إبراهيم سليم (أبوظبي)

بينت نتائج دراسة نفذها مكتب شؤون التعليم التابع لديوان ولي عهد أبوظبي، عن برنامج «التربية الأخلاقية»، أن 79 % من المدارس تحقق تطلّعات البرنامج، وأنه يطبق في جميع مدارس الدولة بكفاءة وفعالية، وكشفت عن تفاعل كبير من قبل الطلبة المشاركين مع المواضيع التي يطرحها البرنامج، ولديهم القدرة على التعرف إلى مفاهيمه الرئيسة وفهمها، وتحقيق المستهدف من تطبيقه، والانعكاس الإيجابي الذي ظهر على سلوكيات الطلبة.
وقام المكتب بإجراء استطلاع وطني شمل 617 مدرسة، مدعماً بزيارات ميدانية لـ 48 مدرسة حكومية وخاصة في مختلف إمارات الدولة لمتابعة تطبيق برنامج التربية الأخلاقية، كما يتم حالياً عمل زيارات ميدانية لـ50 مدرسة أخرى لمواصلة متابعة تطبيق البرنامج، خلال الفصلين الدراسيين الثاني والثالث لهذا العام.
وحرصت الدراسة على اتباع منهجية متطورة، في القياس، وتم جمع النتائج المتعلقة بالدراسة باستخدام أداتي قياس هي «الزيارات المدرسية»، و«الاستطلاع الوطني»، وانتهى إلى إعداد تقرير تضمن تحديد الفرص والتحدّيات أمام تطبيق برنامج التربية الأخلاقية على المستوى الوطني وتقديم التوصيات على أساس النتائج.
ووفقاً للتقرير الذي أصدره مكتب شؤون التعليم، حول الدراسة قام المكتب باستعمال ثلاث أدوات أخرى صممت خصيصاً لقياس ومتابعة تطبيق البرنامج وهي: التقييم الموحد لمادة التربية الأخلاقية (MESA)، وقياس المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتحليل مؤشرات الأداء الرئيسة للنتائج التعليمية.

تطوير البرنامج
وقال محمد النعيمي، مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي: «نسعى من خلال زيارة المدارس، ومشاركة المعلمين ومديري المدارس في الاستطلاع الوطني، إلى قياس مدى فعالية المنهج في تحقيق الأهداف الرئيسة لبرنامج التربية الأخلاقية، وإن ما لمسناه من المشاركين من تعليقات وردود أفعال يدل على فعالية البرنامج في تحقيق أهدافه المرجوة، وتمكننا من استمرارية تطوير البرنامج للأفضل».
وأضاف النعيمي: «ركّزت الزيارات المدرسية على أربعة محاور: المنهج الدراسي، والتعليم والمشاركة، وتقييم ودعم تعليم الطلبة، والقيادة والإدارة»، وشملت الزيارات المدرسية للفصل الدراسي الأول 48 مدرسة حكومية وخاصة، للوقوف على تطبيق المدارس للبرنامج وحضور حصص التربية الأخلاقية، ومقابلة المدرسن والمديرين والطب وأولاء امور، كما تم إجراء استطلاع وطني على الإنترنت، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ودائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي وهيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي. وركز الاستطلاع الوطني على المحاور الأربعة نفسها، وشاركت فيه أكثر من 617 مدرسة.

جودة
وفيما يتعلق بالنتائج، تبين أنه في محور المنهج الدراسي لمس القائمون على الزيارات المدرسية تقديراً حقيقياً لجودة البرنامج، وملاءمة المخرجات التعليمية، ووضوح الأدوار والمسؤوليات في تطبيق البرنامج، بالإضافة إلى ذلك، فإن 79 % من المدارس أسهمت في تلبية تطلّعات برنامج التربية الأخلاقية، أما النسبة المتبقية، فلم تلب التطلّعات بسبب عدد من التحدّيات التي واجهتها، مثل عدم وجود إجراءات داخلية لديهم لقياس تطبيق البرنامج، وعدم القدرة على تطبيق مشاريع التوعية به.
كما أظهرت نتائج الاستطلاع أن 81% من المدارس تضمن وتدرس مواضع وقم برنامج التربية الأخلاقية في المواد اخرى لما رأته من فائدة من البرنامج، و77% من المدارس شهدت تأثيراً إيجابياً في سلوكيات وتصرفات الطلبة من خلال البرنامج، وتطبّق 69 % من المدارس مجموعة واسعة من انشطة اللاصفية للتربية الأخلاقية.

التعليم والمشاركة
وفيما يتعلق بـ«محور التعليم والمشاركة»، فقد أشارت البيانات التي تمّ جمعها في الاستطلاع الوطني إلى أن طلبة 83 من المدارس يدركون ويفهمون المواضيع الرئيسة لمنهج التربية الأخلاقية، و85 من المدارس توافق على أن معظم الطلبة يتفاعلون، ويستمتعون بدروس التربية الأخلاقية، بينما أشارت نتائج الزيارات الميدانية إلى أن 77 من المدارس تلبي التطلّعات الأساسية للبرنامج، باستخدام مجموعة متنوّعة من طرق التدريس والتعاون بين المدرسين وتقديم الدروس بفاعلية، مع الالتزام بنتائج تدريس المنهج.
بالمقابل وصلت نسبة المدارس التي كان تطبيقها للمنهج دون التطلّعات إلى 23 ويعود ذلك لعدد من الأسباب والتحدّيات كعدم قدرة المدرّسين على تطبيق خطط التدريس الموضوعة في دروس شائقة للطلبة، بالإضافة إلى عدم وجود خطط واضحة لإشراك أولياء الأمور، من خلال دليل أولياء الأمور الموفر ضمن كتب التربية الأخلاقية.
وأشار النعيمي إلى أنه فيما يتعلق بمحور تقييم ودعم تعليم الطلبة، فقد خلُصت الآراء التي تمّ استطلاعها خلال الزارات المدرسة إل أن المدارس تمتلك قدرات جيدة لتصميم برامج تقييم مئمة، كما تمّ التأكيد على ذلك، من خلال نتائج الاستطلاع التي أشارت إلى أن 69 من المدارس توافق على أن لديها خطّة متكاملة لتقييم الطلبة في منهج التربية الأخلاقية.

القيادة والإدارة
أما البيانات التي تمّ جمعها فيما يتعلق بمحور القيادة والإدارة، وفهم المتطلبات الإلزامية للبرنامج، واستعداد الإدارة المدرسية لدمج البرنامج في رؤيتها وفلسفتها وثقافتها، بالإضافة إلى اختيار مدراء المدارس بعناية لمنسق مادة التربية الأخلاقية من أصحاب المهارات والكفاءات والشغف لقيادة تطبيق المادة، فقد كشفت النتائج بأن 77 من المدارس تلبي التطلّعات. بالمقابل فإن 23 من المدارس لم تفِ بالتطلّعات بسبب عدم قدرة مديريها على التواصل مع موظفيهم وتوجيههم بشكل سليم، وعدم نجاحهم في وضع استراتيجية واضحة لإشراك أولياء الأمور. مع ذلك، فقد أكدت نتائج الاستطلاع بأن 85 من المدارس قد استوفت جميع المتطلبات التنظيميّة بشكل كامل، وأن 81 منها تملك خطّة لتنفيذ البرنامج، بينما 75 منها لديها خطة للمشاركات الطلابية.

شراكات أكثر عمقاً
من جهته، قال أحمد فكري، مدير مساعد بمكتب شؤون التعليم: «إن الحماس الذي يعكسه المديرون والمعلمون في تطبيق المنهج وسعيهم لتطبيقه، تماشياً مع الثقافة المدرسية لديهم أمر يسعدنا حقاً، ويدفعنا لتقدير الجهود التي تبذلها إدارات المدارس في وضع البرنامج وأهدافه في عمق فلسفتهم التعليمية وتضمين مبادئه في ثقافتهم المدرسية. ونحن نتطلع إلى تعزيز هذا الالتزام من إدارات المدارس، وبناء شراكات أكثر عمقاً معهم في سعينا لتطوير البرنامج.
وأشار فكري إلى أنه ومن خلال الاستقصاء بالمدارس تجدر الإشارة إلى قيام إحدى المدارس الخاصة التي تطبق منهج التربية الأخلاقية بتصميمها لأداة تقييم خاصة لقياس فعالية البرنامج، وذلك باتباع نهج «رباعي» يهدف إلى إشراك المعلمين وأولياء الأمور والطلاب والأقران في عملية التقييم، حيث استخدمت المدرسة أداة تقييم السلوك المبتكرة والمصممة خصيصاً للبرنامج من قبل مكتب شؤون التعليم، بالإضافة إلى استراتيجيات تقييم أخرى، ويتم تسجيل نتائج التقييم في منصة على الإنترنت، ومن ثم توزيعها على الأهالي ضمن التقارير المدرسية.

برنامج التربية الأخلاقية
الجدير بالذكر أن برنامج التربية الأخلاقية أطلق بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بهدف تعزيز وغرس القيم والأخلاق العالمية بين الطلاب. وتمّ تطبيق البرنامج هذا العام في 1226 مدرسة موزعة على مستوى الدولة بعد أن تمّ إطلاقه في عام 2016.
وتجدر الإشارة إلى أن مكتب شؤون التعليم التابع لديوان ولي عهد أبوظبي أنشأ حساباً على الانستغرام @uaemoraleducation، يقدم بشكل يومي النصائح والإرشادات المتعلقة بمحاور التعلم الرئيسة للبرنامج، وموجهة للأهل والمعلمين والطلبة، بهدف تحقيق النتائج المستهدفة للبرنامج، وكذلك تعزيز وغرس قيم التسامح لدى الطلبة وأفراد المجتمع، من خلال نشر المفاهيم المعززة لذلك، خاصة أن الدولة تحتفل بعام التسامح.

زكي نسيبة: بناء لشخصية الطالب
أكد معالي الدكتور زكي أنور نسيبة وزير دولة، أن استراتيجية التعليم والتربية الأخلاقية في الإمارات تتبع منهجاً شمولياً، يتمحور حول بناء شخصية الطالب؛ بهدف إعداد الجيل القادم من القادة والشخصيات الذين يساهمون بشكل إيجابي في تعزيز الحياة الاجتماعية، والارتقاء بالعلاقات الإنسانية، وتبني مفهوم التعايش المشترك في عالم موبوء بالعديد من المخاطر والصراعات والتحديات التي تهدّد أمننا القومي، وتشكّل خطراً داهماً على مستقبل البشرية.
جاء ذلك خلال فعاليات الندوة الدولية للحديث الشريف في نسختها التاسعة التي تنظمها كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي والمقامة هذا العام تحت عنوان: «حماية الوطن في السنة النبوية»، بمشاركة 35 باحثاً من مختلف الدول الإسلامية في فندق جود بالاس بدبي، وذلك برعاية معالي جمعة الماجد رئيس مجلس أمناء كلية الدراسات الإسلامية والعربية.
وافتتحت الندوة أعمالها بجلسة علمية، تحدث فيها الدكتور حمد بن أحمد الشيباني المدير العام لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، بحضور معالي سعيد بن محمد الرقباني مستشار حاكم الفجيرة، والدكتور محمد عبد الرحمن مدير كلية الدراسات الإسلامية والعربية، وعدد من قناصل الدول العربية ومديري ورؤساء المؤسسات التعليمية والجامعات والمراكز البحثية، إضافة إلى ممثلي المؤسسات والشركات الراعية للندوة.
وذكر نسيبة أن التعليم كان وما يزال هو المحرك الحقيقي لنهضة الأمم وتطورها وعلو شأنها وليس غريباً أن نرى هذه الرؤية متجلية في أوضحِ صورها في الإرث الكبير الذي تركه لنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» والذي رأى في التعليم مفتاحاً لمسيرة الاتحاد المباركة، حينما قال «إن الأسلوب الأمثل لبناء المجتمع يبدأ ببناء المواطن المتعلم لأن العلم يؤدي إلى تحقيقِ المستوى المطلوب وواجب كل مواطن هو العمل على تنمية قدراته، ورفعِ مستواه العلمي ليشارك في بناء مسيرة الاتحاد من أجل حياة أفضل».
وألقى معالي جمعة الماجد كلمة أعرب فيها عن سروره بأن كلية الدراسات الإسلامية والعربية تبذل جهدها ليستمر هذا الحدث العلمي الدولي منذ عام 2003 خدمة للدين والوطن والمجتمع.

منهج وطني
برنامج التربية الأخلاقية هو منهج دراسي وطني تم تصميمه لتحقيق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ القيم الثقافية والسمات المجتمعية للمواطنين، ووضعها في سياق أوسع يخاطب الجمهور العالمي المعاصر. إنه يوجّه الشباب ببوصلة أخلاقية تساعدهم في اتخاذ قرارات مستنيرة. ولا يعمل البرنامج على تطوير مهارات الطلاب فحسب، بل يضمن أيضًا فهمهم لدورهم كأعضاء مسؤولين في المجتمعات.
يقدم برنامج التربية الأخلاقية منهجاً مبتكراً وتفاعلياً صُمّم بهدف تنمية الشباب من مختلف الجنسيات والأعمار الذين يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة وترسيخ القيم الأخلاقية المتجذرة في الثقافة المحلية، وتعزيز معرفتهم بالمبادئ والقيم العالمية التي تعكس التجارب الإنسانية المشتركة.‎