تواصلت صباح أمس بمقر دائرة الثقافة والإعلام في منطقة اللية بالشارقة جلسات ملتقى الشارقة التاسع للمسرح العربي الذي تنظمه إدارة المسرح بثقافية الشارقة. ويهدف الملتقى إلى طرح عدد من المحاور النقاشية والفضاءات النقدية وملامسة أفق التغير في المشهدين الفني والاجتماعي والسياسي، وما يحيط هذا التغيير من تبدلات في منظومة الأخيلة والتصورات والإسهامات المسرحية العربية المنتظرة في المستقبل وفي قادم الأيام والمناسبات والمهرجانات. وحمل شعار الملتقى في دورته الحالية شعار “المسرح والتغيير” ليستشرف الحراك والتحولات المقبلة في المشهد المسرحي العربي، سواء على مستوى الطرح الموضوعي أو على مستوى تطوير آليات العرض المسرحي وما يتضمنه من تقنيات واشتباكات بصرية وذهنية وفكرية مع متفرج مختلف ومسكون بوعي متجاوز للأنساق و المناهج المسرحية القديمة والتقليدية. وكانت أولى الجلسات النقاشية التي طرحت محاورها بحضور نخبة من النقاد والمسرحيين العرب والمحليين، قد ركزت على المسارح العربية في أفق التغيير للباحث الدكتور حميد علاوي من الجزائر، وقدم للجلسة وأدارها الناقد المسرحي السوداني عصام أبو القاسم، حيث تضمنت ورقة علاوي نظرية نشأة الفنون وخصوصا المسرح، الذي ذكر الباحث أنه ولد مع استقرار وتجذّر مفهوم الدولة والمواطنة، وذلك عندما وجد الإنسان المتمدن في أثينا وروما القديمة نفسه أمام فن المسرح بدل الملاحم الطويلة التي تحيلنا إلى عصور أكثر قدماً، فالملاحم، كما ذكر الباحث، نشأت في ظروف ملائمة لسرد البطولات الخارقة التي تمتزج فيها الخرافة بالواقع ويعانق فيها التاريخ الحكايات المدهشة والبطولات العجيبة لأبطال خياليين. سرد بعدها الباحث جانباً من علاقة الثورة الجزائرية بالمسرح، والمسرح العربي بعد النكسة، وملامح المسرح العربي الجديد، الذي أكد المحاضر أنه مسرح سوف يتأثر دون شك بما يجري من أحداث غيرت معالم الحياة في كثير من البلدان العربية، واستدرك قائلاً “غير أن الاستجابة الثقافية والفنية لما يحدث لا ينبغي أن تكون انبهارية متعجلة أو تقودها أغراض تجارية متسرعة فلا يتمخض ذلك عن شيء”. أما الورقة الثانية التي قدمت خلال الجلسة فحملت عنوان “تجربة أوجستو بوال في المشهد المسرحي المصري” للباحثة الدكتورة نورا أمين، وقدم لها المسرحي محمد سيد أحمد، وتحدثت الباحثة عن تأثير تجربة المنظر المسرحي البرازيلي أوجستو بوال في التجارب المسرحية الجديدة في مصر، وخصوصاً ما يسمى بمسرح المقهورين والذي يتضمن تقنيات نمت أساساً من الألعاب الشعبية وفكرة الفرجة التفاعلية ثم تفرعت إلى مسرح كلامي أسس لمسرح المنتدى ومسرح الصورة ومسرح الجريدة، والمسرح الخفي، ومسرح المنتدى وقوس قزح الرغبة والمسرح التشريعي، وكلها كما ذكرت الباحثة تتبع فلسفة وإطاراً واحداً وفقاً لمنهج مسرح المقهورين. وفي الورقة الثالثة تحدثت الباحثة رشا عبدالمنعم عن حركة المسرح المستقل في مصر ضمن مسارات التغيير، وأشارت إلى ظهور تيار مسرحي في أواخر الثمانينيات خلخل المنظومة المسرحية في مصر، وطرح نفسه كبديل عن مسرح الموظفين التابع للدولة، وقالت إن هذا التيار المستقل ازداد ازدهاره في أوائل التسعينيات، وكان هذا المسرح بمثابة اعتراض على آليات الإنتاج التي تحول الفنان إلى موظف، وتحول العمل الفني إلى عملية إدارية تصادر حرية رأيه وفكره بدعوى الخطاب الملزم والثابت للمسرح المؤسسي، أما الورقة الرابعة والأخيرة في الجلسة الصباحية فقدمها الباحث ياسر علام وحملت عنوان “المسرح.. الأنا والآخر والتغيير” وأدار الجلسة الباحث المسرحي مرعي الحليان، حيث تضمنت الورقة مشاهد مسرحية يتداخل فيها السرد الذاتي مع الواقع الخارجي والأخيلة والشخوص الذين حاورهم الباحث ذهنياً وفكرياً من خلال فصول متعددة ومتناغمة في ذات الوقت، ومن المشاهد الذي ذكرها المقطع التالي “منذ البدايات والكاتب لديه هذا الهوس بالتفريق بين الكتابة للمسرح بوصفها كتابة غير أدبية، فنصه ليس شعراً وما ينبغي له، وليس قصة، وليس نصاً أدبياً عصياً على التصنيف، يمكن موضعته فيما عرف وقتها في العام 1994 بالنصوص العابرة للنوعية: القصة القصيدة وقصيدة النثر،.. ومن هنا ومن فكرة رغبة الزملاء في إعادة قراءة النص، تميل كتاباته نحو المسرحانية وبالفعل تتعاقد معه فرقة التمثيل وتتخذ من مسرح المدرسة الثانوية مكاناً للعرض”.