دينا محمود (لندن)
حذرت مصادر إعلاميةٌ أميركيةٌ من تزايد احتمالات وقوع «هجماتٍ إرهابيةٍ» في قطر خلال فترة إقامة النسخة المقبلة من كأس العالم لكرة القدم، بفعل استضافة هذا البلد أبواقاً للتطرف والكراهية، مثل الإخواني الهارب يوسف القرضاوي المقيم في الدوحة منذ عقود.
وقالت المصادر، في تقريرٍ نشرته صحيفة «دَيلي كوللر» الأميركية واسعة الانتشار، إن «الفتاوى المكذوبة» التي دأب القرضاوي على إصدارها ضد المدنيين الغربيين وغيرهم، تثير مخاوف من إمكانية أن يؤدي ذلك إلى «تحويل مونديال 2022 إلى ساحةٍ لهجومٍ إرهابيٍ» يوقع الكثير من الضحايا بين مشجعي المنتخبات التي يُتوقع مشاركتها في هذه البطولة.
ووصفت الصحيفة هذا الرجل بأنه «المرشد الروحي للأسرة الحاكمة» في قطر، واستعرضت مجموعةً من آرائه التحريضية شديدة التشدد التي أفسحت لها قناة «الجزيرة» المملوكة لحكومة الدوحة، مساحاتٍ واسعةً من بثها على مدار الأعوام الماضية.
كما أشارت إلى المواقف غريبة الأطوار التي يتبناها القرضاوي من قبيل امتداحه للزعيم النازي الألماني أدولف هتلر، رغم المذابح والمحارق التي ارتكبها خلال الحرب العالمية الثانية، ودعوته للمسلمين أن يحذو حذو هذا الطاغية الذي قاد بلاده والعالم بأسره إلى الدمار في أربعينيات القرن الماضي.
وأبرز التقرير الذي أعدته الصحفية أديل نازاريان، ما ورد على لسان الإخواني الهارب في أكثر من كلمةٍ تحريضيةٍ ألقاها مؤخراً من حض على تنفيذ عملياتٍ إرهابيةٍ، بجانب زعمه أنه على استعداد «للقيام بعمليةٍ من هذا القبيل بنفسه» بدعوى الجهاد في سبيل الله.
وأشار إلى التحذيرات التي أطلقها خبراء أمنيون ومتخصصون في تحليل شؤون منطقة الشرق الأوسط منذ أمدٍ طويل من خطورة متطرفين على شاكلة القرضاوي، وما ينجم عن أنشطتهم الدعائية من ضخ للدماء في شرايين الجماعات الإرهابية، سواء على صعيد التجنيد أو التمويل.
ولفتت «دَيلي كوللر» الانتباه في هذا الصدد إلى ما قاله وليد فارس الخبير الاستراتيجي الأميركي - الذي عمل من قبل في الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب - من أنه طالما حذر من مغبة أنشطة النظام القطري وحليفته جماعة «الإخوان» الإرهابيين دون أن ينصت له الكثيرون، «والآن بات الجميع يستمعون» لتلك التحذيرات.
ونقلت الصحيفة في تقريرها عن فارس تأكيده أن القرضاوي يلعب دوراً محورياً منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي في وضع «الأسس الفكرية للتطرف»، بما يشمل تحريض المتشددين على شن هجماتٍ في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط، واستهداف الأقليات هناك والحركات المُطالبة بحقوق المرأة.
في السياق ذاته، أبرز التقرير نفسه تصريحاتٍ أدلى بها الصحفي العربي أمجد طه المقيم في لندن، وأكد فيها على المعاملة الخاصة التي يلقاها يوسف القرضاوي من جانب أسرة آل ثاني المهيمنة على الحكم في الدوحة، وذلك في إطار العلاقات الوثيقة القائمة بين هذه الأسرة وجماعة «الإخوان» التي كان القرضاوي واحداً من أوائل المنضمين إليها عند تأسيسها في مصر قبل نحو تسعة عقود.
وشدد طه على أن التاريخ القريب يؤكد لنا أن القرضاوي وما يردده من «فتاوى مزعومة» كان السبب المباشر في تنفيذ الكثير من الهجمات الإرهابية في أنحاء مختلفةٍ من العالم العربي، مُشيراً على وجه الخصوص إلى عمليةٍ انتحاريةٍ وقعت في أكتوبر الماضي في تونس، وتبين أن الانتحارية التي نفذتها كانت قد استمعت قبل ذلك لـ «خطبة تحريضيةٍ» ألقاها هذا الرجل.
وبحسب تصريحات طه، الذي قالت الصحيفة الأميركية، إنه كان من بين ضحايا حملة القرصنة الإلكترونية التي شنتها قطر مؤخراً في عددٍ من الدول الغربية ضد ساسةٍ ومفكرين وصحفيين مناوئين لسياساتها الطائشة، فإن إقامة كأس العالم المقبل في الدويلة المعزولة في ظل وجود القرضاوي على أراضيها «يعني أن شيئاً مروعاً قد يحدث».
وأشار في هذا الصدد إلى أن الأمر ينطوي على إمكانية أن ينفذ أعضاء «الإخوان» وأنصار هذه الجماعة الإرهابية من الموجودين في قطر هجماتٍ دمويةً ضد المشجعين الأجانب - الذين يُتوقع أن يتوافدوا لمشاهدة فرقهم المشاركة في المونديال - وذلك بفعل التحريض المستمر، الذي ينخرط فيه القرضاوي ويُكسبه طابعاً دينياً زائفاً.
وقال الصحفي المخضرم، إن حدوث ذلك يعني أن «هناك الكثير من الأشخاص سيُقتلون وتُسفك دماؤهم» إذا ما أُقيمت البطولة الكروية الأهم على مستوى العالم في قطر بعد أقل من أربع سنواتٍ من الآن، وهو ما تتزايد الأصوات المُعارضة له في الأوساط الرياضية والإعلامية.
وتساءل طه عن الأسباب الحقيقية التي حدت بالأسرة الحاكمة في قطر لـ «اختيار القرضاوي مرشداً روحياً للبلاد»، بدلاً من أن يَمْثُل أمام المحكمة، ليعتذر عن عباراته التحريضية وآرائه المتطرفة، التي تُذكي نيران العنف والكراهية في الشرق الأوسط.
وقال إن السر وراء الرعاية التي يسبغها «نظام الحمدين» على هذا الداعية المتطرف، يكمن في أن الحكومة القطرية تستخدمه بوقاً لها على مستوى العالم الإسلامي، وللتغلب كذلك على محدودية تأثيرها ونفوذها في ضوء كونها «دولةً صغيرةً، على خلاف دولٍ عربيةٍ أو غربيةٍ أخرى».
تحذيرٌ آخر من مغبة الإبقاء على كأس العالم القادمة في قطر أطلقه حازم فرج، الذي وصفته صحيفة «دَيلي كوللر» بأنه ناشطٌ إسلاميٌ سابقٌ، وذلك عبر قوله إنه لا يثق في الدويلة المعزولة كبلدٍ مُضيفٍ للمونديال الكروي.
وشدد فرج - الذي يُخرج فيلماً سينمائياً باسم «أميركي» يروي فيه تفاصيل عمليات غسل المخ التي تستهدف تجنيد الشبان للانخراط في صفوف الجماعات المتشددة - على أنه لا يعتقد أن «للحكومة القطرية سيطرةً.. على المتطرفين» الموجودين في البلاد، بفعل وجود مُحرضين من طراز القرضاوي وأمثاله.
وأضاف بالقول: «إننا سنخدع أنفسنا إذا تصورنا أن قائد الإرهاب الشيطاني هذا (القرضاوي) لن يضرب مراراً وتكراراً، خلال واحدٍ من أعظم الأحداث في العالم»، في إيماءةٍ لكأس العالم المقبل المقرر إقامته في الفترة ما بين 21 نوفمبر و18 ديسمبر 2022.
واعتبر فرج أن عدم اتخاذ خطواتٍ فعليةٍ للحيلولة دون حدوث هذه الكارثة الدموية سيكون بمثابة «إجحافٍ بحق المنطق والعقل ومشجعي الرياضة الأبرياء».