الكاتب الكبير إبراهيم أصلان لا يعرف طقوسا أو عادات أو مكانا معينا للكتابة وقال ساخرا: ليتني أعرف، كنت مارستها يوميا وكتبت مطولات، وأنا لست مثل نجيب محفوظ لي موعد ومكان محدد للكتابة، ولكني في لحظة معينة أحس بأنني صالح للكتابة، وهناك مثير يدخلك في هذه الحالة، ولكن المهم الحالة نفسها، مباغتتها وإحساسك بالدفء وبأن درجة حرارتك ارتفعت قليلا وبأنك دخلت حالة خريفية، والأهم أن تحس على المستوى النفسي بأنك صالح لصياغة الكلمات· واضاف: المسألة لا تتوقف فقط على الصلاح النفسي، فلابد أن يكون هناك منبه ما، لأن العمل الفني نوع من الاستجابة لمثير ما أو لحظة ليس لها معنى، واحيانا أحس بأن الدافع للإبداع الفني ليس لقيمته ولكن لقدرته على استثارة هذا الدافع وتأثيره فيه، ولا أدري إن كنت أصبت التعبير، ولكن المهم أني كنت أكتب في أي مكان وأي وضع، و''مالك الحزين''· روايتي الأشهر المأخوذ عنها فيلم ''الكيت كات'' إحدى علامات السينما المصرية كتبتها في مقهى ''فينكس'' في شارع عماد الدين بوسط القاهرة، وهو مقهى شهير كنا نعقد فيه أنا والزملاء من جيل الستينات من القرن الماضي ندوة أدبية كل يوم أحد، وكنت أجلس فيه يوميا نظرا لقربه من محل عملي في هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وكان مقهى متسعا، وله جدران زجاجية زاهية تطل على الشارع وتنقل لك حركته بلا صوت، وكان يوفر لي نوعا من الهدوء الحي أو المتحرك الذي يدفع للكتابة، وغير ''فينكس'' أكتب في أي مكان، حينما أحس بأنني صالح نفسيا للكتابة وأختلي بنفسي وأكتب، والكتابة بالنسبة لي كانت لحظة خاطفة لابد من اقتناصها، ولكن بعدما كبرت وعزت الصحة والعافية صرت أؤجل لحظات الكتابة حتى أصل الى المكان الهادئ، المناسب لكبار السن وهو مكتبي المتواضع، ولحسن الحظ أنني صرت خبيرا في معابثة وملاطفة لحظة الكتابة حتى أصل الى المكان المناسب!