(بغداد) - أعلنت مصادر عراقية متطابقة مقتل 3 أشخاص وجرح 30 آخرين وإحراق 4 مبانٍ حكومية في مدينة الكوت عاصمة محافظة واسط جنوب شرقي العراق أمس خلال اشتباكات عنيفة بين حراس أمن المحافظة وقوات مكافحة الشغب ومحتجين طالبوا بتحسين الخدمات الأساسية وإقالة المحافظ والمسؤولين المحليين “الفاسدين”. وذكرت المصادر أن المتظاهرين رشقوا قوات الأمن بقوالب الطوب والحجارة وسيطروا على مبان حكومية. وأضافت أن أحداث العنف أسفرت عن مقتل ثلاثة محتجين بينهم فتى عمره 16 عاماً وإصابة 30 شخصاً بينهم 15 شرطياً بجروح. وأوضحت أن أبرز مطالبهم كانت استبدال محافظ واسط لطيف حمد الطرفة بسبب نقص الخدمات الأساسية وفتح تحقيق مع عدد من أعضاء مجلس المحافظة بتهمة الفساد. فقد تظاهر نحو ألفي شخص من أهالي محافظة واسط في ساحة العامل وسط مدينة الكوت واقتحموا مبنى المحافظة وأحرقوا بادئ الأمر مبنى الاستعلامات وإدارة العقود فيها مطالبين الحكومة العراقية بتعيين محافظ من أهالي الكوت.? ورددوا هتافات “احذروا غضب الشعب” و”كلا، كلا يا لطيف” و”أين ذهبت المليارات المخصصة لمحافظة واسط) و”حولتم أرض السواد إلى أرض الفساد”. واستخدمت قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين ثم أطلق الحراس الرصاص الحي عليهم، مما أدى إلى اندلاع العنف. وأوضح شاهد اسمه على العلاق لـ”الاتحاد” أن القوات الأمن لم تطلق النيران على المتظاهرين، بل ساهمت في نقل الجرحى وإيصال المحتجين إلى مكان التظاهرة للمشاركة فيها. وقال إن المتظاهرين ردوا على إطلاق الرصاص بحرق مقرات الحمايات الخاصة الأمامية والخلفية. وقال مسؤول الكبير في الشرطة المحلية اللواء حسين صالح إن “حراس حمايات مجلس المحافظة هم من أطلق النار على المحتجين وهذا عمل خارج على القانون”. وقال الضابط في استخبارات شرطة الكوت المقدم محمد صالح “إن إجراءات عقابية ستتخذ بحق الحراس الذين أطلقوا النار على المحتجين”. وذكر شهود عيان أن متظاهرين قابلوا رئيس مجلس المحافظة لتسليمه مطالبهم، لكن مشادة حصلت بين الجانبين قام المتظاهرون بعدها بإحراق مبنى مجلس المحافظة.? وقال مراسل وكالة “فرانس برس” إنهم أحرقوا أيضاً منزل المحافظ ومكتبه المجاور لمبنى المجلس. وفرضت الأجهزة الأمنية المحلية حظر التجول في مدينة الكوت إلى أجل غير مسمى بسبب أعمال العنف. في غضون ذلك، أعلن النائب عن محافظة واسط كاظم الصيادي خلال مؤتمر صحفي عقده داخل مبنى مجلس النواب العراقي في بغداد أن الطرفة وأعضاء مجلس المحافظة هربوا إلى خارج واسط.? وقال “إن المحافظة تشهد حالياً انتشاراً أمنيا كثيفاً. والأمر لا يستحق كل هذا لكون التظاهرة سلمية تطالب ببعض المطالب المشروعة، منها تحسين الخدمات وحصص البطاقة التموينية التي أصبحت معجزة للحكومة”. ودعا الأجهزة الأمنية في واسط إلى احترام حق المتظاهرين في التعبير عن ?آرائهم. وأمرت هيئة رئاسة مجلس النواب جميع نواب محافظة واسط بالذهاب إلى محافظتهم فورا لتهدئة الأوضاع هناك وسماع مطالب المتظاهرين وأخذها على محمل الجد. ?وطلبت الهيئة من النواب إبلاغ المتظاهرين رسالة من المجلس النواب تفيد بأنه “مع مطالبهم المشروعة”. وقال النائب عن المحافظة جمال البطيخ في مؤتمر صحفي مشترك مع عدد من زملائه “نحن ندعم حق شعبنا في التظاهر للمطالبة بحقوقه المشروعة، وهو حق كفله الدستور وجميع الأعراف، ونحن مستعدون للنزول إلى الشارع معهم لدعمهم وإسنادهم في تحقيق مطالبهم”.? وأضاف “في الوقت نفسه، يجب أن يكون التظاهر بصيغة لا يضيع معها هذا الحق وتميز نفسها عن أحداث الشغب والارتجال وأعمال العنف. كما نحذر أصحاب الحق من استغلالهم وتسييس جهودهم والمطالبة بحقوقهم من قبل أطراف أخرى”.?وشهدت العاصمة العراقية بغداد ومدن عراقية أخرى تظاهرات متنقلة مطالبة الحكومة العراقية بتغيير سياساتها وإيجاد سبل لتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل والأمن ومكافحة الفساد الإداري. كما دعت أعضاء مجلس النواب العراقي إلى تنفيذ وعودهم للشعب العراقي خلال حملاتهم الانتخابية. ويراقب زعماء العراق عن كثب المظاهرات في بغداد ومدن أخرى، على الرغم من أن المتظاهرين لم يطالبوا بتنحي الحكومة. والمحتجون في العراق حتى الآن ليسوا بالعدد الكبير، كما أنهم يفتقرون فيما يبدو إلى الزخم الذي شهدته احتجاجات مصر وتونس ودول عربية أخرى. وتدعو مجموعات شباب عراقية عبر موقع “فيس بوك” للتواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت إلى احتجاج منسق يوم 25 فبراير الجاري في ساحة التحرير وسط بغداد. وطلبت مجموعة اسمها “ثورة العراق” تنظيم ظاهرة حاشدة. وقال عضو فيها على الموقع “إن العراقيين جزء من العالم الذي يتأثر بما يحدث”. وأضاف أن ثورتي تونس ومصر حافز كبير لهم لبدء هذا “المشروع العظيم”. وقال طالب جامعي في الفلوجة يُدعى جمال عبد الله “الآن جاء دور الشباب. لن نبقى صامتين أمام الفساد والانتهاكات”.