خدمة العملاء صارت موضة التسويق، ومن روافدها الكبيرة المحاضرات ودورات تطوير الذات وإدارة المهارات في هذا المجال، حيث نمت وانتشرت الكتب التي تحفز وتبين الطرق السليمة التي يجب سلكها لكسب متلقي السلعة مهما كان نوعها، ومن هذه المهارات خدمة العملاء وكسب ودهم وثقتهم بكل لباقة واحترام، هذه الدورات أدت إلى تحسين أداء العملاء بنسبة 85 ? حسب عيسى المسكري خبير خدمة العملاء، حيث قال: إن دورات فن التخاطب ومهارات خدمة العملاء أدت إلى تحسين أداء الموظفين وسرعة الإنجاز، واللباقة في المعاملة وإعطاء صورة حضارية عن البلد مقارنة مع دول العالم بنسبة 85 ? . التعامل مع الآخرين فن لا يتقنه الجميع وفي محاضرة قدمها مؤخراً في المعهد المروري بالعين التابع للقيادة العامة لشرطة أبوظبي، عن فن التخاطب وخدمة العملاء، قال المسكري: التعامل مع الآخرين من الأمور التي لا يتقنها كثير من الناس، فالإنسان عبارة عن مشاعر وعواطف وأحاسيس، والخدمة عندما تكون متميزة تترك أثراً طيباً في حياة العملاء إلى الأبد.. وحدث مستمعيه قائلاً: «في يوم من الأيام دخل خروف في إحدى الصالات المزينة بألف مرآة، وما أن وقف الخروف في مقدمة الصالة حتى رأى نفسه محاطاً بألف خروف، ثار على خصومه المزعومين، غضب وانقلب الغضب سلبياً على نفسه بصورة متكررة أضعاف الآلاف، حتى سقط ميتاً من الإعياء البالغ، وبعد سنوات عديدة، تكررت القصة نفسها مع خروف جديد لكن بشكل آخر فعندما دخل صالة المرايا، رأى نفسه أيضاً محاطاً بألف خروف آخر، خالجه شعور بالفرح، وشعر فجأة بأن لديه ألف صديق. وما يسمى بمشاكل الشخصية مثل التخوف والخجل والشعور بالذات، هي في الأساس مشاكل في التعامل مع الناس، و هكذا تهدف دورات خدمة العملاء إلى تزويد المشاركين بالمفاهيم العلمية الحديثة، والمتعلقة بمفاهيم طبيعة الجمهور وسلوكهم وكيفية تحقيق الرضاء الكامل لهم، وتلبية رغباتهم واحتياجهم والعناية الكلية بهم، ثم استفادة من بعض المهارات الفعالة لخدمة العملاء». المكاسب المادية لقد احتفظت جامعة بوردبو بسجلات دقيقة لخريجي الهندسة على مدار يزيد عن خمس سنوات، أجريت مقارنة بالمكاسب المادية، فوجدت أنَّ مكاسب من تميزوا بالقدرة على التعامل مع الآخرين تزيد 15 % عما حصله الأذكياء. كما قام مكتب الإرشاد المهني في جامعة هارفرد بإجراء دراسة على آلاف الرجال والنساء الذين تم الاستغناء عن أعمالهم، وجد أنه مقابل كل شخص فقد وظيفته لفشله في أداء عمله، هناك شخصان تم فقدهما لوظائفهما بسبب فشلهم في التعامل مع الناس بنجاح. ويضيف عيسى المسكري: قام الدكتور ألبرت ادوارد ويجام بدراسة عنوانها «دعنا نسبر أغوار عقلك» على 4000 شخص ممن فقدوا وظائفهم في عام واحد، فوجد أن 10 % منهم أي 400 شخص فقدوها بسبب عدم قدرتهم على إنجاز أعمالهم، وأن 90 % منهم أي 3600 شخص، فقدوها لأنهم لم يقوموا بتطوير شخصياتهم كي تستطيع أن تتعامل بنجاح مع الآخرين. إدارة العلاقات ويضيف عيسى المسكري: توجهت موضة خدمة العملاء إلى شيء مختلف، فخلال التسعينيات ظهرت تحت مسمى إدارة العلاقات بالعملاء، فبينما كانت الشركات تكافح من أجل تقليل النفقات، وتحسين الكفاءة، وزيادة الإيرادات والأرباح، جعلوا الكمبيوتر يستحوذ على الكثير من الأدوار التي كان يقوم بها عادة موظفون مسؤولون عن خدمة العملاء، فمراكز الإتصالات وتسجيل الصوت التفاعلي والطلب عبر الإنترنت أصبحت السمة المميزة، وهكذا اتضح أن استخدام موظفين أمر مكلف للغاية، ولا يمكن الاعتماد عليه في خدمة اقتصادية للعملاء، ولكن لم يؤد التركيز على التكنولوجيا، وتقليل النفقات إلا إلى نفور العملاء ونفور الموظفين، وخسارة بعض الشركات، وظهور الكسل والتهرب والتمارض عند الموظفين. فالعملاء يشعرون بمجرد أن يدخلوا باب الشركة، أو بمجرد أن يرفعوا سماعة الهاتف بالإحباط والإهمال، أو بإن هذه الشركة مليئة بالحيوية والتميز والإثارة والخدمة الراقية، هناك سلوك بسيط يمكن أن يحقق اختلافاً وفارقاً واضحاً يعتمد على الموظفين في خدمتهم الرائعة. احتواء العميل العصبي ويتحدث عيسى المسكري عن أنواع العملاء ويقول:»العميل العصبي قد لا يكون يقصدك أنت شخصياً أو عملك ولكن طبيعة شخصيته أنه عصبي، فلا تخلط بين تكوينك وشخصيتك وكرامتك.. لذا يجب أن تجعل فاصلاً بين شخصيتك أنت وبين واجبك وعملك، فأهم التحدي والنجاح الحقيقي هو ليس بالتعامل مع الأشخاص الودودين والإيجابيين فقط « ونسبتهم ليست كبيرة»، ولكن التحدي الأكبر هو بالتعامل المميز مع الأنواع المختلفة وتحقيق هدف شركتك أو مؤسستك. ويفيد المحاضر: «هناك أشياء بسيطة يمكنك أن تفعلها لتفادي انتظار العملاء في الطابور: - أوقف كل شيء من أجل خدمة الجمهور. افتح منافذ إضافية. -استدع العاملين في الأعمال الكتابية للتعاون في خدمة الجمهور. ـ أجِّل الاجتماعات الدورية من أجل تسهيل الخدمة. الشخصيات الشائعة يكمن تصنيف «الشخصيات الشائعة للعملاء» كالتالي: المتعجل، شديد الحساسية والانفعال، الجاد، المتسوق، المتردد، الثقيل، الصامت ومدعي المعرفة. ومن كل ذلك يجب ان نضع نصب أعيننا أن « العميل» بشر ويجب أن تضع نفسك مكانه في أي تعامل يتم بينك وبينه. ويمكنك كذلك تحليل شخصية العميل من خلال ملاحظة حركاته وتصرفاته ماذا يريد؟ هل هو في عجلة من أمره؟ هل قراراته سريعة أم بطيئة؟ - انظر إلى ملابس عميلك: لاحظ تعبيرات وجه عميلك: حاول أن تقرأ تعابير وجهه، وما توحي به قسماته، وكيف يمكنك مبدئياً الحكم عليه لتختار الطريقة التي ستبدأ بها الكلام، تحدث معه لتعرفه شخصيته، حيث يمكنك ملاحظة صوته وانفعالاته ولغته، وألفاظه المستخدمة في المحادثة. تحديات ويفصل عيسى المسكري ويقول عن التحديات التي يجب رفعها:»من أهم التحديات هي المحافظة على ولاء الزبائن، حيث تعاني الشركات الكبرى من تسربهم، فهناك دراسات إحصائية تشير إلى أن معدل فقدان الشركات لزبائنها قد يبلغ 20% من عدد العملاء الكلي كل عام، وأن كلفة كل عملية للمحافظة على العميل قد تبلغ ستة أضعاف كلفة اكتساب عميل جديد، وأنَّ68% من العملاء يغيرون الشركات والمؤسسات التي يتعاملون معها بسبب الخدمات، والملاحظ أن 4% فقط من هؤلاء العملاء الذين توقفوا عن التعامل سبق لهم أن اشتكوا من سوء الخدمات، بينما 90% تركوا دون سابق إشعار، وأن 82 ? من العملاء الذين تم حل مشكلاتهم عاودوا التعامل مع الشركات نفسها. الصبر مضاد حيوي لشقاء الإنسان أحمد الكبيسي: النفوس تروض كما الخيول لكبيرة التونسي أبوظبي ـ يكتنف أحاسيس بعض الناس الكثير من مشاعر القلق والتوتر، وصار الاكتئاب والميل للانتحار مرض العصر، خاصة في بعض الدول الغربية، فازداد الاقبال على كتب تطوير الذات والتنمية النفسية، وعلى الدورات التي تحث على الاتزان والرجوع للخالق والإيمان بقدرته، وتدعو للرقي بالنفس البشرية، وتحفيز الهمم، لاقى ذلك كله إقبالاً كبيراً. وكانت الحكمة التي تقول إنه لا خوف على أي متدين، «أي من يدين بدين معين، سواء كان الدين الإسلامي أو غيره». وفي هذه الأجواء انعقد مؤخراً مؤتمر «عالم في أسرة» الذي نظمته مؤسسة التنمية الأسرية، تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام، وذلك بمشاركة نخبة من كبار العلماء والمفكرين والوزراء المعنيين في عدد من الدول العربية، وكان بينهم الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور أحمد الكبيسي، الذي التقته « دنيا الاتحاد» وسألته عن دور الدين في تصفية النفوس، ومساعدتها في التخلص من الأمراض والوساوس التي تقهر النفس، وتهوي بها إلى قاع أمراض العصر، وما يؤدي اليه ذلك من اكتئاب شديد. قال الكبيسي: «الإنسان متدين بطبعه، لأنَّه المخلوق المكرم على الأرض، كما قال تعالى «ولقد كرمنا بني آدم». ومن أسباب تكريمه، أنَّه يفهم الدين ويتعايش معه، ويسعد به، فالدين للإنسان المتحضر منهج عمل، وما من حضارة إلا بمنهج، وليس من سلوك يعترف به إلا إذا كان يقوم على منهج سديد، من هنا انبثقت مقولة «طوبى لمن له دين»، فمن ليس له دين يخرج من نطاق بني آدم، وأمثال هؤلاء قال عنهم تعالى «إنهم كالأنعام بل هم أضل». ومن آثارالدين على الإنسان أنَّه يشكل سداً منيعاً بين نوازعه السيئة كالقلق والجشع والطمع، فالدين عنصر من عناصر التهذيب، لهذا المخلوق الآدمي المكرم». ويضيف الكبيسي: «كلنا نعلم أن ذكر الله عز وجل بالأسلوب المنظم، كما جاء به الإسلام يشكل طمأنينة عظيمة للنفس، حيث قال تعالى «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». الصبر مضاد لشقاء الإنسان تكاثرت المشاكل وتفاقمت نتائجها، فصار الطلاق مثلاً من المشاكل الكبيرة في المجتمع، وذلك لعدم تحلي الناس بالصبر، وفي هذا الاطار يقول الدكتور الكبسي: «يشكل الدين مدرسة ناجحة وفعالة في تعليم الإنسان الصبر، وهو المضاد الحيوي لشقاء الناس على وجه الأرض، فالدين إذن وازع مهم لتحمل معاناة الحياة وتبعاتها، والصبر كما هو معلوم من العبادات العظمى حيث بشر الله الصابرين بالفوز بالجنة، كما أنَّ تحمل المصائب والصبر على الابتلاءات بشكل عام، هو وجه من ترويض النفس وتقويمها حتى يتجاوز الإنسان كل معيقات الحياة، وتصير حياته عبارة عن سلسلة من النجاحات». النفس البشرية تروض كما الخيول يؤكد الكبيسي أنَّ النفس البشرية يجب ترويضها، بل وقهرها، للحد من جموحها في الاتجاه السلبي، خاصة بالنسبة للنفس الأمارة بالسوء، ويقول في هذا الإطار:يجب الإقبال على قراءة القرآن، والتعود عليه، خاصة في أوقات معينة حين يكون الذهن صافياً ومتحفزاً لاستقبال المعلومات، مثل الثلث الأخير من الليل، وقبل المغرب وبعده، وهذه الساعات يكون فيها الذهن مستعداً لحسن الفهم، وهذا طبعا يدخل في ترويض النفس وتطويعها لتكون الأفضل، وتروض النفس البشرية كما تروض الخيول الجامحة، وهذه النفس يجب تزكيتها، حيث قال تعالى: «قد أفلح من زكاها». وتزكية النفس تكون بحرمانها من شهواتها، وقد يصادف من يروضها صعوبات في البداية، لكنَّه سيستمتع برقيها وتنزيهها فيما بعد.