سيد الحجار (أبوظبي)

دعا متعاملون وخبراء بالسوق العقاري لإقرار إجراءات أكثر تنظيماً لتحديد رسوم الخدمات بالمشاريع العقارية، وبما يتماشى مع متغيرات السوق العقاري، وتراجع العائد الإيجاري خلال السنوات الأخيرة، لاسيما في ظل ارتفاع هذه الرسوم بالعديد من المشاريع القائمة، وتباين قيمتها واختلاف طريقة تحديدها من شركة لأخرى.
وقال خبراء لـ «الاتحاد» إن كثيراً من مشتري العقاري بالمشاريع العقارية في أبوظبي يشكون من ارتفاع قيمة رسوم الصيانة والخدمات، خاصة في ظل عدم استخدام أو استفادة كثير من العملاء من معظم الخدمات، موضحين أنه رغم توجه بعض شركات التطوير مؤخراً لتقديم عروض الإعفاء من رسوم الخدمات بالمشاريع قيد الإنشاء لعدة سنوات بهدف الترويج لعمليات البيع في هذه المشاريع، فإن هناك شكاوى مستمرة من المشترين بالمشاريع المأهولة من ارتفاع قيمة هذه الرسوم. وأوضحوا أن انخفاض قيمة العائد الإيجاري بالعديد من المشاريع المأهولة حالياً، يتطلب ضرورة إعادة النظر في الرسوم العقارية المحددة بهذه المشاريع، وبما يتماشى مع ظروف السوق.
ومؤخراً، كشفت شركة الدار العقارية عن عرض يشمل الإعفاء من رسوم الخدمات والصيانة وإدارة العقارات والتسجيل لمدة 3 سنوات في 7 مشاريع سكنية.
وأكد مصدر مسؤول بدائرة البلديات والنقل في أبوظبي أن رسوم الخدمات العقارية يتم تحديدها من شركات التطوير العقاري، في إطار المنافسة بين الشركات وظروف السوق، وهو ما يظهر في توجه كثير من الشركات مؤخراً لخفض الرسوم، أو إعفاء المشترين من سدادها لعدة سنوات، موضحاً أن تباين قيمة الرسوم من شركة لأخرى أو مشروع لآخر، يرجع لتباين الخدمات المقدمة.
وأضاف: على سبيل المثال، فإن قيمة الرسوم في المشروع الذي يضم حمام سباحة أو نادياً رياضياً صغيراً، تختلف عن نظيره الذي يشتمل على أكثر من حمام سباحة أو صالة جيم كبيرة ومجهزة.
وأكد أن دائرة البلديات تراقب رسوم الخدمات العقارية، التي تحددها الشركات، موضحاً أنه في حالة وجود أسعار مبالغ فيها أو غير منطقية، تتم مطالبة المطور بخفض هذه الرسوم.

إجراءات تنظيمية
إلى ذلك، أكد سعيد عبدالكريم الفهيم، الرئيس التنفيذي لـ«ستراتوم» أن هناك حاجة لإقرار إجراءات أكثر تنظيماً لتحديد الرسوم العقارية في أبوظبي في ظل تباين هذه الرسوم، مشيراً إلى ضرورة وجود تدقيق مالي يلزم الشركات بإجراءات محددة، لتحديد قيمة الرسوم وعدم زيادتها بشكل مبالغ فيه.
وأصاف أن رسوم الخدمات العقارية يتم احتسابها حتى في حالة عدم استخدامها، بل وحتى في حالة إغلاق الوحدة تماماً.
وأوضح أن الفترة الأخيرة شهدت توجه كثير من الشركات للإعفاء من رسوم الخدمات العقارية لعدة سنوات، وهو ما يحفز النشاط بالسوق العقاري ويشجع كثيراً من المشترين على اتخاذ قرار الشراء، في ظل ما تمثله هذه الرسوم من أعباء إضافية على المشترين.
وتتراوح قيمة رسوم الخدمات في أبوظبي بين 5 و20 ألف درهم سنوياً، وترتفع أحياناً وفق طبيعة الخدمات ومساحة الوحدة، إذ تقدر الرسوم في الشقق السكنية بين 7 و20 درهماً للقدم المربعة، فيما تتراوح بين 4 و5 دراهم بالفلل، في ظل زيادة الخدمات المقدمة بالأبراج السكنية، بحسب متعاملين بالسوق.

عروض خاصة
بدوره، أوضح أحمد صلاح ربيع، مدير شركة بلاتينيوم هوم للعقارات، أنه رغم اهتمام كثير من الشركات العقارية بتقديم عروض خاصة للإعفاء من رسوم الخدمات العقارية بالمشاريع قيد الإنشاء بهدف تنشيط المبيعات، فإن الرسوم بالمشاريع الجاهزة والمأهولة لا تزال مرتفعة، ولم تشهد أي تخفيض، رغم انخفاض العائد الإيجاري بهذه المشاريع.
وأضاف: على سبيل المثال، فإن أحد المستثمرين يلتزم منذ سنوات بسداد رسوم خدمة سنوية بقيمة 20 ألف درهم لإحدى الشقق المؤلفة من 3 غرف بجزيرة الريم، رغم انخفاض العائد الإيجاري، حيث يباشر حالياً تأجير الشقة بقيمة 90 ألف درهم، مقابل 130 ألفاً قبل 3 أعوام.
وتابع صلاح أن ملاك الفلل بمشروع الريف يلتزمون بسداد رسوم خدمات سنوية تقدر بنحو 8 آلاف درهم، رغم انخفاض قيمة إيجار الفيلا من 130 ألفاً، لنحو 70 إلى 80 ألف درهم حالياً، مؤكداً أن ثبات قيمة الرسوم في ظل تراجع الإيجارات يحمل المستثمرين المزيد من الخسائر، بل إن بعض المشاريع تشهد زيادة في أسعار الخدمات، حيث ارتفعت قيمة رسوم الخدمات للأستوديو بأحد المشاريع في منطقة سيح السديرة من 1200 إلى 5 آلاف درهم.
وأكد صلاح أن هناك حالة من الضبابية في فرض رسوم الخدمات، وهو ما يظهر من اختلاف الرسوم من شركة لأخرى، وتباينها من مشروع لآخر، فضلاً عن عدم استفادة العميل من جميع الخدمات المقدمة.
إلى ذلك، أكد مدير تسويق بإحدى شركات التطوير العقاري الكبرى بأبوظبي أن رسوم الخدمات لا تعود على الشركة بأي نفع، ولا تسعى لتحقيق أرباح من خلالها، ولكن يتم استغلالها لخدمات المقيمين وبإشراف اتحاد الملاك، مشيراً إلى صعوبة تخفيض قيمة الرسوم بالمشاريع المأهولة، في ظل التزام الشركة بمستوى جودة محدد، لا يمكن التنازل عنه.

الاستفادة من الخدمات العقارية
قالت عيدا محمود، صاحبة شركة أريكا لإدارة العقارات، إن كثيراً من المقيمين بالمشاريع العقارية الجديدة يشكون من ارتفاع قيمة رسوم الخدمات العقارية، لاسيما أن كثيراً من هؤلاء المقيمين لا يستخدمون الكثير من هذه المرافق والخدمات.
وأضافت أن بعض الخدمات والمرافق يستفيد منها كافة المقيمين؛ مثل رسوم النظافة والصيانة العامة والحدائق وغيرها، بينما هناك بعض الخدمات التي يستخدمها سكان دون غيرهم؛ مثل حمامات السباحة والجيم وألعاب الأطفال، أو شقق الاستقبال المخصصة لإقامة المناسبات والحفلات الخاصة، ومن ثم فإنه يمكن فرض رسوم ثابتة على الخدمات العامة التي يستفيد منها الجميع، بينما تكون رسوم الخدمات الأخرى حسب الاستخدام.
وأوضحت عيدا أن قيمة الرسوم العقارية تصل في بعض الفلل إلى نحو 40 ألف درهم سنوياً، وترتفع بالفلل الكبيرة ذات السبع غرف، على سبيل المثال، لنحو 66 ألف درهم، مشيرة إلى أن كثيراً من المستثمرين يهتمون ببند الرسوم العقارية عند اتخاذ قرار شراء عقار جديد، كما أن بعض المعاملات تتعثر أحياناً، بسبب تراجع بعض المشترين عن قرار الشراء، بسبب ارتفاع قيمة الرسوم العقارية بالمشاريع الجديدة.
وبدوره، قال عمار ناصر الدين، المدير العام لشركة بيور هوم العقارية، إن شركات التطوير العقاري توسعت خلال العامين الماضيين في طرح عروض خاصة للإعفاء من رسوم الخدمات بالمشاريع الجديدة قيد الإنشاء لمدد زمنية تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، لتعزيز المبيعات، بيد أن هذه الرسوم لا تزال مرتفعة بالمشاريع القائمة والمأهولة بالسكان.
وأوضح ناصر الدين أن ظروف السوق تتطلب المزيد من الإجراءات الجاذبة للسكان، موضحاً أن قيمة رسوم الخدمات تؤثر في قرارات المشترين.

تحديد الرسوم وفق الاستخدام
كشف محمد الفلاسي، رئيس إدارة العلاقات الحكومية في بلووم القابضة، أن الشركة تدرس حالياً تطبيق نظام جديد لتحديد رسوم الخدمات وفق الاستخدام الفعلي للساكن في مشاريع بلووم، عبر بلووم لخدمات العقارات، والتي تتولى إدارة نحو 769 وحدة بمحفظة التأجير.
وأضاف: على سبيل المثال، فإن أحد المقيمين قد لا يستخدم حمامات السباحة أو الجيم مطلقاً، ورغم ذلك يتحمل سداد رسوم مرتفعة على هذه الخدمات، بينما يستخدم عميل آخر هذه الخدمات بمعدلات متزايدة، كما أن بعض الأسر التي لديها أطفال قد تستخدم الحدائق أو ألعاب الأطفال، بينما أسر أخرى قد لا تستخدم هذه المرافق مطلقاً.
وأوضح أن الشركة تسعى لتطبيق فلسفة جديدة قيد التجربة حالياً، مشيراً إلى أن رسوم الخدمات قد يتم تحديدها في بداية السكن بمعدلات ثابتة ومتساوية، حيث يتم إقرارها وفق المساحة، بينما ستباشر الشركة دراسة معدلات الاستخدام للمرافق والخدمات سنوياً، بحيث يتم تخفيض هذه الرسوم على المقيمين الذين لا يستفيدون منها، وفي ذات الوقت تزيد الرسوم على المقيمين الذين يستفيدون من الخدمات بمعدلات متزايدة.
وذكر الفلاسي أن بلووم القابضة، كشفت مؤخراً عن إطلاق منصة مبتكرة للحلول الذكية تساهم في زيادة الكفاءة التشغيلية للمباني وترشيد معدلات الاستهلاك الكلي للطاقة، حيث ستتمكن من خلال قسم إدارة المرافق التابع لها «بي إف إم»، ومن خلال منصة الحلول الذكية التي تعتمد على تقنيات إنترنت الأشياء، من مراقبة الأصول العقارية التي تمتلكها الشركة والتحكم بها عن بُعد.
وأضاف أن هذه المنصة ستوفر ثروة من المعلومات والبيانات التي تحقق قيمة إضافية للملاك والمستأجرين وفريق إدارة العقارات.