حسونة الطيب (أبوظبي)

بذلت الصين جهوداً جبارة في مكافحة فيروس كورونا، توجت بتغلبها عليه والحد من انتشاره، ما دفع الصناديق العالمية الباحثة عن ملاذات تحميها من عمليات البيع الناتجة عن المرض، إلى التوجه نحو السندات الصينية الحكومية ليرتفع حجم ما تملكه هذه الصناديق إلى أرقام قياسية. وضخت الصناديق الأجنبية، نحو 75 مليار يوان ( 10.8 مليار دولار) في هذه السندات وفي سوق الأوراق المالية المصرفية، عبر برنامج «بوند كونيكت» في هونج كونج في فبراير الماضي، بحسب «فايننشيال تايمز».
وتمخض عن عمليات الشراء هذه، زيادة استحواذ الأجانب على السندات الحكومية الصينية باليوان، إلى نحو 2.27 تريليون، بصرف النظر عن إغلاق معظم الشركات في ظل تفشي مرض كورونا في أنحاء البلاد المختلفة، ما نجم عنه هدوء وتيرة النمو الاقتصادي وانتشار الأسهم الصينية في الأسواق العالمية في الوقت الحالي.
ويقول هايدن بريسكو، مدير منطقة آسيا والمحيط الهادي للدخل الثابت في «يو بي أس» لإدارة الأصول: «ليس من المتوقع توقف المستثمرين الأجانب عن عمليات الشراء، وخاصة أنهم في حاجة لملاذ آمن يوفر لهم قيمة اسمية».
وتراجعت فوائد السندات الصينية الحكومية فئة 10 سنوات، بنحو 36 نقطة أساس، منذ عودة الأسواق الداخلية في أعقاب موسم أعياد السنة الصينية. ولكن عند 2.6% وأكثر من النسبة القياسية المسجلة مؤخراً بنحو 2.5%، تظل الفائدة أكثر من فائدة سندات الخزانة الأميركية، التي تراجعت بنحو 50% على مدى الشهر الماضي لنحو 0.7%.
ويرى جايسون بانج، مدير محفظة الدخل الثابت في «جي بي مورجان» لإدارة الأصول، أن خلاصة القول تتبلور في حقيقة ارتفاع السندات الصينية، ما دفع مؤسستهم للتعرض للديون الصينية الحكومية خلال الأشهر القليلة الماضية. وأدرك بعض المحللين، أن سبب بعض هذه التدفقات يعود لدخول الصين مؤخراً في المؤشرات العالمية، التي يعكف المستثمرون على رصدها باستمرار.
وسجل برنامج «بوند كونيكت»، المشروع الذي تم إنشاؤه قبل 3 سنوات والذي يسمح لمديري الصناديق الأجنبية بالتداول في أسواق الدَّين الصينية دون إنشاء هيئة تجارية داخل الصين، تدفقات داخلية تجاوزت 500 مليار يوان، منذ بدء «بلومبيرج» إدراج الأوراق المالية الحكومية والمصرفية، في مؤشر «بلومبيرج باركليز» العالمي التراكمي لمرحلة قدرها 20 شهراً، بدأت في أبريل الماضي.
ويعتقد بعض المستثمرين، أن الدَّين الحكومي الصيني، لا يعد بعد بذات قدر الملاذات العالمية الأخرى مثل الين الياباني أو سندات الخزانة الأميركية.
وقال كاران تالوار، كبير اختصاصيي الاستثمار في ديون الأسواق الناشئة في «بي إن بي باريباس» لإدارة الأصول، إنه في حين سعت الصين للمحافظة على استقرار اليوان في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من انتشار فيروس كورونا، ربما يكون في مقدور صانعي القرار السماح بانخفاض قيمة العملة بغرض إنعاش الصادرات عندما تعود عجلة الاقتصاد للدوران.
ويعتقد «بريسكو» من «يو بي إس»، أن امتلاك سندات دَين صيني، هي وسيلة سهلة للتفوق، مدعماً رأيه بزيادة بعض مديري الأصول في «يو بي إس»، لتعرضهم للسندات الصينية بوتيرة أسرع من التعرض التدريجي الذي نصح به مؤشر «بلومبيرج».
وأضاف أنه على المدى الطويل، ربما تكون نسبة المستثمرين العالميين، 40% منها في الصين و40% منها في أميركا، بينما يتم توزيع النسبة المتبقية على الأسواق الأخرى حول العالم. ويؤكد أن ذلك ليس بالعملية المؤقتة، بل من المتوقع استمرار هذا الوضع على المدى البعيد.