواجه صعوبات في الالتزام بالمدفوعات، أو إذا طلب أحد المودعين سحب أمواله فجأة·
وأشار عرابي إلى أن دولاً أخرى مثل السعودية مرت بتجربة مماثلة فأعطوا تلك المحافظ مهلة لتوفيق أوضاعها والخضوع للجهات التنظيمية، وقال: ''هنا تظهر نية من يقفون وراء المحفظة، لأن العمل وفقاً للقوانين يعني استحقاقات والتزامات معينة، لأن هناك سياسة معلنة ومعايير لكل محفظة استثمارية، وهناك التزامات تجاه العملاء، وضوابط استثمارية تعمل على أساسها، كما أنها تدار من خلال أشخاص مؤهلين لذلك، ومن ثم يتعين على المستثمرين اللجوء إلى الجهات المرخصة سواء من هيئة الأوراق المالية أو من المصرف المركزي، وأن تكون جهات ذات سجل ناجح ومصداقية''·
وأوضح عرابي أن حديث بعض المحافظة عن ضمانات لعوائد معينة يضعها في دائرة النصب والاحتيال، فالشركات المرخصة التي تدير صناديق ربما تضمن رأس المال المستثمر بنسبة 100% عند تاريخ الاستحقاق، وقد يضمن بعضها نسبة عائد في نهاية المدة لا تزيد عن 3% إلى 5%، أما الحديث عن ضمان عوائد خرافية فهذا أمر لا تقوم به محافظ مهيكلة أو شركات مرخصة، فمن يضمن نسبة عائد بسيطة، يعتمد على استثمار 90% من المبلغ في سندات مثلاً تحقق عائد 5% في نهاية المدة وبالتالي يضمن وجود 100% من رأس المال، ويستثمر 5% في أدوات مالية مشتقة وخيارات، تساعده على تحقيق معدل عائد اضافي·
وأضاف: ''بخلاف ذلك فالشركات التي توفر ضمانات لرأس المال المستثمر يجب أن تكون شركات معروفة ولديها تصنيف ائتماني مرتفع سواء ''دابل ايه'' ءء أو ''تريبل ايه'' ءءء، بما يعكس جدارتها الائتمانية وقدرتها على ضمان تلك الاستثمارات''· وأشار عرابي إلى أن حضور الصناديق الاستثمارية في سوق الأسهم الإقليمية يتراوح بين 10% و15% من القيمة السوقية، وترتفع النسبة إلى حد ما في السعودية، ولكنها تظل عند الحد الأدنى لهذا الإمارات·
المصدر: دبي