استيقظ اللبنانيون صبيحة أول أيام عيد الأضحى المبارك على أجواء سياسية متشنجة أفسدت عليهم فرحة الأعياد· الاتصالات الليلية التي بدأت مع عودة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد وولش، والمواقف التي صدرت بعدها أعادت الأمور إلى نقطة الصفر، حتى يكاد يصح القول إن ترشيح قائد الجيش ميشال سليمان لتولي رئاسة البلاد بات في مهب ريح الأزمة المتجددة· وكان وولش عاد إلى بيروت مساء الثلاثاء الماضي بصورة مفاجئة، والتقى رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، دون أن يجري اتصالات مع أي من أقطاب المعارضة· ولم يتأخر النائب ميشال عون زعيم المعارضة المسيحية في الرد على زيارة وولش الثانية، فاعتبرها تحريضية، هادفة إلى الإطاحة بكل التوافقات الجزئية التي حققتها المبادرة الفرنسية، وذهب إلى حد التأكيد على أن الحل الوحيد الممكن يمر عبر الرابية (مقره الرئيسي) ''وليس عبر العواصم الغربية مهما علا شأنها''· في المقابل حملت ساعات الصباح الأولى من يوم أمس تطورات أساسية، جاءت على لسان أكثر من قيادي في قوى الرابع عشر من مارس، شكلت في معظمها انقلابا على التفاهمات السابقة، التي كادت أن تحقق إنجازات عملية وتقدما مبدئيا· ويقول قيادي بارز في قوى الأكثرية إن الفريق الذي ينتمي إليه قدم تنازلات أساسية، مشيرا إلى أنه وافق على تعديل الدستور، وسحب مرشحيه، ''وهذا أقصى ما يمكن تقديمه''· وسرب مقربون من رئيس مجلس النواب نبيه بري ليلا معلومات عن التفاهمات السابقة التي كان قد تم التوصل إليها بين وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من جهة، والرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري من جهة ثانية· فأكدوا أن التفاهم كان كاملا على مبدأ الحكومة الوفاقية، وأن توزيع الحصص المتفق عليه كان على أساس 13 نائبا للمعارضة في مقابل 17 للموالاة يتنازل بعدها كل فريق عن مقعدين لصالح ''العهد الجديد''، وقطبه الرئيس المفترض ميشال سليمان لتصبح التشكيلة النهائية 11 مقعدا للمعارضة، و15 للموالاة، و4 لرئيس الجمهورية، على أن يتولى أحد هؤلاء الأربعة وزارة الداخلية· وتفيد معلومات بأن تعديل الدستور والآلية المطلوبة لذلك، كانت ضمن سلة التوافق المقترحة بحيث يأتي الحل متكاملا على قاعدة اللاغالب ولا مغلوب· وأضاف مقربون من بري، أن اتصالات الساعات الأخيرة التي أجراها الحريري مع حلفائه، حملت ما ليس بالحسبان، ودفعته إلى التراجع عن الاتفاق الذي كان قد عقده مع الرئيس بري· أوساط الحريري، ردت بتسريبات مماثلة، ملقية اللوم على المحور السوري الإيراني الذي ضغط على حلفائه في لبنان لتعطيل التوافق، وبالتالي ترحيل انتخاب العماد سليمان إلى ما بعد التوافق على السلة المقترحة؛ ما دفع الرئيس بري إلى الإعراب عن خشيته على جلسة البرلمان المقررة يوم غد السبت، مؤكدا أنه سيلجأ إلى تأجيل جديد ما لم تتقدم المفاوضات التي تبدو أكثر من متعثرة·