يُعد عام 2011 الأكثر سلامة في تاريخ قطاع الطيران التجاري بمعدل حالة وفاة واحدة من بين كل 7,1 مليون مسافر في العالم، متجاوزا الرقم القياسي الذي تم تسجيله في العام 2004 بمعدل وفاة واحدة من بين كل 6,4 مليون مسافر، على الرغم من تحذير مسؤولي الطيران من أن هذا التحسن في الأرقام ربما يخفي وراءه أخطاراً كبيرة. كما يبدو أن 2011 سجل أيضا أقل نسبة في وفيات المسافرين التي بلغت جملتها 401، بغض النظر عن الارتفاع الأخير في معدل الرحلات والركاب في مختلف أنحاء العالم. وبلغ عدد حالات الوفيات في حوادث طيران 2004 نحو 344 راكباً، لكن يقل عدد المسافرين الذين نقلتهم شركات الطيران في ذلك الوقت بنحو 30% مقارنة بالعام الحالي. ويقول بول هيز مدير السلامة لدى مؤسسة “أساند” لاستشارة الطيران في لندن “تتحسن السلامة بشكل أسرع مقارنة مع التوسع الذي يشده القطاع”. ويبدو أن الشركات التي تستخدم طائرات غريبة الصنع هي التي سجلت أرقاماً أفضل في السلامة والتي شهدت حادثة طيران واحدة كبيرة بين 3 ملايين رحلة العام الماضي، أي أفضل من 2010 بنسبة 49% وبنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2001، وفقاً للبيانات الواردة عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”. وتعكس الأرقام أفضل أداء للقطاع منذ أن بدأت “إياتا” في تسجيل بيانات الحوادث في أربعينات القرن الماضي. وبضم الطائرات السوفييتية الصنع والأنواع العالمية الأخرى، انخفض معدل الحوادث العالمي بمعدل حادثتين لكل مليون رحلة، أي أكثر بنحو 7 أضعاف مقارنة بالطائرات الغربية الصنع مثل “بوينج” و”أيرباص”. كما يودع العام برقم قياسي آخر يتمثل في أطول فترة زمنية في تاريخ الطيران الحديث خالية من حوادث الطيران المميتة، وذلك حسب البيانات الواردة من منظمة “شبكة سلامة الطيران” غير الربحية التي ترصد حوادث الطيران. وتذكر المنظمة، أنه ومنذ 13 أكتوبر الماضي عندما وقع حادث في بابوا غينيا الجديدة الذي راح ضحيته نحو 28 مسافراً، لم تسجل حالة موت واحدة داخل طائرات النقل التجاري التي تعرف باحتوائها على أكثر من محرك وتبلغ سعتها نحو 14 راكباً فأكثر. وسجل عام 1985 أطول رقم قياسي بلغت مدته 61 يوماً فقط. وبينما تستحق هذه الأرقام الاهتمام إلا أنها لا تضمن توفر السلامة في المستقبل بل ربما تعمل على تقويضها بخلق حالة من الرضا والإذعان. وحذر بيل فوس مدير مؤسسة سلامة الطيران العالمية بقوله “لدينا سجل مبهر الآن حيث تحسن معدل السلامة على نطاق العالم مما يغري الحكومات والشركات بالقول تم انجاز المهمة الآن”. ولم تتحسن بعض مقاييس السلامة على مدى عدد من السنوات في الوقت لذي كشفت فيه حوادث الطيران عن مناطق أخرى لا تزال تحتاج إلى الكثير من العمل، مثل السلامة الأرضية في المطارات وتدريب الطيارين على الكمبيوترات المعقدة والمزيد من التوعية بخصوص مخاطر الطيران في بعض البلدان النامية. ويُذكر أن معظم حوادث الطيران في 2011 وقعت في روسيا وإيران ودول أفريقية عانت ولفترة طويلة مشاكل سلامة مثل أنجولا والكونغو. وظلت أميركا الشمالية بوصفها أكثر المناطق حوادث طيران، على نسبتها عند حادثة واحدة بين كل 10 ملايين رحلة طيران، بينما زادت في أفريقيا بنحو 40 ضعفاً تقريباً. لكن عموماً يعتبر الطيران الأفريقي أقل خطراً بالمقارنة مع السنوات القليلة الماضية ليعود الفضل في ذلك لتنسيق الجهود بين مسؤولي الطيران المحلي والمنظمين العالميين. ولا تزال حوادث الطيران الأرضية على شدتها في البلدان المتقدمة مما دعا لبذل المزيد من جهود السلامة، حيث أصبح خروج الطائرات عن المدرجات ظاهرة كثيرة الحدوث لتبلغ نسبتها الربع بين الطائرات غربية الصنع، على الرغم من قلة معدل الموت في مثل هذا النوع من الحوادث. وكذلك الهبوط قبل إجراء الاستعدادات اللازمة. ومن أقل الحوادث وقوعاً لكن أكثرها خطورة فقدان السيطرة على الطائرة، التي يصعب تحديد العوامل المسؤولة عنها. ويستدعي محاربة هذه الظاهرة التعاون بين خطوط الطيران والمنظمين وشركات صناعة المعدات. وتبرز مشكلة أخرى متمثلة في الارتباك الذي يحدث للطيارين في كمبيوترات غرفة القيادة، ومن الاعتماد الكبير على عملية الطيار الآلي مما يجعل العودة لعملية الطيار اليدوي عند الطوارئ، مهمة بالغة الصعوبة. ويتطلب اعتماد الطائرات على الكمبيوتر في عملها والتغييرات الكبيرة التي طرأت على عملية الطيران في الوقت الحالي، التدريب والاختبار الكافي للطيارين قبل انخراطهم في العمل. وهذا التحول من الضرورات الماثلة للتقليل من حوادث الطيران. وتنتج التحسينات في الغالب من تطوير المعدات وتدريب الطيارين. ويرى المحللون أن أكثر التطويرات المستقبلية تجيء من تحليل الكم الهائل من بيانات حوادث الطيران المختلفة بمختلف شركاتها ومواقعها. ولعب هذا التحليل المسبق للبيانات دوراً كبيراً في تقليل حوادث الطيران في أميركا منذ أواخر تسعينات القرن الماضي والذي تبنته خطوط طيران أخرى في العالم خاصة في روسيا وأميركا الجنوبية. وتحاول الوكالة الاتحادية الأميركية للطيران الآن تبادل بيانات السلامة مع دول أخرى تتعلق بحوادث طيران واقعية. ونسبة للتحديات القانونية والفنية التي تمثلها مشاركة مثل هذه البيانات بين الدول، لم تقدم حتى الآن أي شركة طيران أجنبية أي بيانات تذكر. وبالبحث عن أسباب حوادث الطيران التي تقع في مختلف أنحاء العالم، لم يتم التوصل حتى اليوم لفرق واضح بين حوادث الرحلات الدولية والداخلية. نقلاً عن: وول ستريت جورنال ترجمة: حسونة الطيب