الهجوم على الإسلام يتخذ كل يوم منحى مختلفاً ويتطرق إلى كل ما يتعلق بالدين السمح وتشريعاته، ويسعى الإعلام الغربي إلى تشويه حقائقه ورموزه ووصمه بالتخلف والتطرف ووظف في الهجمة الشرسة عليه الأباطيل الظالمة التي روجها تيار الاستشراق، خاصة موقفه من المرأة والادعاء بأن القرآن الكريم لا يساوي بين الرجل والمرأة في الجنة، فأسهب في الحديث عن النعيم والمغريات والحور العين وجعل كل شيء فيها للرجال، كما تعددت الأحاديث النبوية التي تؤكد ذلك ولا تذكر شيئا يرغب المرأة في الجنة. يقول الدكتور عبدالرحمن عميرة- الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- إن الشبهات والدعاوى التي يرددها البعض للطعن في الإسلام وشريعته تعود إلى الجهل بأحكامه وعدم معرفة منهجه ومقاصده والوقوف عند ظاهر النصوص دون النظر إلى حقيقة مراميها وأهدافها الكلية. وأضاف أن خصوم الإسلام لا يحكمون العقل والمنطق في التعامل معه ومع قضاياه فدأبهم تصيد الأخطاء ولي عنق الحقائق. عطاء أخروي وقال إن الله تعالى عدل ورحمة ويوم الحساب هو يوم العدل العظيم الذي يجزي فيه كل إنسان عن صالحات أعماله وطاعاته لله سبحانه وتعالى والتزامه بالخلق الإسلامي القويم، ولا يمكن عقلا تصور أن الحق عز وجل يفرق في العطاء الأخروي بين الذكور والإناث وقد وعد الجميع بالمثوبة الكبرى والأجر العظيم. ويوضح أن هذه القضية قديمة وأثيرت منذ صدر الإسلام، ويتأكد ذلك من الحديث الذي رواه الترمذي عن أم عمارة الأنصارية، فقد أتت النبي- صلى الله عليه وسلم- فقالت ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء، فنزل قول الله تعالى:» إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما»- الآية 35 من سورة الأحزاب. ويضيف أن آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن نعيم الجنة جاءت على صيغة التعميم والإجمال للإثنين الذكر والأنثى مثل قوله تعالى:»يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم « - الآية 12 سورة الحديد. وقوله سبحانه: «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون «. للذكور والإناث ويؤكد الدكتور زكي عثمان- أستاذ الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر- أن النعيم في الجنة ليس مقصورا على الذكور وإنما هو للذكور والإناث. وقال إن الخطاب والعطاء القرآني واحد فكل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين في الجنة لهم جميعا وتأمل النصوص يبين الجانب التربوي وإعجازه واتفاقه مع الفطرة. وأضاف أن آيات الذكر الحكيم عندما تناولت الجانب الغريزي عند الإنسان فصلت للرجال وأوجزت للنساء، فمعلوم أن شوق المرأة للرجل يختلف عن شوق الرجل للمرأة، فطبيعة النساء يغلب عليها الحياء ولذلك فالشوق عندهن يكمن في المشاعر والملاطفة، والله- سبحانه وتعالى- لا يشوقهن للجنة بما يستحين منه. ويوضح أن الشوق والحب عند الرجل يتمحور بالأفعال فهو غريزة تتبعها عاطفة، ولهذا جاءت الحكمة الإلهية بتشويق الرجال بذكر نساء الجنة، وقد بين الله تعالى ما جبلت عليه نفوس الرجال في قوله تعالى:»أومن ينشأ في الحلية»- الآية 18 من سورة الزخرف. فالحلية كما قالت كتب التفاسير هي المرأة، أي الأم التي ولد منها الإنسان، فلولا أن والده استحلاها ما ولد، فهذا الإنسان لولا المرأة لم يولد، وحديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- يقول:» ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء «. من عمل صالحاً ويقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد- وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق لشؤون الدعوة - إن دخول الجنة ونيل نعيمها لا يكون إلا بالإيمان والعمل الصالح والتقوى وهي تتزين للنساء كما تتزين للرجال، فالله تعالى عادل لا يظلم. فإذا أكرم الإنسان بدخول جنته فالكل يستمتع ويرى من النعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر مصداقاً لقوله تعالى:»وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم» - الآية 72 التوبة. ويضيف أن الإسلام يحرص على أن يبث في أتباعه ويعلمهم أن يكون أكبر همهم وسعيهم في الحياة الدنيا الوصول إلى الجنة ولا يفرق في ذلك بين الرجال والنساء، ويقول الله تعالى:»من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب». ترغيب المرأة في الجنة قال الشيخ منصور الرفاعي عبيد إن الزعم بأن الإسلام غير حريص على ترغيب المرأة في الجنة تدحضه نصوص كثيرة. منها قوله تعالى: «إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا»- الآيتان 35- 37 من سورة الواقعة، أي أن نساء الدنيا يعيد الله نشأتهن بعدما كن عجائز، فيصرن أبكارا عربا، أي بعد الثيوبة عدن أبكارا عربا، متحببات إلى أزواجهن، وقوله عز وجل: «فيهن قاصرات الطرف»- الآية 56 من سورة الرحمن. والرسول صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت زوجها. قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت». فللنساء كما للرجال من المتع ما يشأن مصداقا لقول الحق تعالى:»وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون» الآية 71 من سورة الزخرف.