أبوظبي (الاتحاد)

عقدت في العاصمة الألمانية برلين الدورة الـ11 من اللجنة الإماراتية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني برئاسة معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، ممثلاً لحكومة دولة الإمارات، وبيتر ألتماير وزير الشؤون الاقتصادية والطاقة، ممثلاً للحكومة الاتحادية الألمانية، وجاء انعقاد اللجنة في إطار زيارة موسعة لوفد رسمي وتجاري رفيع المستوى من الإمارات إلى ألمانيا الاتحادية وجمهورية المجر، لبحث آفاق التعاون الاقتصادي وتعزيز أطر التجارة والاستثمار مع الدولتين الأوروبيتين.
وشمل برنامج زيارة الوفد إلى ألمانيا عدداً من الفعاليات المصاحبة لأعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة، أبرزها جولة ميدانية لمعالي المنصوري وعدد من أعضاء وفد الدولة على مجموعة من مقرات الشركات الألمانية الكبرى ومراكز الابتكار والمعالم المهمة في مدينة برلين، كما شمل برنامج الزيارة عقد جلسة موسعة بين وفد الدولة ومجموعة كبيرة من المستثمرين وشركات القطاع الخاص في ألمانيا، حيث شهدت الجلسة مشاركة نحو 20 مسؤولاً من جهات حكومية ألمانية وأكثر من 114 ممثلاً عن القطاع الخاص الألماني، فيما ضم وفد الدولة نحو 30 من كبار ممثلي الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية وعدداً من المستثمرين ورجال الأعمال.
واتفقت حكومتا البلدين من خلال مخرجات الدورة الـ 11 من اللجنة الاقتصادية المشتركة على توسيع نطاق التعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك في اقتصاد المستقبل. واتفق الجانبان على مجموعة مسارات لتنمية الشراكة والتعاون في الطاقة وسياسات المناخ والاقتصاد الأخضر. وجاءت البنية التحتية أيضاً كمحور رئيس للتعاون ضمن برنامج اللجنة، بما يشمل شبكات القطارات والنقل البحري والطيران المدني. وفي محاور أخرى، اتفق البلدان على التعاون في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والأمن الغذائي والمواصفات والمقاييس، وكذلك على التعاون التجاري والاستثماري وتبادل الخبرات من خلال منصة «إكسبو دبي 2020»، والعمل على مبادرات ومشاريع مشتركة في مجال المدن الذكية.
وأكد المنصوري خلال كلمته في الجلسة الرئيسية للاجتماع، أن دولة الإمارات وألمانيا تتمتعان بعلاقات ثنائية قوية وراسخة تقوم على أسس الصداقة والمصالح المشتركة، وأن البلدين يرتبطان بشراكة متميزة في المجال الاقتصادي على نحو يخدم أهداف التنمية لكل منهما، مؤكداً اهتمام دولة الإمارات بتوجيهات من قيادتها الرشيدة بالارتقاء بتلك العلاقات الاقتصادية والثنائية إلى مستويات أعلى، والحرص على الاستفادة من التجربة الألمانية الرائدة باعتبارها أحد أكثر بلدان العالم تقدماً في مجالات الصناعة والابتكار والتكنولوجيا والبحث العلمي.
واستعرض معاليه أبرز حقائق التعاون الاقتصادي وأرقام التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، مشيراً إلى أن الإمارات هي الشريك التجاري الأول عربياً لألمانيا، فيما تعد ألمانيا سابع أكبر شريك تجاري عالمياً وأكبر شريك تجاري أوروبياً للإمارات، وتستحوذ الدولة على ما نسبته 22% من مجمل التجارة العربية الألمانية، وتابع معاليه بأن إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بينهما وصل في عام 2017 إلى نحو 13.45 مليار دولار، وأنه بلغ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018 نحو 9.3 مليار دولار، بنمو في الصادرات الإماراتية إلى ألمانيا نسبته 122% ونمو في إعادة التصدير نسبته 69% مقارنة بالفترة نفسها عام 2017، كما أشار معاليه إلى أن التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين شهد خلال الفترة من عام 2010 حتى 2017 نمواً إجمالياً نسبته 60%.
وفي مجال الاستثمارات، أوضح معاليه أن ألمانيا تعد من أبرز البلدان المستثمرة في الإمارات، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الألمانية في الدولة في عام 2016 نحو 2.1 مليار دولار، في ظل وجود 91 شركة ألمانية مسجلة في العام نفسه (غير شامل المناطق الحرة)، و517 وكالة تجارية ألمانية، وأكثر من 16390 علامة تجارية ألمانية، وفي المقابل توجد مجموعة واسعة من الاستثمارات الإماراتية في ألمانيا في مجالات متنوعة مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة وإدارة الموانئ والصناعات التحويلية والمناطق الاقتصادية وغيرها.

اقتصاد المستقبل
ودعا معالي وزير الاقتصاد الشركات الألمانية إلى استكشاف بيئة الأعمال التجارية والاستثمار في الإمارات عن كثب والاستفادة مما تمتاز به من ميزات وحوافز وتسهيلات، مؤكداً أنها بيئة متنوعة وغنية بالفرص في عدد من القطاعات، خاصة تلك التي تمثل ركائز لاقتصاد المستقبل، مثل الابتكار والثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة وتوظيفاتها في قطاعات التعليم والصحة والنقل والطاقة المتجددة وحلول المياه والأمن الغذائي والسياحة وغيرها، ومشيراً أيضاً إلى أنها تمثل بوابة حيوية للتوسع نحو أسواق أخرى في المنقطة.
من جانبه، أكد بيتر ألتماير، وزير الشؤون الاقتصادية والطاقة الألماني في كلمته خلال اللجنة تميز العلاقات الثنائية بين الدولتين في مختلف المجالات التنموية، مشيراً إلى أهمية الخطوات الحالية الرامية لبحث أطر التعاون في القطاعات الاقتصادية المتقدمة بما فيها الثورة الصناعية الرابعة وتكنولوجيا الطاقة المتقدمة والنقل والفضاء والأمن الغذائي والمائي، وتابع أن تلك القطاعات تحظى باهتمام متبادل وتحمل العديد من فرص التعاون، مؤكداً اهتمام الشركات الألمانية بمواصلة الشراكات القائمة مع مختلف المشاريع التنموية الجاري تنفيذها في دولة الإمارات وتقديم الحلول التكنولوجية ونقل والخبرات والتجارب وتحقيق المنفعة المتبادلة.
وأضاف ألتماير أن الإمارات تمتلك رؤية تنموية واضحة وتنعكس بصورة متميزة في مختلف المبادرات ومشروعات البنية التحتية بالدولة، مستشهداً بتصميم مطار آل مكتوم الدولي ليكون أكبر مطار في العالم باعتباره مثالاً واضحاً على أن دولة الإمارات تستثمر بقوة اليوم في صناعة المستقبل، خاصة في ضوء ما يتضمنه المشروع من تطبيق لتكنولوجيا القيادة الذاتية وتوظيف لأدوات الثورة الصناعية الرابعة، مشيراً إلى وجود العديد من فرص الشراكة في هذا المشروع الطموح في ظل الخبرات الواسعة للشركات الألمانية في تلك المجالات، وقال إن بلاده حريصة على تحقيق مشاركة إيجابية ومثمرة في «إكسبو دبي 2020»، الذي يعقد تحت شعار «تواصل العقول لبناء المستقبل»، مشيراً إلى أنه الشعار الذي يجب أن يقود علاقات التعاون الثنائي والتنموي بين البلدين.
حضر أعمال اللجنة عدد من المسؤولين الإماراتيين.
وأكد علي عبدالله الأحمد، سفير الدولة في برلين، أن العلاقات الثنائية بين الدولتين كانت قوية للغاية منذ بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي تعود إلى تاريخ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة نفسها، مضيفاً أنه على مدى السنوات الماضية تم تعزيز هذه العلاقة الفريدة بشكل أساسي من خلال العلاقات الثنائية في جميع المجالات عامةً، والاقتصادية خاصةً، وتُعتبر دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي، في حين تمثل ألمانيا أكبر شريك تجاري أوروبي للدولة.
واستعرض المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية، البنود التي اتفقت عليها حكومتا البلدين للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني خلال المرحلة المقبلة بصورة منسقة من خلال محضر اجتماع اللجنة.
إلى ذلك، تضمنت محطات الزيارة عقد جلسة حوارية موسعة على هامش اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة، بعنوان «فرص الأعمال التجارية بين دولة الإمارات وألمانيا»، حيث حضرها عدد من أعضاء وفد دولة الإمارات، فيما حضرها من الجانب الألماني أكثر من 114 شخصاً يمثلون مجموعة كبيرة من الشركات ومؤسسات الأعمال في جمهورية ألمانيا الاتحادية.
وافتتح الجلسة المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية، وتوماس باريس وكيل الوزارة الاتحادية الألمانية للشؤون الاقتصادية والطاقة، كما تضمنت إلقاء كلمتين في الجلسة الرئيسية.
كما تضمنت الجلسة حلقتين نقاشيتين متخصصتين، الأولى حول البنية التحتية والجيل الرابع للثورة الصناعية وتكاملهما مع المسيرة التنموية لدولة الإمارات، وقد تحدث فيها ممثلون عن كل من المنظمة الألمانية للتعاون الاقتصادي مع بلدان الشرق الأدنى والأوسط، وغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية، و«سيمنس»، و«أدنوك»، و«مبادلة»، ومكتب العلوم المتقدمة بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل.
فيما تناولت الحلقة النقاشية الثانية محور الصناعة الرقمية والرعاية الصحية، وتحدث فيها ممثلون عن وزارة الاقتصاد والطاقة الألمانية، وشركة إندروف للتكنولوجيا الحيوية، وشركة سيمنس هيلثنيرز لتكنولوجيا الرعاية الصحية، وساب للبرمجيات، ودائرة الصحة بأبوظبي، وسلطة المنطقة الحرة بمطار دبي.

ألمانيا تشارك في «إكسبو 2020 دبي»
تتشارك دولة الإمارات وألمانيا رؤية واحدة حول أهمية الطاقة النظيفة، وكان لهذا أثره على حجم اهتمام ألمانيا بالمشاركة، من خلال استثمار 50 مليون يورو في جناحها الواقع في منطقة الاستدامة، الذي سيمتد على مساحة 4500 متر مربع، إضافة إلى وجود 231 شركة ألمانية مسجلة على منصة السوق الإلكتروني العالمي لـ«إكسبو 2020».
في الوقت نفسه، تشارك شركة «ساب» في المعرض كشريك الحلول البرمجية المبتكرة من فئة شريك رسمي أول، و«سيمنس» كشريك البنية التحتية وعمليات التشغيل الذكية من فئة شريك رسمي أول.

مجالات التعاون بين البلدين
اتفق الجانبان على التعاون في عدد من المجالات تشمل، التجارة والاستثمار والعلاقات الاقتصادية، زيادة التجارة الثنائية غير النفطية في السلع والخدمات وتنويعها عبر تسهيل الوصول إلى الأسواق في البلدين، وتكثيف المشاركة في المعارض التجارية وملتقيات الأعمال في كلا البلدين، إضافة إلى تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على تعزيز تواجدها بأسواق البلدين،
والتعاون في مجال الاقتصاد الأخضر والخدمات المستدامة
وتشجيع الشركات الألمانية لتعزيز مشاريعها الخاصة بالصناعة والبنية التحتية والتطوير العقاري في أسواق الدولة
وتم وضع أطر للتعاون وتبادل الخبرات ونقل المعرفة في مجال المواصفات والمقاييس في عدد من الأنشطة والقطاعات. وسيتم دراسة نماذج للتعاون وتبادل الخبرات في العلوم الطبية.
وكذلك تنفيذ برامج للتبادل الدراسي بين المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في البلدين،
وتم التأكيد على أهمية الشراكة الإماراتية الألمانية في مجالي الزراعة والغذاء.