عبد الله النعيمي: تأخر التشخيص ينذر بمضاعفات الذبحة الصدرية
يعرف أن عضلة القلب تعمل كمضخة لتوصيل الدم إلى جميع أنحاء الجسم، وتحصل عضلة القلب على ما تحتاجه من طاقة تتمثل في «الأوكسجين» لأداء تلك المهمة عن طريق الدم الذي يصلها عن طريق الشرايين التي تغذيها وعددها ثلاثة، وتسمى بالشرايين الإكليلية أو التاجية، فعند نقصان الدم الساري في الشرايين التاجية المغذية لعضلات القلب والناتج عن عدم التوازن بين استهلاك القلب للغذاء ونسبة وصول الغذاء إليه، وهى في الغالب تكون نتيجة تصلب وضيق الشرايين التاجية، مما يمنع وصول الدم بصورة كافية، يحدث ما يعرف بالذبحة الصدرية «الجلطة»، وأحيانا يكون السبب زيادة كبيرة في حاجة القلب للغذاء «الأوكسجين»، بالرغم من كفاءة الشرايين التاجية مثل حالات تضخم القلب نتيجة لارتفاع الضغط أو لاعتلال عضلي.
أبوظبي (الاتحاد) - فما هي أسباب الذبحة الصدرية؟ وما سبب شيوعها؟ وما هي الأعراض المبدئية التي يمكن للمريض التعرف على الإصابة مبكراً؟ وكيف يمكن الحد من نسب الإصابة بها؟ يقول الدكتور عبد الله النعيمي، استشاري ورئيس قسم أمراض القلب بمستشفى زايد العسكري: «تصنف الذبحة الصدرية ضمن أمراض شرايين القلب، ومن الأهمية التشخيص المبكر للإصابة، وهي عبارة عن نقصان الدم الساري في الشرايين التاجية المغذية لعضلات القلب والناتج عن عدم التوازن بين استهلاك القلب للغذاء ونسبة وصول الغذاء إليه، وهى في الغالب تكون نتيجة تصلب وضيق الشرايين التاجية، مما يمنع وصول الدم إلى القلب بصورة كافية، وغالباً ما تكون الأعراض عبارة عن آلام مميزة الطابع في منتصف الصدر، خلف عظمة القص، وعادة ما يكون الألم من النوع الضاغط،- وفي الإمارات نجد المريض يشكو من وجود «حرارة في الصدر»، - ولا أعرف لماذا يشكو الإماراتيون من الحرارة، ربما هي ثقافة أم عوامل جينية ـ وقد يمـتد الألم إلى الكتف الأيسر وأسفل الرقبة والفك الأسفل وإلى اليد اليسرى حتى منطقة» الكوع»، مع التعرق الشديد في الوجه والرأس، وأحيانا قد يمتد الألم إلى الظهر بين الأمشاط أو ما يعرف محلياً بـ «اليامعة»، وهناك صفة شبه دائمة في أغلب الحالات، وهي حدوث الألم مع الجهد وزواله بانتهاء الجهد أو الراحة. وهناك بالطبع أسباب عديدة أخرى لآلام الصدر، ولذلك فمن الضروري استشارة الطبيب فورا لإجراء بعض الفحوصات الأخرى».
ويشدد الدكتور النعيمي على سرعة تشخيص المرض، حيث يلاحظ أن المشكلة تتضاعف إن لم يتم إسعاف المريض خلال ثلاث ساعات. لكن أود أن أشير إلى أمر مهم للغاية، وهو أنه مع وجود الأوجاع وقد حددها المريض بإصبع واحد فقط، فهي ليست أعراضاً للذبحة الصدرية، وإذا أشار إلى منطقة الألم براحة يده بصورة أكثر اتساعاً، فإنها تعد إشارة مهمة لوجود الذبحة».
ويكمل الدكتور النعيمي: «لعل أهم الأمراض التي تسبب انسداد شرايين القلب، وبالتالي إلى الذبحة الصدرية هي أمراض تصلب الشرايين وزيادة الكولسترول ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم. فقد يتوقف مرور الدم بصورة تامة في أحد فروع الشرايين القلبية نتيجة التجلط الذي يحدث في الأجزاء الضيقة منه فيتوقف الدم تماماً عن تغذية هذا الجزء من العضلة فتموت العضلة، وذلك ما يعرف باحتشاء العضلة القلبية - حيث تختلف الأعراض مع ما يحدث عند الذبحة الصدرية، إذ إنها تستمر لفترة طويلة، وقد تحدث في أوقات الراحة وأحيانا عند النوم مع مصاحبتها بالشعور بغثيان وعرق غزير أو قد تظهر بشكل عسر هضم».
الأسباب
يوضح الدكتور النعيمي أهم أسباب «الذبحة الصدرية»، ويقول:«هُناك من يشكو من أمراض قلب مزمنة تستغرق وقتاً طويلاً حتى تكتشف، ويسميها البعض «الخُنَّاق»، وعادة ما تظهر عند بذل مجهود كبير، مع ملاحظة أنّ هُناك أسبابا وراثية لا تعالج، أو المرضى فوق سن 55 سنة تقريباً، وهُناك أسباب يمكن تلافيها تتمثل في «التدخين، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول، السكري، الضغوط النفسية، عدم ممارسة الرياضة، السمنة، قلة أكل الخضراوات والفواكه»، لكن أود أن أشير إلى أنه غالباً ما يشكل تراكم المواد الدهنية على جدار الشرايين التاجية، والذي يبدأ في عمر مبكر قبل مرحلة البلوغ أحد الأسباب الرئيسية للذبحة الصدرية، فمع امتداد الترسب الدهني مع حدوث مضاعفات داخل هذا الترسب منها النزف والتقرح والتكلس، مما ينتج سكته في النهاية ضيق شديد في الشرايين، أو انسداد كامل، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض، وهُناك عوامل خطيرة تؤدي إلى سرعة حدوث تصلب الشرايين مثل تقدم العمر والجنس» تحدث أكثر في الذكور عن الإناث خاصة قبل انقطاع الحيض لديهم، وهناك أيضاً ارتفاع نسبة الكولسترول، ارتفاع ضغط الدم والتدخين، والتي تشكل دوراً رئيسياً في حدوث الذبحة، كما أن هُناك عوامل ثانوية أخرى منها انخفاض نسبة الدهون الثقيلة الكثافة في الدم، حدوث تصلب الشرايين التاجية في العائلة، وخاصة في السن الصغير وداء السكري، والبدانة أو السمنة المفرطة، وقلة الحركة وعدم مزاولة الرياضة، وبعض الأنواع من الإجهاد الذهني أو الضغوط النفسية».
ويكمل الدكتور النعيمي: «لقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن ارتفاع نسبة الكولسترول يزيد من احتمال الإصابة بتصلب الشرايين، وترتفع نسبة الإصابة كلما ارتفعت نسبة الكولسترول في الدم. وارتفاع ضغط الدم يعد عامل خطورة مهماً لحدوث الذبحة الصدرية؛ لما يسببه من عدم انتظام في تدفق الدم داخل الشريان، مما يسبب تغيرات داخل بطانة جدار الشريان ويزيد من تصلب الشرايين التاجية، كما أن ارتفاع ضغط الدم يزيد من عمـل البطين الأيسر ويؤدى إلى تضخمه وزيادة حاجته للأكسجين».
السكري .. والوجع
ويشير الدكتور النعيمي إلى أمرين مهمين للغاية الأول: ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم تعنى نسبة الدهون الكلية في الدم، وهى تختلف باختلاف العادات الغذائية بين الشعوب وتزيد نسبتها لدى الشعوب التي تتناول الكثير من الأغذية الحيوانية وتقل بكثير لدى الشعوب التي تتناول الأغذية النباتية، أما الأمر الثاني فإن في حالة مريض السكري، فإن السكري يغلق الشرايين الصغيرة والمتوسطة، ومن ثمّ يصبح إحساسهم بآلام الجلطة المبكرة بشكل أبطأ أو أقل، فـ «حدة الوجع» تكون مخففة نتيجة تأثر أعصاب الألم في المريض بالسكري.
العلاج في الإمارات
عن تقييمه لعلاج أمراض القلب في الإمارات، يقول الدكتور النعيمي: «لعلّ تأخر أو صعوبة تشخيص مريض القلب أو الذبحة الصدرية خلال أيام معدودة، هو في مقدمة اضطرار الكثيرين إلى السفر للعلاج في الخارج، فالمريض يمل من تأخر المواعيد وتأخر الفحوصات الدقيقة، فهو عادة يبدأ بفحوص عامة أو تخطيط للقلب «على الراحة، أي بدون مجهود»، فالطبيب يطمئن المريض.
ومن ثمّ أدعو الأطباء إلى الاهتمام بالجانب التشخيصي في اليوم نفسه أو خلال أسبوع من شكوى المريض، فالمريض في حاجة إلى ثقة، وإنني أثق في التشخيص الموجود في المستشفيات المحلية بنسبة مئة في المئة، كما أنني أثق في كفاءة جراحات القلب والقسطرة، وحتى الجراحات المفتوحة بنسبة «98 - 99» في المئة، بالنسبة للمرضى الكبار، لكننا لا نزال نفتقد إلى عمليات نقل وزرع القلب وجراحات قلب الأطفال، فإن الأمراض يحتاج إلى كثير من التحسين والتطوير على مستوى الكفاءات أو التقنيات العلاجية؛ لأن غالبية مرضى القلب من الأطفال هي عيوب خلقية».
وفي تقديري أنّ وجود أكثر من مركز صحي أو علاجي صغير لأمراض القلب في أبوظبي يضر بالفرص العلاجية لنقص الخبرات في هذه المراكز، ومن الأفضل أن تتجمع كل هذه الخبرات والكفاءات في مركز واحد متخصص لمزيد من التركيز. وتوفير أحدث الخبرات والتقنيات العلاجية، إلى جانب الاهتمام بالمزيد من إعادة تأهيل المريض بعد الجراحة، تأهيلاً نفسياً وبدنياً مناسباً.
الفياجرا وأمراض القلب
يقول الدكتور النعيمي: «إنّ الفياجرا بدأت كدواء لعلاج أمراض القلب، وعادة ما نجد أن غالبية مرضى القلب من هم فوق الـ 50 سنة، وقد يحتاجون إلى الفياجرا بإعادة الثقة في قدرتهم الجنسية، ولأن معظم أدوية القلب مثبطة للقدرة الجنسية نتيجة الأعراض الجانبية لها، كما أننا نجد أنّ حوالي 60 في المئة من مرضى القلب في الدولة يعانون من السكري، وبالتالي هم أيضاً في حاجة إلى عقار الفياجرا لتحسين هذه القدرة، ولكن بشرط خضوعهم للإشراف الطبي».