دراسة تدعو إلى الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع دول «الآفتا»
خلصت دراسة أصدرتها وزارة التجارة الخارجية أمس إلى أهمية استفادة اقتصاد الإمارات من اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة “الآفتا”، التي تضم سويسرا والنرويج وآيسلنده وليخنشتاين، في مجال زيادة الصادرات الإماراتية وتعزيز التعاون الاستثماري واستقطاب الاستثمارات، ذلك فور دخولها حيز التنفيذ.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي أبرمت اتفاقية التجارة الحرة مع دول رابطة الآفتا خلال شهر يونيو 2009.
وأكدت الدراسة التي أصدرتها إدارة التحليل والمعلومات بعنوان “الفرص التصديرية للإمارات إلى دول الآفتا” ضمن سلسلة “تنمية أسواق التصدير” ضرورة العمل على دفع صادرات الإمارات إلى دول الآفتا من خلال استفادة أسوقها من المنتجات الإماراتية المتميزة كالألمنيوم واليوريا والسيراميك والسكر ومنتجات أخرى، والتي تضاهي في جودتها مثيلاتها الأجنبية.
كما دعت الدراسة إلى حصول المنتجات الإماراتية على شهادات الجودة العالمية، إلى جانب الاهتمام بالاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، والذي يعد من أبرز القطاعات الجديدة التي تلعب دورا حيويا في تعزيز جهود الإمارات في التنويع الاقتصادي.
وأشارت الدراسة إلى ضرورة إقامة المعارض التجارية المتخصصة في الطرفين بهدف التعريف بالمنتجات الصناعية المحلية وتعزيز التواصل بين مجتمع الأعمال في الجانبين.
ودعت الدراسة التي أشرف عليها الدكتور مطر أحمد مدير إدارة التحليل والمعلومات التجارية وأعدها الباحث أحمد العنانبة إلى ضرورة استفادة دول الآفتا من المزايا التنافسية للإمارات واقتصادها المتنامي، موضحة أنه من المهم الاستفادة من الموقع الجغرافي المميز للإمارات في تطوير تجارة إعادة التصدير مع آلافتا، إذ تتوسط الإمارات منطقة جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا كما أنها تمتلك موانئ بحرية تتميز بأقصى درجات الكفاءة في الحمولة والتخزين مع جميع التسهيلات اللازمة.
كما دعت الدراسة إلى الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لدول الآفتا وارتباطها مع دول الاتحاد الأوروبي لتعزيز الصادرات الإماراتية إلى أسواق أوروبا.
وأضافت الدراسة التي تنشر كاملة في الموقع الالكتروني لوزارة التجارة الخارجية أن إقامة المشاريع الصناعية المشتركة في الإمارات سيحقق لدول الآفتا ميزة التسويق إلى مختلف الدول العربية بموجب اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى والتي تقضي بتحرير كامل لتجارة السلع بين الدول العربية وإعفائها من الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل التي يتم فرضها على السلع من الدول الأجنبية.
ويأتي إصدار هذه الدراسة عن الفرص التصديرية لدولة الإمارات إلى الآفتا تنفيذا لخطط الوزارة بشأن التعريف باتفاقيات التجارة الحرة بإصدار الأدلة التعريفية للترويج التجاري للدولة، وكذلك إعداد الدراسات التحليلية لواقع التجارة الخارجية بهدف توعية القطاع الخاص بالفرص المتاحة له في الأسواق العالمية، وتهيئة السبل أمامه لفتح الأسواق أمام المنتجات الإماراتية.
وأوضحت الدراسة أن المرحلة القادمة تعد مرحلة عمل للاستفادة من الاتفاقية الموقعة والتي تعد ثمرة مفاوضات أكثر من عامين، وذلك بهدف تحرير التبادل التجاري وتعزيز الفرص الاستثمارية وعقد شراكات بين الجانبين، والتي تعتبر مثالاً على الجيل الجديد من اتفاقيات التجارة الحرة التي تتصف بالشمولية في المواضيع التي تغطيها.
ولا تقتصر الاتفاقية على تحرير التجارة في السلع كما هو شأن الجيل القديم من الاتفاقيات، بل تشمل الاتفاقية أيضا تحرير التجارة في الخدمات إضافة إلى حماية الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية والتجارة الإلكترونية وتسوية المنازعات وفتح المجال للتفاوض بعد سنتين من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في موضوع الاستثمار، بحسب الدراسة.
ولفتت الدراسة إلى أن الاتفاقية ستؤدي عند دخولها حيز التنفيذ إلى إزالة الرسوم الجمركية عن مجمل التجارة المتبادلة بين الطرفين تقريباً، وتخفيض الرسوم على معظم السلع الزراعية وتحسين فرص الوصول لأسواق القطاعات الخدمية ذات الأهمية للجانبين بشكل يتجاوز ما هو متاح في إطار منظمة التجارة العالمية، وإتاحة الفرص للشركات من الجانبين للمشاركة في المناقصات الحكومية لديهما ضمن إطار من الشفافية في الإجراءات ووفق ضوابط محددة.
وأكدت الدراسة أن توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون والآفتا، وهي الاتفاقية الثانية التي تعقدها دول المجلس خارج المسارين الإقليمي والعربي، والأولى من نوعها تجمع دول المجلس مع مجموعة دول، يعد خطوة مهمة نحو توسيع الآفاق التصديرية للسلع والخدمات الإماراتية للارتقاء بمستوى الاقتصاد الإماراتي وتنمية العلاقات مع دول الآفتا وخاصة البيئة الاستثمارية.
التجارة الخارجية
ورغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، إلا أن قيمة إجمالي الصادرات (الصادرات غير النفطية وإعادة التصدير) إلى دول الآفتا نمت خلال عام 2009 بنسبة حوالي 28% ووصلت إلى حوالي 3.5 مليار دولار مقارنة بعام 2008، وذلك نتيجة نمو الصادرات غير النفطية للدولة بحوالي 221% ووصلت إلى حوالي 2.4 مليار دولار، فيما تراجعت إعادة التصدير بنسبة 44% وبلغت 1.1 مليار دولار خلال عام 2009.
وتراجعت واردات الإمارات من دول الآفتا بنسبة 50% وبلغت 3 مليارات دولار، مما أدى إلى انخفاض إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الطرفين بنسبة 25.6% لتصل إلى 6.5 مليار دولار.
وشكلت مساهمة الصادرات غير النفطية حوالي 37% من إجمالي التجارة الخارجية للدولة مع الآفتا خلال عام 2009 مقابل 8.5% عام 2008 وإعادة التصدير 17.2% مقابل حوالي 23%، والواردات بنسبة 46% مقابل 69%.
وانخفضت مساهمة واردات الإمارات من دول الآفتا إلى 46.2% من إجمالي التجارة الخارجية للدولة عام 2009 مقابل حوالي 69% عام 2008، مما أدى إلى تحول العجز في الميزان التجاري للدولة خلال عام 2008 بحوالي 3.2 مليار دولار إلى فائض في الميزان التجاري بلغ 491 مليون دولار، مما يعد مؤشرا على نجاح سياسة الدولة لدعم قطاع الصادرات غير النفطية وتنميته وسياسة الترويج وفتح الأسواق الدولية أمام المنتجات الإماراتية.
وانخفض العجز في الميزان التجاري بما نسبته 115.1% خلال عام 2009 مقارنة بعام 2008.
سويسرا أولاً
وقامت الدراسة بتحليل مراكز دول الآفتا بالنسبة للتجارة الخارجية الإماراتية للعام 2008، إذ جاءت سويسرا في المقدمة بقيمة حوالي 4.8 مليار دولار لتحتل المرتبة السادسة ضمن أهم الشركاء التجاريين للدولة، تليها النرويج بقيمة 358 مليون دولار لتحتل المرتبة 58 ثم ايسلندا بقيمة حوالي ثلاثة ملايين دولار لتحتل المرتبة 157 ثم ليختنشتاين بـ300 ألف دولار لتحتل المرتبة 175 في التركيبة الجغرافية للتجارة الخارجية للإمارات.
وأشارت الدراسة إلى أن تجارة سويسرا مع دول مجلس التعاون شكلت 87% من إجمالي تجارة الآفتا مع دول مجلس التعاون حسب إحصاءات الآفتا.
وحلت سويسرا خلال عام 2009 في المركز الثاني بعد الهند في استقبال الصادرات غير النفطية للإمارات متقدمة من المركز الرابع والذي حلت به خلال عام 2008 لأهم الدول المستقطبة لصادرات الدولة غير النفطية ومتقدمة من المركز التاسع والذي شغلته خلال عام 2007. أما فيما يخص إعادة التصدير فقد حلت في المركز الرابع خلال عامي 2007 و 2008 وخلال عام 2009 تراجعت إلى المركز السادس.
فرص الصادرات الإماراتية
واستعرضت الدراسة مجموعة السلع التي تشكل فرصة للتصدير إلى دول الآفتا والمزايا التنافسية المممنوحة للمنتجات الإماراتية، داعية إلى الاستفادة من الأفضلية التي ستعطى لمصدري دولة الإمارات حال بدء تنفيذ الاتفاقية المتعلقة بالتجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول الآفتا.
وبالنظر إلى الهيكل السلعي حسب بنود النظام المنسق لست خانات والمتوفرة بياناتها على قاعدة بيانات التجارة العالمية لواردات دول الآفتا، يمكن استبيان الفرص المتاحة أمام 30 سلعة إماراتية من صادرات الدولة غير النفطية حال نفاذ اتفاقية التجارة الحرة إلى دول الآفتا، بحسب الدراسة.
وجاءت الأحجار الطبيعية (عدا حجر الإردواز) في مقدمة السلع المصدرة، إذ جاء ترتيب صادرات الدولة من هذا البند الاول على مستوى العالم وتشكل حوالي 83% من إجمالي صادرات العالم خلال عام 2008 فيما جاء منتج “بولي ايثلين” بوزن نوعي بلغ حوالي واحد في المائة، إذ تأتي الإمارات في المرتبة الثامنة عالميا في الدول المصدرة بنسبة 3.8% من إجمالي صادرات العالم خلال عام 2008، فيما استوردت دول الآفتا حوالي 336 مليون دولار من هذا البند خلال عام 2008.
وفيما يتعلق بالبند المتعلق بـ”حصى حصباء وحجارة مجروشة أو مكسرة من الأنواع المستعملة عادة للخرسانة أو رصف الطرق أو السكك الحديدية أو أنواع الرصف الأخرى وحصى شواطئ وأحجار صوان، وإن كانت معالجة بالحرارة”، جاءت الإمارات في المرتبة الأولى بقائمة مصدري هذه السلع على مستوى العالم خلال عام 2008 بوزن نسبي 25% فيما استوردت دول الآفتا حوالي 80 مليون دولار من العالم خلال عام 2009 وكذلك تقريبا في عام 2008 . وتأتي الإمارات في البند المتعلق بـ” السكر المكرر” في المرتبة السابعة بقائمة مصدري هذه السلع على مستوى العالم خلال عام 2008 بوزن نسبي 3.8%، واستوردت دول الآفتا بما قيمته 203 ملايين دولار من العالم خلال عام 2008.
الواردات الإماراتية
في جانب الواردات، حلت سويسرا في المركز التاسع لأهم الدول الموردة للدولة متقدمة من المركز العاشر والذي كانت به عام 2007 وتراجعت إلى المركز الحادي عشر خلال عام 2009، يليها من حيث الأهمية النسبية النرويج ثم أيسلندا وأخيرا ليختنشتاين.
وتركزت واردات الإمارات من الآفتا خلال عام 2009 في “لؤلؤ طبيعي أو مستنبت، أحجار كريمة أو شبه كريمة، معادن ثمينة، معادن عادية مكسوة بقشرة من معادن ثمينة ومصنوعات هذه المواد؛ حلي الغواية (مقلدة)؛ نقود”، و”أصناف صناعة الساعات وأجزاؤها” و”آلات وأجهزة، معدات كهربائية، أجزاؤها”.
الاستثمارات الإماراتية مع الآفتا
أشارت الدراسة إلى الأرقام الواردة في تقرير الاستثمار العالمي 2009 والتي حافظت الإمارات فيها على مستواها خلال عام 2008 رغم التراجع الكبير في التدفقات الاستثمارية على مستوى العالم.
إذ تم تصنيف الإمارات كأفضل ثالث وجهة مرغوبة للاستثمار في منطقة غرب آسيا، كما حلت في صدارة دول منطقة غرب آسيا من حيث صفقات الاندماج والاستحواذ، واعتبرها التقرير نموذجاً ناجحاً في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأوضحت الدراسة أن استثمارات دول الآفتا المباشرة في الإمارات خلال عام 2006 بلغت حوالي 584 مليون دولار بنسبة نمو 190% عن عام 2005.
وبلغ عدد الشركات التجارية لدول الآفتا في الدولة 112 شركة منها 87 شركة لسويسرا و 19 شركة للنرويج و 6 شركات ليختنشتاين، فيما بلغ عدد الوكالات التجارية 232 وكالة منها 193 لسويسرا و38 شركة للنرويج ووكالة واحدة لليختنشتاين.
واستعرضت الدراسة أسباب استثمارات دول الآفتا وغيرها من دول العالم في الإمارات والتي تأتي في مقدمتها الاستقرار السياسي والاقتصادي والموقع الجغرافي الإستراتيجي للدولة كمدخل للأسواق الإقليمية، ووجود الفرص المتاحة للاستثمار في جميع القطاعات وسهولة الإجراءات للاستثمار، والبنية التحتية المتوفرة وغيرها من العوامل.
أما في جانب الاستثمارات الإماراتية في دول الآفتا فمتعددة ومعظمها يتركز في سويسرا حيث استثمر تجمع لشركات إماراتية في عام 2006 أكثر من 1.5 مليار دولار لاقتناء 90% من رأس مال الشركة السويسرية لصيانة الطائرات “إيس إير تيكنيكس”، وعقدت شركة آبار للاستثمار صفقة شراء لبنك “اي آي جي برايفت” من الشركة الأم المالكة للمجموعة الأميركية الدولية وأصبح اسم المصرف الجديد “مصرف فالكون الخاص المحدود” كمقر رئيسي في سويسرا ومكاتب تمثيل في جنيف، هونج كونج، سنغافورة، شنغهاي ودبي، فيما يمارس بنك أبوظبي الوطني أعماله في سويسرا
المصدر: أبوظبي