في الدورة السادسة عشرة لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، التي أقيمت خلال الفترة من السابع والعشرين من الشهر الماضي وحتى الثالث من الشهر الجاري، حضرت السينما المغربية عبر احتفالية خاصة، بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيسها، وقدمت خلالها مجموعة من الأفلام المنتجة خلال السنوات العشر. ومن بين تلك الأفلام: “عودة الروح “ لداوود أولاد السيد و”ألف شهر” لفوزي بنسعدي وفيلم فريدة بليزيد “كيد النساء” فيما اشترك المخرجان جيلاني فرحاتي و حسن بنجلون بمساهمة مزدوجة بين أفلام الاستعادة والمسابقة الرسمية، فلجيلاني عرض “ضفائر” ودخل في المسابقة بفيلمه الجديد “عند الفجر” من خلال قصة بطليه عمر وكلثوم، ندخل الى الهم المغربي وتداخل المشكلات الاجتماعية بغيرها. والفيلم على المستوى البصري تميز بإيقاع خاص، وربما الى درجة كبيرة تميز بإيقاع صانعه الأول فرحاتي فهو من كتبه وأخرجه ولعب الدور الرئيس فيه. انه فيلم مخرج وبالتالي فهو يمثل رؤية خاصة للمغرب والطريق الذي يمضي فيه، وربما من أكثر علاماتها خطورة اندفاع الشباب وتأثرهم بالمد الأصولي المتطرف. لقد لمس فرحاتي هذا الجانب مسا رقيقا في محاولة لتجنب السقوط في المباشرة لكنه وللحق كان مؤثرا لأن المشاهد سيركز دون دراية منه على مصير إبن الممثلين المسرحيين عمر وكلثوم. هذا الشاب الذي ترك البلاد وذهب الى المجهول. تاركا أمه لمرضها ووالده الى عوز له وانكسار مهني وحياتي كامل. وعلى نفس المستوى عرض لبن جلون “الغرفة السوداء” في الاستعادة فيما عرض “منسيو التاريخ” ضمن مسابقة الروائي الطويل. وهو شريط عادي حبكته تدور حول تجارة الرقيق الأبيض من المغرب الى أوروبا. وربما كانت ورقة البحث التي قدمها الناقد المغربي مصطفى المسناوي تفسر أسباب ظهور الأفلام المغربية بهذا المستوى الضعيف. فالمساعدات المحلية المقدمة للإنتاج السينمائي لم تنجح في تشجيع رؤس الأموال الخاصة للمشاركة فيه فظل الإنتاج مرهون بها، الى جانب إهمال دور العرض والتأهيل الأكاديمي. تجليات هذا المأزق واضحة في فيلم الافتتاح “أولاد البلاد” لمحمد اسماعيل. وعلى المستوى العربي فإن المشهد الذي تشكل عبر المهرجان لا يوحي بتقدم. فأسامة فوزي لم يأت بالشيء المتميز في فلمه الجديد “بالألوان الطبيعية” ولا حاتم علي في “الليل الطويل” والأكثر استغرابا اختيار إدارة المهرجان للتونسي “الدواحة” لرجاء عمار ضمن المسابقة. فيما يبدو اخيار “حراكة” لمرزاق علواش للاختتام، كان اختيارا موفقا. فعلوش اعتمد على المادة البصرية بالدرجة الأولى غير مهتم بتفاصيل موضوعه. بمعنى أن رهانه على اللغة السينمائية جاء بدلا عن الاعتماد الكبير على حكايته، لكونها بالأساس مبنية على موضوع تكرر كثيرا في السينما المغاربية، على وجه الخصوص. فالهجرة والهروب من الأوطان كانت وللعديد من الأفلام مادة محورية. غير ان علواش يبني عليها منجزا بصريا جيدا يحسب له. قد تكون حصيلة ما وصل الى تطوان غير مشجعة لكنها تبقى محاولة مهمة لتوصيل المنتج المتوسطي السينمائي الى الجمهور العربي في المغرب، بوصفه جزءا من الحراك الثقافي المتوسطي الواسع.