إبراهيم الملا (الشارقة)

يعمل الفنان والمخرج المسرحي على صياغة رؤيته الفنية الخاصة للنص المسرحي (أحمد بنت سليمان) الذي سيعرض ضمن أيام الشارقة المسرحية، وهو النص الذي سبق لمؤلفه الفنان ناجي الحاي تقديمه قبل سنوات في المهرجان ذاته وبعنوان (ما كان، لأحمد بنت سليمان) والذي استوحاه الحاي من رواية (طفل الرمال) للطاهر بن جلّون.
وحول هذا العرض الجديد والمعالجة المختلفة التي يمكن الرهان عليها مقارنة بالنسخة السابقة، قال الأنصاري لـ«الاتحاد» إن دعم فرقة مسرح كلباء لفكرة العرض ووقوفها خلف الطاقمين الفني والأدائي، كان لهما الأثر الأكبر في خلق الدافعية الإبداعية للمشاركين في العمل، وإعادة الأسماء المخضرمة التي ابتعدت لفترة طويلة عن المشهد المسرحي إلى الخشبة مرة أخرى، من أجل إثرائه وضخه بمخزون الخبرة الأدائية، وتشجيع المواهب الجديدة والأسماء الصاعدة في الوقت ذاته.
وعن الرؤية الجديدة التي ارتآها للنص، قال الأنصاري إن العرض هو استكمال لمنهجيته الخاصة في التعاطي مع الخط الشعبي، ومع المحتوى التراثي، حيث سبق له تقديم نصين آخرين لناجي الحاي، هما: «حبة رمل» و«سفر العميان»، مضيفاً أن نص «أحمد بنت سليمان» رغم ما يحمله من مفارقة وغرابة يفرضها العنوان، إلاّ أنه يحمل في طيّاته دلالات قوية وإشارات مهمة حول قضايا إنسانية واجتماعية مؤثرة وعميقة، ولها انعكاسات واضحة على واقعنا المعاصر.
ولفت الأنصاري إلى أن النص الذي كتبه وأخرجه ناجي الحاي قبل 15 عاماً، تم تنفيذه خارج العلبة المسرحية، حيث تم عرضه في ساحة بيت تراثي قديم تم ترميمه وهو بيت النابودة الشهير، منوهاً إلى أن قراره بإعادة العرض إلى الخشبة تم بعد مناقشات مع المؤلف ناجي الحاي ومع إدارة مسرح كلباء والفنانين المشاركين، باعتبار أن المعالجة الجديدة للنص فرضت حذفاً لبعض المشاهد، والاستغناء عن بعض الشخصيات، وإضافة شخصيات جديدة حسب الرؤية الخاصة للمخرج، كما اتجهت المعالجة الجديدة نحو التكثيف والتركيز على مضمون وجوهر الحكاية، والتنازل عن بعض الهوامش والتفاصيل الفرعية، وعليه، فإن الرؤية الإخراجية التي اعتمدها ذهبت بدورها نحو التقليص والتشذيب واختيار الشكل الرمزي والطابع الدلالي، وتذويب عنصري الزمان والمكان في فضاء بصري مفتوح على التأويل، خصوصاً ما يتعلق بالسينوغرافيا التي وصفها الأنصاري، بأنها سينوغرافيا تجريدية تنتصر لمحتوى النص وتنبش في خفايا وأسرار الشخصيات الرئيسة ومعاناتها في عالم إقصائي، وممتلئ بالحس الاستبدادي، في مقابل الرغبة في الانعتاق والخروج من أسر التقاليد البيئية الضاغطة، والعادات الاجتماعية الخاطئة.
ومن مميزات هذا العمل، كما قال الأنصاري، استقطابه لأسماء ابتعدت طويلاً عن خشبة المسرح في الإمارات، مثل الفنانة القديرة فاطمة الحوسني، مضيفاً أن الفنانين الآخرين المشاركين: عبدالله مسعود، أشجان، عبد الرحمن الملا، عادل سبيت، جوهر المطروشي، وخلود البدواوي التي أشار الأنصاري إلى امتلاكها خامة صوتية مؤثرة، ستخدم العرض بشكل كبير، بجانب عبير الجسمي في دور الفتاة التي سماها والدها أحمد وسبب لها قهراً اجتماعياً ونفسياً هائلين، والتي من خلالها تتشكل خيوط ومسارات العرض، وتنتهي بمفاجآت وصور درامية سوف يلامسها المتفرج في النصف الثاني تحديداً من زمن المسرحية.