برلمان العراق يعلق جلساته لتهدئة الغضب الشعبي
هدد رئيس مجلس النواب العراقي (البرلمان) أسامة النجيفي أمس، بسحب الثقة من أي وزير لا ينفذ 75% من الميزانية الاستثمارية المخصصة لوزارته. وأكد دعم البرلمان للبطاقة التموينية وإلغاء مخصصات للمسؤولين وتحويلها لصالحها، متعهدا مكافحة الفساد، وعلق جلسات البرلمان لأسبوع في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي المتزايد في العراق.
وجدد رئيس الوزراء نوري المالكي إعلانه بأن الحريات مكفولة ومضمونة دستوريا ومن يتعدى عليها يحاسب، معلقا العمل بقانون الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، وسط تصاعد للتظاهرات في عموم مدن العراق، والذي أخذ منحى عنيفا في السليمانية، حيث سقط قتيل وأصيب 48. وقال النجيفي في مؤتمر صحفي أمس، إن البرلمان سيفتح جميع ملفات الفساد التي ارتكبتها الحكومات السابقة، كاشفا عن تخصيص ستة تريليونات دينار للبطاقة التموينية للعام الحالي. وأضاف أن “موازنة 2011 التي أقرت طموحة وفيها الكثير من الإيجابيات للشعب العراقي”، مضيفا أن الموازنة بلغت 96,6 تريليون دينار (81,9 مليار دولار)”.
وأكد أن “هذه الموازنة ستعطي نقلة جديدة للشعب العراقي، لتحقيق مطالب الناس المشروعة من الوظائف والحصول على ما يكفي من العيش المحترم”. وأكد أن “هناك مشاريع للسكن والزراعة والتربية المدارس وبنى تحتية”.
وأضاف أن “التخصيصات المرصودة لشراء سيارات لجميع مجالس المحافظات والرئاسات حذفت، كما ألغيت تخصيصات المنافع الاجتماعية، وحولت لدعم البطاقة التموينية ودعم صندوق الرعاية الاجتماعية”. وذكر أنه “تم تثبيت جميع المتعاقدين مع المؤسسات الحكومية، واستثناء شرط العمر، الذي كان يعيق الكثير من الحصول على وظيفة”.
كما أعلن عن مشروع قانون جديد سيتم إقراره يخفض رواتب الرئاسات الثلاث والوزراء وكبار المسؤولين. وقال النجيفي إن “هذه الأشياء سنلتزم بها وسنعمل على تحقيقها”.
وبخصوص التظاهرات قال “نحن مع التظاهر على مبدأ مشروع وحرية ضائعة، من حق العراقي أن يرى حكومة فاعلة وأموال تصرف بطريقة قانونية ومعالجات حقيقة”. وأضاف “على البرلمان تحقيق مطالب الشعب، لابد أن نلتزم بالضوابط، وليس مظاهرات تحرق وتدمر”.
وأعلن النجيفي تعليق جلسات البرلمان لمدة أسبوع ووجه أعضاءه للعودة إلى دوائرهم للمساعدة في تهدئة الاحتقان المتصاعد بسبب الفساد ونقص المواد الغذائية وتردي الخدمات. وقال أيضا “وجهنا النواب بالتوجه إلى محافظاتهم غدا وسيعملون لأسبوع متواصل كي يتسلموا كل الشكاوى ويضعوا تصورات لحلول المشاكل بالاشتراك مع منظمات المجتمع المدني، وسيناقش البرلمان بالتفصيل إصلاح الوضع”.
وكان البرلمان رفع أمس جلسته إثر مشادة كلامية بين النجيفي وأعضاء في كتلة التغيير الكردية المعارضة (كوران)، بسبب بيان الأخيرة حول الأوضاع في كردستان. ?وتشهد السليمانية منذ الخميس تظاهرات شارك فيها الآلاف للمطالبة بإجراء إصلاحات حكومية ومحاربة الفساد والمفسدين. وأسفرت مواجهات دارت الأحد بين متظاهرين وقوات الأمن الكردية في السليمانية (الأسايش) عن سقوط قتيل و48 جريحا.
وقال الطبيب ريكو حمة رشيد مدير عام صحة السليمانية إن “فتى يبلغ من العمر 17، توفي متأثرا بجروحه إثر إصابته بطلقتين ناريتين في بطنه”. وأضاف أن “عدد جرحى المواجهات بلغ 48 جريحا بينهم 8 أصيبوا بطلقات نار، والباقين بالعصي والهراوات”. وحاول 1500 شخص الانطلاق بمسيرة باتجاه وسط السليمانية، لكن الشرطة منعتهم مما أدى إلى اندلاع المواجهات. فيما شوهدت قوات البيشمركة تتجه من أربيل إلى السليمانية للسيطرة على الوضع.
ووصف القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان الوضع في كردستان بالخطير، نافيا لـ”الاتحاد” أن يكون حل المشكلة في بغداد. وقال إن تنسيقا يتم حاليا لعقد لقاء بين زعامات الكتل المعنية يسبقه لقاء بين ممثلين عنهم للتحضير، سينعقد اليوم أو غدا.
ووصف عثمان المشكلة بالكبيرة، لأنها تطورت إلى تظاهرات شملت جميع المدن تخللها إطلاق نار على متظاهرين وحرق مقرات ونشر للقوات في عموم الإقليم. وقال إن “ما حدث في السليمانية سينتشر تدريجيا للمدن الأخرى وعلى الجميع تطويق الأزمة بشكل سريع”. وأضاف أن “الوضع متوتر كثيرا وحدثت خسائر اقتصادية كبيرة جدا وصلت لعشرة ملايين دولار”.
من جهته كشف المتحدث باسم كتلة التغيير محمد توفيق لـ”الاتحاد” عن تنسيق يتم حاليا بين كتلة التغيير والأحزاب الكردية الصغيرة تهدف لتشكيل كتلة أكبر داخل برلمان الإقليم. وقال إن لقاء أوليا سيعقد بين الكتل الممثلة في برلمان الإقليم، وهم الاتحاد الكردستاني، والديمقراطي الكردستاني، والإسلامي الكردستاني، وكوما، بالإضافة إلى التغيير، لإيجاد حل للازمة. ووصف الأزمة بالمشكلة الكبرى، وقال “طالبنا بالإصلاح منذ عام 2009”، مضيفا أن هناك تأييدا كبيرا من قبل الشعب الكردي لكوران.
وفي شأن متصل عرضت الحكومة على العراقيين توفير الكهرباء بالمجان واشترت السكر لدعم الحصص التموينية وحولت 900 مليون دولار كانت مخصصة لشراء مقاتلات إلى برامج التموين.
وجدد المالكي على حق التظاهر وحرية الشعب في اختيار ممثليه. ونقل بيان لمكتبه عنه القول “وجهنا الوزراء بأن يكونوا في الميدان، سنتابع المطالب التي رفعت إلينا ونعمل على تلبيتها”.? وشدد على أن الحريات مكفولة ومضمونة دستوريا، ومن يتعدى أو يتجاوز عليها يحاسب دستوريا. وقال “نحن بحاجة إلى بناء الدولة وبناء المجتمع”. وأضاف أن “الشعب العراقي له الحق في التمتع ?بخيراته”.
وفي خطوة لتفادي الاحتجاجات، علقت الحكومة بدء العمل بقانون الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة. وجاء في بيان صادر عن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ أنه تم “تخويل الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعداد مشروع قانون يقضي بتعليق العمل بقانون التعرفة الجمركية رقم 22 لسنة 2010 وحتى إشعار آخر”.
من جهته، حذر نائب رئيس الوزراء صالح المطلك مسؤولي الدوائر الخدمية من غضب الشعب العراقي، لتدني الخدمات الأساسية.? فيما أعلن المرجع الديني علي السيستاني تأييده التظاهرات ضد “تقصير الحكومة” على أن تكون سلمية ودون الاعتداء على الأملاك العامة.
»النزاهة» تطالب الحكومة و«النواب» تقديم وثائقهم الدراسية
بغداد (الاتحاد)- هددت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي (البرلمان) أمس، بمحاسبة أعضاء الحكومة العراقية والرئاسات الثلاث ونوابهم وأعضاء البرلمان، في حال عدم تقديم وثائقهم الدراسية خلال 4 أسابيع. وقال رئيس اللجنة بهاء الأعرجي في مؤتمر صحفي مشترك مع أعضاء اللجنة إنه تم توجيه كتاب إلى الرئاسات الثلاث (الجمهورية والنواب والوزراء) وأعضاء البرلمان والحكومة والمحافظات يطالبهم بتقديم وثائقهم الدراسية خلال فترة لا تتجاوز 4 أسابيع وسوف يعاقب المتأخر. وأشار إلى أن اللجنة ستعلن وبتقرير مفصل عن الفساد وأسماء الفاسدين خلال شهرين، بعد أن يتم التحقيق معهم وإثبات دليل الفساد سواء من المسؤولين السابقين أو الحاليين. وشدد على أن الشارع العراقي يشهد اليوم اعتصامات وتظاهرات مطالبة بمحاربة الفساد الإداري والمالي، لذا يجب أن يكون للجنة النزاهة في البرلمان والهيئة ولجانها دور كبير. وكشف الأعرجي عن تقديم اللجنة مقترحا يقضي بإلغاء الفقرة (ب) من قانون أصول المحاكم الجزائية، التي تمنع محاسبة أو القبض على الموظف من دون موافقة مسؤوله. وذكر أن “هيئة النزاهة أو المحاكم القضائية ستعتقل أو تحاسب الموظف حتى وإن كان وزيرا دون الرجوع إلى مسؤولة أو مديره”. وقال إن “مجلس النواب السابق كان تابعا للحكومة وهذا المجلس الحالي يختلف عنه”.
المصدر: بغداد