محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
تحتل الكاتبة والشاعرة والناقدة الأدبية الكندية مارغريت آتوود (1938)، مكانة رفيعة بالنسبة للأدب العالمي، ليس فقط بسبب حصولها على جوائز أدبية كبرى هنا وهناك.. وإنما أيضاً لاهتمامها بصياغة روايات إنسانية، شاملة المضمون والمعنى والدلالات.
مؤخراً صدرت للروائية الحاصلة على جائزة البوكر البريطانية 2018 مناصفة مع الكاتبة النيجيرية برناردين إيفاريستو عن روايتها «الوصايا»، روايتها ذائعة الصيت «حكاية الجارية» عن دار «الكرمة» بالقاهرة، بالتعاون مع دار «روايات» الإماراتية، وبتوقيع المترجم السعودي «أحمد العلي».
الخيال متلبساً بالواقع
تكمن أهمية رواية «حكاية الجارية» في كونها تنتمي لعالم الأعمال الأدبية السياسية التي تحذر من شكل المستقبل، وتسرد فيها ببراعة سيرة «أوفرد» الجارية في جمهورية جلعاد المتخيلة، والتي تخدم في منزل الرئيس الغامض وزوجته الشرسة حادّة الطباع، وتعد هذه الرواية التي حققت شهرة واسعة من أحدث الروايات المنتمية لفئة الدستوبيا، أو أدب المدينة الفاسدة، وتدور أحداثها في ديكتاتورية مستبدة في الولايات المتحدة، وتناقش الرواية الاستبعاد الذكوري للمرأة في ظل المجتمعات الأبوية، والوسائل المختلفة التي استعادت فيها الشخصيات فردانيتها واستقلاليتها.
الكتابة عن بُـعد
مارغريت آتوود التي ابتدعت ما يسمى تقنية «الكتابة عن بعد»، تشكل أعمالها انعكاساً لشخصيتها المميزة والمرحة، واعتبر عديد النقاد الأدب الذي نشرته بمثابة هدية ثمينة وإرث حضاري للمجتمعات بلاشك، وقد أصدرت خلال مسيرتها الكتابية التي تمتد لأربعة عقود 19 رواية و7 كتب للأطفال، وأكثر من 20 ديواناً شعرياً، ومن ذلك روايتها الشهيرة «الوصايا» التي حصلت بسببها على جائزة البوكرمان المرموقة، وتتحدث عن تفشي التّطرف وانتشار الفكر الشعبوي والديماغوجيين الّذين يحاولون إثارة المخاوف والاستحواذ على السلطة من خلال ذلك. ومن أشهر أعمالها أيضاً كتابا «ذي كمبل يومان» الصادر عام 1969، و«كاتس آي» 1993، ثم كتابها الأشهر عالميا «مفاوضات مع الموتى» الحائز جائزة فرانز كافكا، وهي المكافأة الدولية الكبيرة التي نالتها آتوود عام 2002.
أما سر تواصلها ونجاحها المدهش والمستمر حتى وقتنا هذا، فيعود في الواقع لكونها مبدعة لا تتوقف عن التفكير أو السؤال، ثم مشروعها في تدريس الكتابة الإبداعية، وبشكل أوسع الكلام عن الأدب من منظور نقدي أو تقني، ثم ما لديها من إسهامات كبيرة في التأصيل النظري لقضية الهوية، وقد استرعى ذلك اهتماماً واسعاً في كندا، وعلى صعيد دولي كذلك، ما جعلها على الدوام الكاتبة الأكثر إثارة للاهتمام لدى النقاد والجمهور معاً.