تعاني صناعة السيارات الأوروبية من مصاعب جمّة في تصدير منتجاتها إلى دول العالم المختلفة بسبب الارتفاع القياسي الذي سجّله اليورو خلال الأشهر الأخيرة· ودفعت هذه الظاهرة دايتر زيتشه رئيس المجلس التنفيذي لشركة دايملر-بنز إلى القول إن صنّاع السيارات في دول الاتحاد الأوروبي يخوضون الآن معركة شرسة في الأسواق العالمية بسبب ارتفاع سعر صرف اليورو· ووصل سعر صرف اليورو أمام الدولار أمس إلى 1,57 دولار بعد أن كانا متساويين في القيمة عند إطلاق العملة الأوروبية سنة ·1999 ونقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن زيتشه قوله: لاشك أن حالة النقد أصبحت تمثل بالنسبة لنا امتحاناً قاسياً· ويبدو أن حرصنا الدائم على تطوير منتجاتنا هو الذي يبقي لدينا القدرة على الصمود والبقاء في الأسواق· ولا يزال اليورو محتفظاً بأعلى سعر له مقابل الدولار والاسترليني في الوقت الذي تعدّ فيه الولايات المتحدة وبريطانيا من أهم أسواق تصدير السيارات الأوروبية· ومما يزيد الأمر سوءاً هو استقرار قيمة الين عند مستويات سعرية متدنية خلال السنوات الأخيرة؛ وهذه ظاهرة أخرى استفاد منها صنّاع السيارات اليابانيون في منافسة السيارات الأوروبية· وبالرغم من هذا، فإن الغالبية العظمى من الشركات الألمانية لصناعة السيارات ما زالت تسجل نتائج أفضل بمقياس العوائد النقدية من التي كانت تحققها أيام اليورو الأضعف· وينقل التقرير عن ماكس ووربرتون المحلل في مؤسسة ''يو بي إس'' المالية قوله:لقد وجدنا أن جميع شركات صناعة السيارات الألمانية فيما عدا بي إم دبليو، أصبحت تحقق الآن عوائد مالية أعلى مما كانت تحقق عام 2002 عندما كان سعر اليورو مقارباً لسعر الدولار· ويمكن تفسير ذلك في أن الألمان كانوا ينجحون باستمرار في رفع كفاءتهم وإنتاجيتهم التصنيعية، كما ساعدت على ذلك استراتيجيتهم الناجحة في معالجة الأمور والتوصل إلى بعض الحلول الذكية لهذه المشكلة· وبالرغم من كل هذا، فإن من غير الصحيح القول بأن مشكلة أسعار الصرف لا تؤثر سلباً على صنّاع السيارات الأوروبيين· وإذا كان صحيحاً أن شركات قوية مثل فولكس فاجن وبورش تمكنت من تحقيق أرباح قياسية خلال السنوات الماضية، إلا أن مشكلة سعر الصرف العالية لليورو كانت وراء فقدانها لمليار يورو سنوياً كان من المفترض أن تضاف إلى حسابات أرباحها· ويشير التقرير إلى ما أظهرته دراسة حديثة من أن أية زيادة في سعر اليورو بمقدار سنت أوروبي واحد (اليورو يساوي 100 سنت)، تكلف كلاً من شركتي مرسيدس وبي إم دبليو 50 مليون يورو سنوياً (على شكل اقتطاع من الأرباح)· وكانت هذه الحقيقة وراء خسارة شركة بي إم دبليو لمبلغ إجمالي وصل إلى 666 مليون يورو في عام 2006 بالرغم من أن خسارتها الناتجة عن ارتفاع اليورو كانت أقل في عام ·2007 وكان من نتائج هذه الظاهرة أنها دفعت كل صنّاع السيارات الألمان ما عدا شركة بورش، إلى البحث في فكرة توسيع شبكة مصانعهم إلى أميركا الشمالية التي تمثل المعقل الرئيسي للدولار الضعيف، وذلك بهدف تخفيض تكاليف التصنيع· وتمتلك كل واحدة من شركات دايملر وفولكس فاجن وبي إم دبليو مصنعاً في الولايات المتحدة إلا أنها تبيع هناك من السيارات بأكثر مما تنتج· وهذا يؤدي إلى استمرار تأثرها بمشكلة ارتفاع اليورو في ألمانيا ذاتها طالما أنها ستضطر لتعويض الفرق بين الطلب والعرض من مصانعها في ألمانيا· والمشكلة الأخرى التي تقلق هذه الشركات تتعلق بما توصل إليه المحللون من أن مشكلة السعر المرتفع لليورو سوف تستمر لبضعة سنوات مقبلة على أقل تقدير· ويشير التقرير أيضاً إلى أن الحل ليس بسيطاً كما يبدو من الوهلة الأولى؛ لأن بناء المزيد من مصانع السيارات الألمانية في بلد الدولار الضعيف ليس بالأمر السهل· وفيما تسعى فولكس فاجن الآن لبناء مصنع جديد في الولايات المتحدة، اكتفت دايملر وبي إم دبليو بوضع خطة لزيادة الطاقة الإنتاجية لمصنعيهما في الولايات المتحدة بقدر الإمكان بدلاً من إقامة مصانع جديدة· نقلاً عن ''فاينانشيال تايمز''