أحمد عبدالعزيز (أبوظبي)

أوصى خبراء ومشاركون في مؤتمر الطوارئ والأزمات 2019، الذي اختتم أعماله أمس، بضرورة استشراف المستقبل للتصدي للمخاطر في القطاعات الحيوية، ودعم البحوث العلمية في مجال الطوارئ والأزمات من خلال دراسة أساليب مبتكرة للاستعداد وإدارة المخاطر والاستجابة والتعافي منها، علاوة على وضع أطر وسياسات مرنة للتعامل مع الحوادث الطارئة، سواء كانت طبيعية أو من صنع البشر، وذلك للاستفادة من جهود جميع المؤسسات والهيئات وموارد المجتمع، حتى يمكن الوصول إلى نتائج أكثر فعالية من حيث الوقاية من وقوع الأزمات أو الاستعداد الجيد بعد التنبؤ باحتمال أوقات وقوع كوارث وحجمها، بغية تخفيف حدتها وخفض الخسائر المحتملة.
جاء ذلك في ثاني أيام مؤتمر الطوارئ والأزمات 2019 «استشراف مستقبل الطوارئ والأزمات: قدرات وتحديات» الذي عقد تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، وحضره 1450 من خبراء الأمن والسلامة والاستراتيجية المعنيين بوضع الأطر والسياسات الخاصة بمنظومات مواجهة حالات الطوارئ والأزمات والكوارث.
وأوصى المؤتمر، بعدة توصيات أهمها: ضرورة تطوير الاستراتيجيات الخاصة بمنظومة إدارة الطوارئ لتواكب استشراف المستقبل في إدارة الطوارئ والأزمات، وفق المتغيرات العالمية؛ وتعزيز الجاهزية وتوقع المخاطر المحتملة وتقييمها عن طريق إعداد نهج استباقي لإدارة الأزمات ورسم السيناريوهات لإيجاد الحلول الاستباقية للتحديات؛ وتضافر وتوحيد الجهود الدولية لمعالجة مسألة الأمن الغذائي واستشراف المستقبل واستخدام التكنولوجيا الحديثة؛ وتطوير منظومة الأمن الغذائي وتنويع مصادر الغذاء وتعزيز جهود الحكومات في الحد من الهدر وضمان سلامة الغذاء.
وأكد المؤتمر أهمية دور المجتمع وأهمية تعاون أفراده في نجاح إدارة الطوارئ والحد من المخاطر وإيجاد برامج توعوية للجمهور؛ وتطوير واستمرار تحديث البنية التحتية في تأمين متطلبات إدارة الطوارئ والأزمات وتعزيز دور الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني في هذا المجال؛ وتوحيد وتعزيز دور الحكومات والمنظمات في دول مجلس التعاون الخليجي للتنبؤ بالخطر وبناء قاعدة بيانات مشتركة بالمخاطر المتوقعة ومستوياتها ومعرفة احتمالية الخطر وتأثيره؛ ووضع سياسات وأطر للمساعدات الدولية في حالات الطوارئ من خلال الموارد البشرية والمادية والتكنولوجية وآلية تنظيم توزيعها بالشكل الأمثل باستخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات.
وشملت التوصيات أيضاً زيادة دعم البحوث العلمية في مجال الطوارئ والأزمات من خلال دراسة أساليب مبتكرة للاستعداد والجاهزية للمخاطر والاستجابة الفورية والتعافي منها؛ والتركيز على استخدام أفضل الممارسات للحد من المخاطر عبر تطوير السياسات والأطر وتطبيقاتها في القطاع الحيوي مثال تطبيق إطار سنداي؛ ورفع وتيرة الجاهزية والتخطيط المسبق لإدارة الحشود في الفعاليات واستخدام أفضل الحلول وتحديد المخاطر المتوقعة والاستفادة من تجارب أكسبو ميلانو وموسم الحج؛ وتطوير أساليب التصدي للهجمات الإلكترونية وتعزيز تبادل المعلومات الاستباقية بين الدول والاستفادة من الخبرات الرائدة في هذا المجال؛ وتطوير نظام الإنذار المبكر وتوظيف التكنولوجيا الرقمية لاستخدامها في مجالات التعامل مع المخاطر والتهديدات.
كما شملت التوصيات استخدام أفضل الممارسات للحد من المخاطر عبر تطوير السياسات والأطر وتطبيقاتها في القطاع الحيوي، والجاهزية والتخطيط المسبق لإدارة الحشود في الفعاليات واستخدام أفضل الحلول وتحديد المخاطر المتوقعة والاستفادة من تجارب إكسبو ميلانو وموسم الحج، وتطوير أساليب التصدي للهجمات الإلكترونية والاستفادة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال، واستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الطوارئ والأزمات وتوظيفه لمواجهة التحديات المستقبلية، والاستفادة من نظام الإنذار المبكر في التعامل مع المخاطر والتهديدات، وتعزيز أمن وسلامة الوطن من خلال التركيز على نجاح فاعلية التحذيرات من المخاطر والاستفادة من نظام الإنذار المبكر.

نهج استباقي
وقالت معالي مريم المهيري وزيرة دولة للأمن الغذائي في الجلسة الرئيسة، أمس: «إن دولة الإمارات دأبت على اتباع نهج استباقي للتعامل مع الأزمات والطوارئ، وذلك عن طريق توقع وتقييم المخاطر المحتملة ووضع الخطط لمعالجة هذه المخاطر وتصنيفها وفق التأثير وإمكانية الحدوث، بحيث تكون هناك خطط وفرق للاستجابة عند الحاجة، وآليات لاستشراف أي طارئ والتعامل معه بما يتناسب مع حجم وطبيعة هذا الطارئ، وذلك لتقليل الآثار الناجمة عن تصاعد الطارئ وارتفاعه لمستوى أزمة أو كارثة».
وأضافت معاليها: «استشراف مستقبل الطوارئ والأزمات هو عامل ممكن للتنمية المستدامة، وصمام أمان لمواصلة مسيرة التنمية والتقدم، ولكن توقع الأزمات يتضمن استشراف حزمة من القضايا المرتبطة بالمجالات المتوقعة لها، وذلك يشمل التحضير لتلك الأزمات حتى قبل وقوعها وقابلية الاستجابة لها، ويأتي في هذا الإطار العديد من المواضيع، في مقدمتها الأمن الغذائي».


تحديات الأمن الغذائي
وأشارت معاليها إلى أن دولة الإمارات كانت سباقة في التعامل مع تحديات الأمن الغذائي، وفي نوفمبر 2018، حيث أطلقت الحكومة الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، والتي تهدف إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وتحدد عناصر سلة الغذاء الوطنية، التي تتضمن 18 نوعاً رئيساً، بناءً على ثلاثة معايير رئيسة، هي معرفة حجم الاستهلاك المحلي لأهم المنتجات، والقدرة على الإنتاج والتصنيع، والاحتياجات التغذوية.
ولفتت معاليها إلى أنه لابد من التأكيد، على أن التكنولوجيا الحديثة هي عماد تطوير الأمن الغذائي المعتمد على الزراعة، وأن دعم التكنولوجيا في قطاع الأمن الغذائي وتشجيعها هو أمر جوهري لتعزيز مكانة دولة الإمارات الريادية كمركز عالمي للابتكار في الأمن الغذائي، وهو عامل محفز لتحقيق الأمن الوطني واستمرار لجهود الدولة في تعزيز منظومة الاستجابة للطوارئ والأزمات.
توقع المخاطر
وتحدث معالي أنجيلو بوريللي رئيس الدائرة الوطنية للحماية المدنية برئاسة مجلس الوزراء - إيطاليا وقال: إن هناك لجنة علمية لتوقع الحدث قبل وقوعه، وفي إيطاليا القانون وبعض أفراد اللجنة ينظمون قانوناً خاصاً للحماية، ومهم لدينا أن يكون الناس على حرفية عالية ومؤهلين، ولدينا أنشطة هيكلية تتطور وكذلك البنية التحتية وتكوين المجموعات التي تتعامل مع الطوارئ والأزمات.
وأضاف: «في إيطاليا نعمل على تقديم حماية غير مباشرة مثل الإطار والنظام الذي يحمي من الكوارث، وهذه اللجنة قامت في المنتدى الأوروبي للتعامل مع الكوارث والمخاطر الكبرى في 2018، حيث تحدثنا مع زملائنا في أوروبا عن التوقعات للمخاطر الناجمة عن الطقس التي تؤثر على الأوضاع، وهذا النظام يغطي الأراضي الإيطالية كافة بحيث ينتشر 50 مركزاً على مستوى إيطاليا».
وحدد بوريللي خطوة مفقودة في مجال الطوارئ والأزمات بإيطاليا وهي القدرة على الاتصال بالمواطنين، مؤكداً أنه لابد من وجود مركز متخصص بالتواصل مع المواطنين في حال وقعت كارثة أو حادث كبير.وأكد أن الفعاليات الكبرى أيضاً من الجوانب التي تتطلب فرق عمل لإدارتها لتجنب وقوع أية أزمات، ومثال ذلك، جنازة البابا يوحنا بولس الثاني والتي شهدت أكثر من ثلاثة ملايين حاج أتوا لحضور الجنازة، وكان علينا استخدام كل الموارد المتاحة من سيارات الإطفاء والشرطة وأكثر من 10 آلاف متطوع لتنظيم ذلك الحدث.

المدن الذكية أكثر أمناً
وقال الرائد الدكتور مهندس ناصر محمد الساعدي، مستشار الذكاء الاصطناعي بشرطة أبوظبي: «إن أبوظبي المدينة الثانية في استخدام الذكاء الاصطناعي وتعد الإمارات الأكثر أماناً من بين 200 دولة في استخدام الذكاء الاصطناعي، ورسالة الدكتوراه التي حصلت عليها كانت حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إدارة الأزمات وكيف نربط بين علوم الكمبيوتر والعالم الواقعي؟ واليوم لا نتحدث عن الشبكات معقدة الأسماء والمصطلحات، ولكن نتحدث عن استخدام شرطة أبوظبي للذكاء الاصطناعي في إدارة الطوارئ وكيفية ربط ذلك بالتكنولوجيا».
وأشار إلى أن دولة الإمارات من أوائل الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حملة لاستراتيجية خاصة للذكاء الاصطناعي وأهميته في إحداث الثورة الصناعية الرابعة، وفي هذا الإطار تتبنى شرطة أبوظبي استراتيجية للذكاء الاصطناعي مبنية على خمس استراتيجيات لدعم العمليات المتخصصة والموارد البشرية والمادية.
ولفت إلى أنه تمت إضافة أهداف أخرى عبر الاستراتيجية الشاملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الشرطي واستخدام التكنولوجيا بأعلى كفاءة ممكنة، حيث إن مدينة أبوظبي تعتبر من المدن الذكية لما لديها من بيانات كبيرة جداً تدار بالذكاء الاصطناعي، موضحاً أن «شرطة أبوظبي» تعمل على مشروعات أخرى كثيرة لجعل أبوظبي مدينة آمنة وذكية وبعضها يمكن تنفيذها مباشرة في حالات الأزمات والطوارئ والبعض الآخر يستخدم في المستقبل، وإذا تحدثنا عن إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية أو من صنع البشر، يجب أن نقلل الخسائر فيها باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم من خلال مرحلة تحليل البيانات قبل وقوع الحوادث والكوارث وفي أثنائها وبعدها.
ودعا إلى ضرورة استخدام الأنظمة المتقدمة تكنولوجياً لبناء مدن المستقبل الأكثر ذكاء، حتى يمكن مواجهة الكوارث والاستثمار أكثر في المدن المستدامة، علاوة على وعي الأفراد والمواطنين والقطاعين الحكومي والخاص والشركات.وحول مشاريع شرطة أبوظبي في الذكاء الاصطناعي قال: طورت شرطة أبوظبي عدداً من مشاريع الذكاء الاصطناعي من بينها الشرطة التنبئية التي تتنبأ بأفضل السيناريوهات المرورية والأمنية، لإعطاء متخذ القرار أفضل تمركز للكادر البشري والدوريات بناءً على معطيات تحليلية وتاريخية للانتشار الجغرافي.
وفي ورشة العمل الثانية، قال اللواء مايكل شارلتون ويدي مدير تدريب المرونة الدولية بأمانة الطوارئ المدنية بمجلس الوزراء بالمملكة المتحدة: «إنه لا يوجد حل واحد لمواجهة الأزمات والكوارث، وعلى الجميع أن يتكاتف، والاعتماد على التكنولوجيا أمر مهم، وأعتقد فيه.. وبناء المرونة اللازمة عند الجهات والخطط المرنة للتعامل مع الظروف الطارئة يؤدي إلى توجيه الجهود بدلاً من تقويضها، ولاتخاذ قرارات صحيحة في الوقت المناسب».