الرئيس اليمني يجدد التزامه بنقل السلطة
جدد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، أمس الخميس، التزامه بتنفيذ اتفاق نقل السلطة، لإنهاء الأزمة المتفاقمة في بلاده، منذ أكثر من عام، على وقع احتجاجات شعبية مطالبة بإنهاء حكمه الممتد منذ أكثر من ثلاثة عقود، فيما طالبته الولايات المتحدة بالتنحي فعليا بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، المزمع إجراؤها أواخر الشهر المقبل، وذلك بعد ساعات من عدول صالح عن السفر إلى أميركا للعلاج، وإفساح المجال للحكومة الانتقالية بالترتيب للانتخابات القادمة.
وقال مصدر مسؤول بالرئاسة اليمنية، أمس الخميس، إن “القيادة السياسية ملتزمة بتنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وكذا قرار مجلس الأمن رقم 2014” الصادر أواخر أكتوبر الماضي.ونظمت المبادرة الخليجية، التي وقع عليها صالح وقادة حزبه الحاكم وائتلاف المعارضة في بلاده في 23 نوفمبر بالعاصمة السعودية الرياض، انتقالا سلميا “مزمنا” للسلطة في اليمن، لمنع انزلاق هذا البلد إلى حرب أهلية على خلفية الاحتجاجات المناهضة والمؤيدة للرئيس اليمني، والمتواصلة منذ مطلع يناير الماضي. وطالب المصدر المسؤول، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، ائتلاف “اللقاء المشترك” المعارض، “الالتزام” بتنفيذ المبادرة الخليجية “بشكل دقيق وفق الترتيب الزمني المقرر فيها لتحقيق الأمن والاستقرار وصولاً إلى إجراءات انتخابات رئاسية مبكرة في 21 فبراير القادم”.
ودعت الرئاسة اليمنية إلى “عدم الالتفات إلى التصريحات والبيانات الصادرة عن بعض المصادر التي لا تريد إنجاح عملية التسوية السياسية للأزمة في اليمن”، دون أن تكشف عن هوية هذه المصادر، التي قالت إنها تسعى إلى “تقويض الأسس التي توافق أطراف العمل السياسي عليها”.وجاءت هذه التصريحات، بعد ساعات، من مطالبة الولايات المتحدة الرئيس صالح بضرورة القيام فعليا بتسليم السلطة بعد الانتخابات الرئاسية، التي سيترشح فيها نائب الرئيس اليمني، الفريق عبدربه منصور هادي، بشكل توافقي، بين حزب “المؤتمر” الحاكم، وائتلاف “اللقاء المشترك” المعارض، اللذين يشكلان منذ مطلع ديسمبر، حكومة “الوفاق الوطني”، برئاسة الطرف الثاني.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، تومي فيتور، في تصريح لوكالة فرانس برس، إنه ينبغي بموجب اتفاق حل الأزمة السياسية في اليمن “نقل صالح سلطاته التنفيذية إلى نائب الرئيس (عبد ربه منصور) هادي الذي يشرف حاليا على المرحلة الانتقالية”، منذ توقيع الأول على المبادرة الخليجية.وأضاف فيتور إن الرئيس “صالح وقع هذا الاتفاق بشهادة العالم اجمع. وتلتزم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بالعمل على جعله يحترم هذا الاتفاق”.وكانت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أعلنت، أمس الأول، أن صالح عدل عن السفر إلى الولايات المتحدة، بعد أن كان قد أعلن، أواخر الشهر الماضي، نيته التوجه إليها لاستكمال العلاج من إصابته البالغة في هجوم غامض استهدفه داخل مجمعه الرئاسي، منتصف العام الماضي، ولإفساح المجال أمام حكومة “الوفاق الوطني” للترتيب للانتخابات الرئاسية المقبلة.ولفتت إلى أن هذا القرار جاء بعد ضغوط مارسها عليه مسؤولون كبار في حزبه، المؤتمر الشعبي، الذين “ناشدوه” عدم مغادرة البلاد “في هذا الظرف الصعب”، معتبرين أن سفره في هذا التوقيت “سيشكل حالة خطيرة على الأوضاع وعلى (حزب) المؤتمر” الذي يحكم اليمن منذ تأسيسه في العام 1982.
إلا أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، قال إن الإدارة الأميركية لا تزال “تبحث مع الحكومة اليمنية” هذا الأمر، مشيرا إلى أن طلب صالح التوجه إلى الولايات المتحدة “لا يزال قيد الدرس ولم يتم رفضه”.ويعتبر بعض المسؤولين الأميركيين إن إخراج صالح من بلاده سيسمح بالحد من التوترات من الآن وحتى الانتخابات الرئاسية.وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند: “وجهة نظرنا أن الرئيس صالح يحتاج للتنحي جانبا والسماح للعملية بالمضي قدما نحو ما تم الاتفاق عليه وما قام بالتوقيع عليه”، حسبما أفادت الشبكة الإخبارية الأميركية CNN أمس الخميس.وتابعت :”نريد أن نرى نائب الرئيس والمعارضة يواصلان العمل نحو تحقيق عملية ديمقراطية في اليمن”، لافتة إلى أن طلب التأشيرة المقدم من الرئيس اليمني لا يزال لدى السفارة الأميركية في صنعاء ولم يتم سحبه، وأن واشنطن لم تتخذ قرارا بعد بشأنه.
ويرى مراقبون أن زيارة صالح إلى الولايات المتحدة ستعرض واشنطن لاتهامات بتوفير ملجأ لرئيس متهم بقتل مئات المتظاهرين المدنيين، خاصة وأن منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، توعدت الأسبوع الماضي، بملاحقة الرئيس اليمني إذا غادر بلاده، باعتبار أن اتفاق نقل السلطة الذي يمنحه “الحصانة” من الملاحقة القضائية “ليس له أي صفة قانونية خارج حدود اليمن”.ووافقت حكومة “الوفاق الوطني”، الثلاثاء، بشكل مبدئي على مشروع قانون “الحصانة”، لكنها لم تقره بعد قبل إحالته إلى البرلمان لإقراره أيضاً.وقال رجل الأعمال والزعيم القبلي المعارض، حميد الأحمر، إن مشروع القانون، المطروح على الحكومة الانتقالية، “يُظهر مدى استهتاره (صالح) بدماء اليمنيين”، معتبرا، في تصريح صحفي أدلى به أمس الخميس، أن هذا القانون في حد ذاته “إقرار” بتورط الرئيس اليمني في سفك دماء المحتجين، الذين يعتصم الآلاف منهم في ساحات عامة بعدة مدن، منذ شهور.ويرفض المحتجون اليمنيون، بمختلف أطيافهم السياسية، منح صالح حصانة من الملاحقة القضائية، حسب اتفاقية “المبادرة الخليجية، التي وقع عليها ائتلاف “اللقاء المشترك”، المساند الأكبر للاحتجاجات الشبابية.
وتظاهر عشرات آلاف اليمنيين، أمس الخميس، في العاصمة صنعاء ومدن أخرى، للمطالبة بمحاكمة صالح، وكبار معاونيه، بتهم مرتبطة بقتل مئات المدنيين منذ اندلاع موجة الاحتجاجات الشبابية في اليمن. كما طالب المتظاهرون بإطلاق سراح المعتقلين في السجون الحكومية، من أنصار “الثورة الشبابية”، مشددين على ضرورة استكمال هذه “الثورة” حتى تتحقق كامل أهدافها.
ودعت “اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية”، التي تقود الاحتجاجات المناهضة لصالح، أنصارها إلى التظاهر اليوم، فيما سُمي بـ”جمعة الحرية للمعتقلين”، وذلك في سياق التظاهرات الضخمة التي تحشد لها أسبوعيا منذ 11 شهرا.وحمًل نائب الرئيس اليمني، أمس الخميس، السفير السعودي لدى صنعاء، علي الحمدان، رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تضمنت “المستجدات الراهنة” في اليمن، خصوصا في ظل تنفيذ الأطراف المتصارعة آلية “المبادرة الخليجية”.
المصدر: صنعاء - واشنطن