بسام عبد السميع (أبوظبي)

تتجه دول مجلس التعاون الخليجي، التي تنتج 17% من المياه المحلاة في العالم، إلى تنفيذ مشروعات تحلية جديدة بتقنيات مبتكرة وبالاعتماد على الطاقة المتجددة، وفي هذا الإطار تعتزم الشارقة زيادة إنتاج المياه المحلاة إلى 175 مليون جالون يومياً بحلول 2022، مقابل 115 مليون جالون حالياً، فيما تطلق جامعة الشارقة العام الجاري، أول بكالوريوس لهندسة المياه والتحلية في الشرق الأوسط، بحسب المؤتمر الأول لمشروعات تحلية المياه أمس في أبوظبي.
وقال المهندس عصام الملا مدير إدارة المياه في هيئة كهرباء ومياه الشارقة «لدينا استراتيجية شاملة لإحلال الوحدات والتقنيات القديمة لزيادة إنتاج المياه المحلاة حتى 2035 تدريجياً»، مضيفاً أن ذلك سيتم «من خلال إضافة 3 محطات جديدة للتحلية، وتحديث وتغيير 8 وحدات عاملة تنتج 50 مليون جالون يومياً من المياه المحلاة بتقنية التغشية، وسيتم تشغيل هذه الوحدات الجديدة بالطاقة الشمسية».
وأوضح الملا أن تكلفة تقنية التغشية تقل 60% عن الكلفة التقنية الحالية للتحلية، التي تعتمد على الطاقة الحرارية، مشيراً إلى أن التحدي الرئيس في القطاع هو استبدال المحطات العاملة بالطاقة الحرارية بمحطات تعمل بالطاقة المتجددة، لافتاً إلى أن انخفاض كلفة إنتاج الطاقة الشمسية يسهم في إنشاء مزيد من محطات المياه ورفع الطاقة الإنتاجية.
وأشار الملا إلى أن كلفة المتر المكعب من المياه المحلاة في المحطات الجديدة يبلغ 5 سنتات، مؤكداً التعاون مع الجهات المحلية وفق الأجندة الوطنية، لافتاً إلى أن المؤتمر ناقش سياسات توطين صناعة تحلية المياه وتكامل خطط الدول العربية، لتطوير الصناعة من الاعتماد على نقل التكنولوجيا فقط، إلى تنوع الإنتاج المحلي في التقنيات، ورفع قدرات الكوادر الوطنية.
وسلط الملا الضوء، خلال الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، على مشروعات تحلية المياه في المنطقة، فيما استعرض عبدالله ناصر الزويد نائب رئيس للعمليات والصيانة بالمؤسسة العامة لتحلية المياه في المملكة العربية السعودية، خريطة طريق حتى عام 2030، وألقى نظرة عامة على مشروعات تحلية المياه في المملكة حتى عام 2022.
وتناول المشاركون في المؤتمر، إحلال البنية التحتية المتقادمة من خلال نماذج أعمال التمويل والتكنولوجية المبتكرة، ونشر حلول التحلية الاقتصادية لمواكبة متطلبات المستقبل، وتعظيم مصادر المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول 2050. كما تناول المشاركون في المؤتمر محطات تحلية المياه العاملة بالطاقة الشمسية، إضافة إلى تقديم لمحة عن تقنيات تحلية المياه المختلفة، وأحدث تصاميم المشروعات الجديدة، واستخدام حلول أنظمة الأنابيب البلاستيكية.
وشهد اليوم الأول للمؤتمر جلسات نقاشية استعرضت نماذج إمداد الطاقة المختلطة، ورصد وتأثير الطحالب الضارة، وعرضاً حصرياً لمشروع محطة تحلية مياه الخبر في المملكة العربية السعودية، وتقليل المخاطر والتحديات التنظيمية وإدارة الأزمات، فيما تناول كورادو سوماريفا رئيس المؤتمر، أفكار ومبادرات تطوير مشاريع تحلية المياه المستدامة في المنطقة.

محطة الجلالة
من جهته، قال الدكتور حسام شوقي مدير مركز التميز المصري لأبحاث تحلية المياه «تعتزم مصر زيادة المياه المحلاة إلى 2.6 مليون متر مكعب يومياً بحلول 2037، مقابل 650 ألف متر مكعب يومي، ترتفع إلى مليون متر مكعب يومي العام المقبل».
وأضاف شوقي أن العام الجاري شهد دخول محطة الجلالة لتحلية المياه إلى الخدمة بطاقة إنتاجية 150 ألف متر مكعب يومي من المياه المحلاة، لافتاً إلى أن هناك محطتين يجري تنفيذهما حالياً بجنوب العلمين وشرق بورسعيد بطاقة إنتاجية مبدئية 150 ألف متر مكعب يومي من المياه المحلاه ترتفع في العلمين إلى 400 ألف متر مكعب يومي تدريجياً، متوقعاً دخول هذه المحطات خلال عامي 2019 و2020.
وأشار شوقي إلى أن استراتيجية مصر في هذا القطاع بناء محطات تحلية للمياه في المدن الساحلية وفصلها تماماً عن مياه النيل لتوفير كل الاحتياجات من المياه الصالحة للشرب والاستهلاك لسكان هذه المناطق.
وأفاد، بأن دول «التعاون» تشكل سوقاً كبيراً لقطاع تحلية المياه، حيث تبلغ حصة دول التعاون من الإنتاج العالمي لتحلية المياه 17% بحسب المؤشرات التي استعرضها المؤتمر، مضيفاً أن الإمارات بشكل خاص تقدم تجربة فعالة في الاستفادة من مصادر المياه غير التقليدية، بما يواكب التوسعات العمرانية التي تقوم بها في الوقت الحالي.
وذكر أن كلفة تحلية المياه من المتر المكعب تراوح بين 800 إلى 2000 دولار، وتنخفض حسب زيادة الطاقة الإنتاجية للمحطة، فيما تبلغ كلفة توصيل المتر إلى المستهلك دولاراً واحداً مع احتساب كلفة إنشاء المحطة، منوهاً بأن إجمالي المحطات في مصر يبلغ 58 محطة تحلية، فيما تخطط مصر لإضافة محطتين في العين السخنة والعريش.
وتابع أن كل تلك المحطات ستمد المجتمعات العمرانية الجديدة بنسبة 100% من احتياجاتها من مياه الشرب، كما يعمل مركز تحلية المياه في مصر على تصنيع منتجات تحلية المياه.

إعادة التأهيل
بدوره، قال محمد محجوب الرئيس التنفيذي لشركة طبيعة الحديثة القابضة «استعرضنا خلال المؤتمر تقنيات جديدة لإعادة تأهيل المنشآت القديمة بكلفة منخفضة، لتطوير محطات المياه الحالية وإطالة عمرها حتى 2050 وزيادة طاقتها الإنتاجية بنسبة 300%»، لافتاً إلى أن التغيير يخضع لعملية التقييم ومدى القدرة على التعامل والاستفادة من التقنيات الحديثة. وأشار إلى أن ندرة الموارد المائية من القضايا المهمة التي تواجه كثيراً من الدول العربية التي شهدت في العقدين الأخيرين نمواً سكانياً كبيراً، صاحبه نمو متسارع في مجالات متعددة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتجهت كثير من الدول العربية لتلبية احتياجاتها من المياه كخيار استراتيجي حتى أصبحت صناعة التحلية من أهم الصناعات الحالية.

اقتصد لتدوم
من جهتها، قالت المهندسة إقبال الطيار رئيس الحملة الخليجية للترشيد، مديرة إدارة المراقبة الفنية في وزارة الكهرباء والماء في الكويت، في جلسة بعنوان«اقتصد لتدوم» إن «الرسالة الموحدة في دول التعاون لترشيد المياه والكهرباء أسهمت في رفع معدلات التوعية 80% لدى شريحة المجتمع الخليجي، فانخفضت معدلات الاستهلاك بنسبة 15% بعد مرور 3 سنوات على إطلاق الحملة».
وقدمت الطيار خلال المؤتمر تجربة الكويت في الاستدامة والشراكة بين القطاع الخاص والعام، لافتة إلى 50% من محطات تحلية المياه في الكويت تستخدم الغاز الطبيعي، لافتة إلى وجود لجان موحدة في الأمانة العامة لدول التعاون تقوم بتنفيذ المبادرات والتجارب بمختلف القطاعات في وقت واحد.
وأشارت إلى أن الدول العربية مقبلة على مشروعات ضخمة في قطاع التنمية المستدامة، إلا أن التحدي الذي يواجه القطاع هو ندرة الكوادر الوطنية في هذا القطاع.

الدورة الأولى
واستعرضت الدورة الأولى من مؤتمر مشروعات تحلية المياه «مينا ديسالينيشن بروجكتس» أبرز التطورات التي يشهدها قطاع تحلية المياه المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بالتزامن مع تزايد الاعتماد على المياه المحلاة وارتفاع معدلات استهلاكها وما يصاحب ذلك من تقنيات متطورة ومبتكرة في إدارة وتشغيل محطات معالجة وتحلية المياه.
وشارك في المؤتمر عدة هيئات حكومية من ضمنها وزارة الطاقة الإماراتية، وهيئة كهرباء ومياه الشارقة والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة السعودية، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي المصرية، وشركة الماء والكهرباء بالمملكة العربية السعودية، ووزارة الكهرباء والماء الكويتية، الهيئة العامة للمياه العمانية «ديم».