الزوجة الثانية ترد: مكرهة أنا.. ولست «خطافة رجال»
الزوجة الثانية، «خطافة الرجال»، معتدية على الأسرة المستقرة، ساعية إلى تدمير حياة امرأة أخرى، خبيثة تتسلل إلى حياة زوجية مستقرة، فتجذب الزوج إليها وحدها.
هل يحق لنا أن نلقي نظرة ثانية على الزوجة الثانية، بالتأكيد إذا فعلنا فسنرى امرأة تطاردها الاتهامات، ويستوطن أعماقها شعور عميق بانعدام الأمان، وإذا تعمقنا في البحث قد نصل إلى تمزيق بورترية “خرابة البيوت”، و”خطافة الرجال” ، ليحل محله مشهد امرأة غائرة في الظل، مثخنة بالمواجع.
يا ترى هل هو ذنبها أن تكون الرقم الثاني، وليس”الأول، في حياة الزوج؟ الزوج نفسه الذي اختار زوجته الأولى، هو الذي اختارها هي أيضاً لتكون “ثانية”.
تفصيلاً تقارب نهى بسيوني”زوجة ثانية” المسألة، وتقول عن زواجها الذي دام لأكثر من 6 سنوات: “في البداية كنت استمع إليه كصديقة مخلصة، لكنه كان يريد أكثر من ذلك حينما فاجأني بطلب الزواج”.
تتابع نهى سرد حكايتها بهدوء، وتقول عن ذلك: “من دون مقدمات لم أبد أي اعتراض عليه، وكذلك أعضاء الأسرة الذين لم يروا فيه أي عيب، خاصة أنهم كانوا في الوقت نفسه يخشون أن يفوتني قطار الزواج”.
تضيف نهى وهي تضحك قائلة: “المهم تزوجنا، وانتقلت إلى عش الزوجية، وقررت أن أتعامل مع زوجته الأولى بأدب واحترام، إلى درجة أدهشتها، وتقبلت الأمر بصدر رحب، وصرنا مع مرور الوقت أكثر من أخوات، إلى أن جاء اليوم الذي انقلبت فيه ضدي فجأة، وبدأت المشاكل والنزاعات، وأخذ زوجي يفقد أعصابه تدريجياً إلى أن خيرنا بين البقاء أو الفراق، من جانبي قررت أن أبقى معه على الحُلوة والمُرة”.
لكن نهى تلفت إلى جانب مهم في قضية الزوجة الثانية، وتقول: “أؤكد ليس كل زوجة ثانية أو ثالثة خطّافة رجال، أو أنها بنت سعادتها على تعاسة زوجته الأولى، فالزوج هو الذي يختار الأولى والثانية”.
نظرة المجتمع
من جانبها تتساءل شيخة، أو “أم سعيد”، كما يلقبها عارفوها، فتقول:”متى تتغير نظرة الناس إلى الزوجة الثانية التي تعيش دوماً بين مطرقة الضرة وسندان المجتمع، حتى لو كانت غير مذنبة”؟!
ثم تضيف: “تقدم زوجي لخطبتي على الرغم من زواجه بأخرى، رفضت زوجته الأولى الموضوع ولم تقبل العيش مع امرأة أخرى تحت سقف واحد، فطلبت الطلاق، وكان لها ما أرادت، ولكنها لم تتوقف عند هذا الحد، إذ سرعان ما بدأت تدبر المكائد لُتقلب حياتي جحيماً”.
تتابع شيخة سرد معاناتها فتقول بهدوء: “حاولت بكل السبل أن أمنعها من ايذائي لكني فشلت، وعلى الرغم من القلق الدائم الذي بت أعيش فيه، فإنني أفضل البقاء مع زوجي مهما كان ومهما حصل، فكما يقول المثل: ظل راجل ولا ظل حيطة”.
الثانية مظلومة
لكن في مقابل ذلك، هناك من النساء من يقفن في صف الزوجة الثانية ويدافعن عنها، تعلق هيام يونس، زوجة أولى، فتقول: “إنَّ الزوجة الثانية مظلومة، لأنها لن تأخذ حقوقها كاملة مثل الزوجة الأولى. ويكفيها نظرة المجتمع وكلام الناس بأنها خطفت رجلاً من زوجته وأولاده. ويمكن أن تكون لهذه المرأة أسبابها الخاصة، كأن تكون مطلقة أو أرملة أو حتى عانس، تعيش ظروفاً صعبة أجبرتها أن تجد رجــلاً يحميها ويعيلها، خصوصاً إذا كانت لا تعمل”.
الأولى هي الظالمة
لمجدي مصطفى رأي مثير للدهشة في هذا السياق، فهو يعتبر أنَّ الزوجة الثانية مظلومة، والزوج، أو الزوجة الأولى ظالمان.
يسرد مجدي حججه في ذلك قائلاً: “إذا كانت الزوجة الأولى تتصف بصفات سيئة، والزوج غير مرتاح معها، فهنا يحق لهذا الزوج أن يتزوج عليها، ولكن تبقى الزوجة الثانية هي المظلومة، وهذا ليس ذنبها، فهي تريد أن تتزوج بسبب ظروف معينة تمر بها”.
لكنَّ رأي ميساء خالد، متزوجة، يتعارض مع كلام مجدي، فهي تقول:”إن الزوجة الثانية تعد ظالمة ومظلومة في آن واحد”.
تضيف ميساء بشيء من الحيرة، وتقول:” من وجهه نظري أجدها ظالمة لأنها أخذت رجلاً من أسرته، ومظلومة لأنها لن تكون مرتاحة بزواجها هذا، فالزوج لن يعدل معها ويكون لها مئة بالمئة، وسوف يكون مشتتاً بينها وبين زوجته الأولى وأولاده، بالإضافة إلى كل هذا كلام الناس الجارح لها”.وإذ تضع ميساء افتراضاً أن يتزوج زوجها عليها، فهي تقول أنَّ ردَّها آنذاك سيكون التنازل عنه للزوجة الثانية، مثلما تنازل عنها هو بكل سهولة، ودون مراعاة للعشرة، وتقول جازمة: “لن أتقبل هذا الأمر مهما كانت الظروف لأن الحياة تغيرت عن السابق، فقديماً كانت المرأة إذا تزوج زوجها بأخرى تسكت وتصبر وتجلس مع أبنائها لتربيهم، أما حالياً، فقد تغير الزمن، وسف تقول له:الله معك، “ أشوف حياتي أنا بعد”.
حاصرني بكلامه
التوصيف الشائع يمنح الزوجة الثانية صفة خاطفة تتمتع بقدر من الأنانية وحب الذات، لكن اللافت أنَّها لا تشعر بالأمان مهما كانت متأكدة من حب زوجها لها.
تروي مها غانم تجربتها الخاصة على هذا الصعيد فتقول: “عندما التقيت زوجي كنت أعلم أنَّه متزوج، لكنَّه حاصرني بإعجابه، وكلمات الحب التي لا تنتهي، وأسرني بكرمه واهتمامه حتى وافقت على الزواج منه، وحتى يثبت حبه لي سجل المنزل الذي أعيش فيه الآن باسمي كضمان لحقوقي.
تواصل مها سرد حكايتها بابتسامة، وتقول عن ذلك: “تزوجته وأنجبت منه ولداً وبنتاً، لكن بعد فترة طلب مني بيع البيت، وأكد أنه سيعوضنني عنه بما هو أثمن، لكني شعرت بقلق خفي ينتابني فتحريت الأمر، لاكتشف فيما بعد أنَّه يسعى إلى سكرتيرته الجميلة لتكون زوجته الثالثة”. تتابع مها بحرقة وألم واضحين:” شعرت في هذه اللحظة بالضيق والقهر فما كان مني سوى الاتصال بزوجته الأولى، لنجد حلاً لهذه الكارثة، فكان ردها الذي لم أكن أتوقعه هو”عندما تزوجك زوجي لم أتدخل في حياتك، ولن أتدخل الآن لأنقذ بيتك، شعرت حينها إنني استحق ذلك جزاء ما فعلته بنفسي، وهو الآن مع الزوجة الثالثة، ومن هنا أؤكد ليس كل زوجة ثانية خاطفة الرجال، بل قد تكون الثالثة والرابعة كذلك”.
قاعدة عامة
إن الحالات السابقة لا تحمل دليلاً واحداً على أن الزوجة الثانية هي في قاعدة عامة مذنبة أو خطافة رجال، بحسب الطبيب النفسي محمد عثمان الذي يقول: “لا يمكن إلقاء اللوم دائماً على الزوجة الثانية، لأنَّ الزوج هو الذي يختار شريكة حياته، وبالتالي هي لم تساهم في صنع ظروفه الخاصة التي أملت عليه هذا الاختيار”.
وهذا التعميم الذي يسعى لإدانة الزوجة الثانية ليس صحيحاً، فالكل يعرف أن الزواج من رجل متزوج ليس بالأمر السهل على المرأة، ولا بد أن تكون هناك ظروف أجبرتها على الموافقة، وهذه الظروف بالطبع تضعها في موقف صعب”.
يتابع الطبيب محمد حديثه فيقول: “الظروف التي أدت بها لتكون زوجة ثانية، هي ذاتها التي تجعلها تعيش واقعاً نفسياً سيئاً، تحاول التغلب عليه بشتى الطرق، ويدفعها الخوف من المجهول إلى أن تتفهم ظروف الزوج وأن تتعايش بسلام مع زوجته الأولى، أيضاً لا بد من المجتمع أن يغير النظرة حول الزوجة الثانية، التي يتهمها البعض بأنها سيئة وخبيثة أو سارقة الرجال من زوجاتهم، وعليهم ألا يحكموا على الغير قبل التأكد من الحقيقة التي أجبرت هذه الزوجة على أن تقبل أن تكون زوجة أخرى، وليست أولى كما يجدر بالمرأة عادة”.
المصدر: أبوظبي