«شبكة النساء الأفغانيات»... سلاح ضد التطرف
ساهانا دارمابوري
مستشارة في قضايا "الجندر"ومتخصصة في قضايا الأمن والنزاعات
على مدى العقد الماضي، قامت وسائل الإعلام الغربية في مرات كثيرة بتقديم النساء المسلمات كضحايا. وضمن هذا الإطار قرأنا حول رجال "طالبان" الذين يقومون بضرب النساء الشابات اللاتي يضحكن في الشارع؛ وحول عمليات القتل التي تستهدف مهنيات عراقيات -طبيبات وصحافيات ومحاميات- لأنهن يمثلن رأيا مخالفا لأجندة متطرفة.
والواقع أن الأميركيين كثيراً ما ينظرون إلى النساء المسلمات كضحايا صامتات إلى درجة أنهن يثرن في أذهانهم ربما صورَ وجوهٍ صامتة لا شكل لها، ترتدي البرقع الأزرق السماوي وباتت مرادفا لـ"النساء المسلمات".
هؤلاء النساء هن من بين الضحايا؛ غير أنه يجدر بالولايات المتحدة، في وقت تعمل فيه مع السكان المحليين الأفغان على تطوير السياسات، أن تدرك أنه من أجل النهوض بالديمقراطية ودعم حقوق الإنسان على نحو مسؤول داخل بلدان تعمل على تطبيق الإصلاحات، لا بد من إشراك المرأة في عملية صنع القرار.
النساء يعتبرن من أعظم المدافعين عن الأجندات التقدمية المناوئة للتطرف؛ وبالتالي، فإن تجاهل الحلول التي يقترحنها يشكل خطأ فادحاً. وإذا استطاع صناع السياسات تحديد ومعالجة العراقيل التي تحول دون مشاركة النساء في المسائل المتعلقة بالخطاب العام، فإنهم سيفتحون فضاء جديداً للأصوات المعتدلة؛ غير أن هذا لا يعني أن النساء لا يحاولن المشاركة في مثل هذا الحوار.
فمنذ 2007 دعت "شبكة النساء الأفغانيات" حلف شمال الأطلسي إلى إدخال آراء الأفغانيات في أنشطة فرق إعادة الإعمار الإقليمية في أفغانستان، مشيرة إلى أن حق النساء في الأمن الجسدي والمشاركة في الحياة العامة يتم إضعافه، إن لم يكن يتعرض للانتهاك بالكامل، لأن فرق إعادة الإعمار لا تأخذ النساء، بشكل خاص، في عين الاعتبار.
ونتيجة لذلك، كان صناع السياسات الدوليون يهدرون الفرصة لإعادة الإعمار لأنهم لم يوفروا للنساء الحماية والموارد الإضافية التي يحتجنها من أجل الانتقال بأمان إلى حيث تعقد اجتماعات الحكومات الإقليمية. ولأن حقهن في الأمن الجسدي لم يُحفظ، فإنهن لم يستطعن المشاركة في هيئات مهمة لصنع القرارات، ولم تتم الاستفادة من الأفكار التي كان يمكن أن يجلبنها ويطرحنها على الطاولة – اقتراحات مفيدة حول كيفية محاربة التطرف استنادا إلى تجاربهن الخاصة.
وعلاوة على ذلك، فإن إحدى خصائص المنظمات النسائية، مثل "شبكة النساء الأفغانيات"، هي حقيقة أن أفكارها بخصوص محاربة التطرف استراتيجية وطويلة المدى، حيث تقدم مقترحاتُها حلولا من شأنها تقوية القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي على الميدان. كما تشدد على إشراك مستشارين في قضايا "الجندر"، وتقوي الذاكرة المؤسساتية في فرق إعادة الإعمار عبر إنشاء سجل للأشياء التي تنجح والأشياء التي تفشل في نزاع مثل أفغانستان.
قد يجادل المنتقدون بأن الثقافة وحقوق الإنسان قيمتان مختلفتان؛ وقد يقولون إن تحرير المرأة قيمة غربية؛ هذا في حين قد يذهب آخرون إلى أننا في حاجة إلى الفوز في الحرب ضد المتطرفين أولًا، وبعد ذلك سنعالج مشاكل النساء. غير أنه إذا كانت النساء أنفسهن يعملن بجد حتى يُسمع صوتهن، ففي هذه الحالة تسقط هذه الحجة.
وفي الصيف الماضي، اجتمعت أكثر من 200 زعيمة منظمة نسائية في مؤتمر "المبادرة الإسلامية للنساء من أجل الروحانيات والمساواة" في العاصمة الماليزية كوالالمبور من أجل مناقشة ضعف تمثيل النساء. وبهذه المناسبة، أنشأ المؤتمرُ "المجلس العالمي لشورى النساء المسلمات"، وهو مجلس لكل النساء يدافع عن حقوق النساء في إطار إسلامي.
والواقع أنه إذا حظي مثل هذا العمل بالدعم على الصعيد الدولي، فإن النساء تستطعن تركيز جهودهن على حل الاضطراب في المنطقة.
غير أنه إذا كانت الولايات المتحدة ترغب حقا في دعم أفغانستان، فعليها أن تبدأ عبر التصرف مثلما تقترح "شبكة النساء الأفغانيات" وتطبق السياسات واتفاقات حقوق الإنسان التي وقعت عليها الولايات المتحدة، مثل قرار مجلس الأمن الدولي 1325، عبر جعل النساء لاعبات متساويات مع الرجال على جميع المستويات.
على أن ثمة طريقة أخرى لدعم ذلك وتتمثل في زيادة استعمال المجندات الأميركيات في "فرق التجنيد النسائي" في أفغانستان وتعبئتهن بشكل مستمر، وهو أمر يعكس احترام النساء ومن شأنه تحسين قدرة واشنطن بشكل كبير على نسج علاقات إيجابية مع أفراد المجتمع ذكورا وإناثا، ومن خلاله تحسين فرصتها في إمكانية توفير بيئة أكثر استقراراً بشكل عام.
إننا ندرك أن أجندات حقوق النساء المسلمات تختلف من بلد إلى بلد، وحسب مناطق النزاع والأنظمة، لأن مشاكلها ليست واحدة وتتطلب حلولاً تناسب سياقها الاجتماعي والسياسي والثقافي الإسلامي الخاص.
غير أنه يتعين على صناع السياسات الذين يعملون على تطوير وإدارة صناديق مالية في بلدان مثل أفغانستان أن يستفيدوا من تجربة هؤلاء النساء وتفانيهن ومعرفتهن من أجل زيادة قدرتنا المشتركة على التوصل إلى حلول مناسبة وطويلة المدى تراعي الخصوصيات الثقافية المحلية من أجل محاربة الأجندات المتطرفة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«كريستيان ساينس مونيتور»