عبير زيتون (دبي)
من خيال حكايات الجدة وطريقتها الساحرة والممتعة في توليد شغف الدهشة والسؤال في روحه، وهي فتية تتلمس خطواتها الأولى مع معاني الكلمة، بدأت حكاية الدكتور محمد حمدان بن جرش، أمين عام اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مع عوالم الكتب والقراءة لتتسع الحكاية وتستطيل إلى أسلوب حياة وممارسة.
ويقول ابن جرش: أتذكر وأنا طفل صغير حبي الشديد لقصص كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة، وأسلوب السرد الشيق والممتع والآسر فيها، والذي بدأ مع قصص جدتي التي كانت ترويها لنا بطريقة ساحرة وممتعة، وبعد دخولي المدرسة بدأ شغف تعلم كيف نصنع الكلمات، فكانت أجمل اللحظات عندما نجمع الحروف مع بعضها لنصنع الكلمات، والكلمات تصنع المعنى والحياة والسعادة، ومع الوقت تحولت هذه المتعة ببراءتها الأولى – من القراءة – إلى أسلوب حياة وممارسة يومية، سواء في المنزل أو الحافلة أو الطائرة، وصار الكتاب خير جليس لي وأوفى صديق.
أصدقائي الكتب
حول علاقته الشخصية مع المكتبة الخاصة وكيف بدأت، يقول الباحث والكاتب د. ابن جرش: هي ملاذ الروح وجنتي الخاصة المليئة بألوان الكتب ورائحة عطر المعارف والفكر، تدخل البهجة والسرور إلى قلبي، أختلي بين رفوفها الكثيرة، كلما تعطشت روحي لعوالم أوسع وأعمق وأبعد من الحياة اليومية. بدأت بجمع الكتب في مساحة غرفة النوم، ثم بدأت أكوام الكتب تتوالد وتزداد، وكان لا بد من نقلها إلى مكان أوسع، وصار لها اليوم صالونها الخاص بنوافذ كبيرة بلا ستائر، لأنني أحب الطبيعة ورؤية الحياة أثناء ممارسة القراءة والكتابة، وراحتي تكمن في الساعات التي أجلس فيها بين جنباتها، وأتأمل أصدقائي الكتب وهم ينتظرون أن أتناول أحدهم، بل أعتقد بأن كل واحد منهم يريد أن يقفز على صدري، فهي علاقة حب متبادلة.
أما لماذا يقرأ د. جرش؟ فيقول: القراءة بالنسبة لي نافذة يمر منها نور الإبداع والمعرفة، ومنها تتشكل الأفكار وتتبلور وينضج الفكر، وتتوسع أوردته الدموية وتنضج أفئدة الروح، فكلما قرأنا أكثر تطورت نفوسنا، وشع منها ذكاء نور العقل. وأنا شخصياً، أعتبر القراءة صمام أمان، ودرعاً يحصن العقل من براثن الظلام. كما أن القراءة هي الخل الوفي والصديق الصدوق للعقل والذات، ألجأ إليها في كل مكان وزمان. علاقتي مع القراءة علاقة محبة وصداقة، منذ مرحلة الطفولة وكلانا يبحث عن الآخر.
وحول ما تتألف منه مكتبته الخاصة يقول: مكتبتي كبيرة وأحرص على أن تحتوي عناوين مختلفة، وفي شتى المجالات، خاصة الأدبية والفكرية والدراسات والكتب المتخصصة في الإبداع وتطوير الذات والدراسات المستقبلية، التي أستعين بها على إنتاج المعرفة ودعمها بالمصادر والمراجع، حتى تستمر عملية التنمية الثقافية الذاتية بلا حدود.
صدمة للتفكير
وحول كتاب أثر به وآخر يتمنى قراءته، يقول د حمدان بن جرش: أجمل كتاب هو الكتاب الذي لم أقرؤه، فكل الكتب جميلة بالنسبة لي، وكل الكتّاب الذين أقتني كتبهم أحترمهم لأنهم أثروا معارفي، وحتى الذين أختلف معهم في الرأي؛ فنحن نحتاج إلى الكتاب الذي يصدمنا، ويجعلنا نفكر، ونتأمل وننقب، وليس الكتاب الذي يسلبنا حق التفكير، وشتان بينهما، فالكتاب الذي لا يوقظ وعينا ولا ينمي معارفنا ليس له مكان في مكتبتي.