«المسجد الأموي» رمز خالد يبرز في عراقة دمشق
شكّل المسجد الأموي في العاصمة السورية على مر تاريخه أحد ملامح تاريخ دمشق وأصالتها وعراقتها، فإلى جانب قيمته الروحية يعتبر رائعة من روائع الفن المعماري الشرقي. يزوره سنوياً مئات الآلاف من السياح الأجانب، فضلاً عن كونه ملاذ المسلمين الذين يقصدونه بهدف الصلاة، أو لمشاهدة أقسامه العديدة التي نجول فيها اليوم مع أحد المشرفين عليه ومرشد سياحي يقدمان معلومات وفيرة عن تاريخه وهيئته ودوره.
(دمشق)- يتربع في قلب دمشق القديمة المسجد الأموي الذي مرّ بتحولات عديدة عبر العصور، فتحوّل من سوق فيما قبل العصر الروماني إلى كنيسة للمسيحيين إلى أن قام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بإعادة بنائه من جديد، وزينه بالنقوش والزخارف والفسيفساء والموزاييك ليصير أحد أجمل ما تزينت به المساجد في بلاد المسلمين قديماً.
أقسام المسجد
منذ مئات السنين يعتبر المسجد الأموي المكان الأمثل لغالبية المصلين والزوار العرب والأجانب، في ذلك يقول مصطفى الأحمد- مشرف في إدارة المسجد “يرتاد المسجد يومياً أكثر من ألفي شخص ما بين مصل وزائر، على الرغم من أننا نوقف الزيارة لغير المصلين قبيل صلاة المغرب حرصاً على تأمين جو العبادة لهم”.
يضيف الأحمد موضحاً أقسام المسجد “ترتفع في المسجد عدة مآذن أشهرها مئذنة عيسى، العروس، قايتباي. وعدة مقامات أشهرها مقام النبي يحيى (يوحنا المعمدان)، مقام الحسين وفيه مدفن رأس الحسين عليه السلام، مشهد عروة (بيت الوضوء). كما توجد به عدة محارب هي محراب الحنابلة، الحنفية، الخطيب، محراب المالكية. وعدة قواعد، هي قاعدة المئذنة الشمالية الغربية، والجنوبية الغربية، والجنوبية الشرقية وفوقها المئذنة البيضاء. وكذلك عدة قباب، هي قبة البركة، النسر، الساعات، الخزنة. فضلاً عن قاعة الصلاة والعبادة، ومقر أئمة ومؤذني المسجد، ومقر الإدارة والاستعلامات، ومتحف المسجد والمكتبة. فيما يتم الدخول إليه من عدة أبواب، هي باب جيرون والدهليز، الكلاسة أو العمارة، البريد، الزيادة”.
تاريخ المسجد
عن تاريخ بناء المسجد وأسمائه التي عرف بها عبر التاريخ، يقول بشير يونس (أستاذ جامعي في التاريخ الإسلامي): “أطلق الناس العديد من الأسماء على المسجد الأموي، فسمي جامع بني أمية، والجامع الكبير، والمسجد الأموي. وقد ورد الذكر الأول للمسجد على لسان المؤرخ أبو زيد أحمد البلخي، الذي قال: في دمشق مسجد ليس في الإسلام أعمر ولا أكبر بقعة منه. كما ذكره ابن بدران في كتابه “منادمة الأطلال” بقوله: إنه أعظم جوامع دمشق، وللناس فيه قصائد وأقوال”.
ويسترسل بشير يونس مشيراً إلى تاريخ بنائه “بدأ الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ببناء وتوسيع المسجد عام 86 هـ (705 م) واعتنى بزخرفته عناية فائقة ليخرج بصورته البهيّة، مزيناً بأجمل اللوحات الفسيفسائية التي تعبر عن الفن الإسلامي، عبر عشرات نوافذ الزجاج المعشّق، والخشب المزخرف، والأرض الرخامية، والجدران والأسقف المذهبة والملونة. أما المحراب فيعد من المحاريب الجميلة الباهرة المرصعة بالجواهر. ويوجد في جدار القبلة شريط من أوله إلى آخره من الفسيفساء يسمى شريط الكرمة الذي تشبه زخارفه زخارف “قبة الصخرة” في بيت المقدس”.
روّاد المسجد
يزور المسجد العديد من المصلين والزائرين من الجنسين وكافة الجنسيات، يقول في ذلك سعيد عبدالله- مرشد سياحي في المسجد “يستقبل المسجد في كل الفصول آلاف الزائرين، ويرتفع عددهم في شهور الصيف، حيث بلغ عدد السياح الذين زاروا المسجد عام 2009 من مختلف الجنسيات 53.970 زائرا. كما قامت مؤخراً هيئة الآثار في سوريا بأعمال ترميم المسجد الأموي، لإظهار محاسنه وإحياء مآثره مجدداً. فهو أحد الرموز التي تسم دمشق بالعراقة، لذلك عاود المبدعون تزيين جدران الحرم بالفسيفساء والزخارف، وخطّوا الجمال والفن في أروقة المسجد، ليظل نابضاً بالأصالة”.
يضيف سعيد عبدالله “أعيد مؤخراً بعض أجنحته التي كانت مغلقة أمام الزوار (خاصة الباحثين والمستشرقين) ليواصلوا بحوثهم وتنقيبهم في الثقافة والحضارة الإسلامية.. حيث تمّ في عام 2008 تسجيل 13 دراسة ومؤلفا لطلاب وأساتذة في جامعات فرنسية وألمانية وإيرانية”.
إضاءات
تبلغ مساحة المسجد 157×97 مترا، ومساحة الحرم 136×37 مترا، ومساحة الصحن 22.5×60 مترا.
- يوجد في المسجد 47 سارية وعموداً.
- تتألف واجهة الحرم من جبهة ثلاثية بنافذة مفتوحة، أسفلها واجهة مربعة في وسطها قوس ضمنه 3 نوافذ، وترتكز الواجهة على 3 قناطر.
- تمتد القناطر المتراكبة 9 قناطر إلى اليمين و9 إلى اليسار. ومن الرواق تنفتح على الصحن 24 قنطرة، ومن الرواقين الشرقي والجنوبي 9 قناطر.
- يبلغ طول لوحة “بردى” قرابة 38 مترا وارتفاعها 7 أمتار. وتعد أكبر مسطح فسيفسائي موجود داخل مسجد.
- تنفتح في قبة “النسر” 16 نافذة، وترتفع القبة عن أرض الجامع 45 متراً، بقطر 16 متراً.