نوف الموسى (دبي)

جاءت مشاهدة الأفلام المستقلة ضمن فعاليات «المرموم: فيلم في الصحراء» بالتعاون بين هيئة دبي للثقافة والفنون و«سينما عقيل»، وهي دار عرض سينمائية مستقلة بدبي، أسستها بثينة كاظم، بعد تجربة سنوات من عرض الأفلام بشكل متنقل بين مختلف الأماكن في دولة الإمارات.
واللافت في التجربة اليوم، هو فعل الحراك الاجتماعي للمهتمين بالسينما في تأسيس حراك ثقافي سينمائي يخلق منصات متتابعة ومتنوعة، تؤسس حلقة وصل مستمرة بين المؤسسة الثقافية والقطاعات الاجتماعية الثقافية الناشئة، من مثل مشروعات الـ «آرت هاوس موفي»، كتلك التي قد نلاحظها في حضور سينما عقيل، الذي يقدم هو الآخر وجهاً لشكل تطور الوعي بأهمية السينما في إثراء التجربة الإنسانية، عبر مختلف المجتمعات، وهو سؤال جوهري حول كيفية فهمنا لأشكال الحياة المتعددة من خلال التجسيد البصري، ومنه جاء البحث عن رؤية التطورات التي قد تطال مبادرة «صندوق الأفلام»، الذي تم إطلاقها رسمياً في النسخة الأولى من «المرموم: فيلم في الصحراء»، مستهدفة عرض الأفلام القصيرة الصامتة لصناع أفلام شباب، والقائم من خلال تعاون بين «دبي للثقافة» وشركة «Lighthouse Productions»، والمتوقع إطلاقها عالمياً في إكسبو 2020 بمعدل 3 صناديق أفلام موزعة في فضاءات الحدث الأبرز لهذا العام في مدينة دبي.
قبل الولوج إلى عالم التطورات فيما يتعلق بالسينما المتنقلة، خارج قاعات السينما الكبرى الاعتيادية، شهد جمهور «صحراء المرموم» مساء أول من أمس، باقة متنوعة من الأفلام الإماراتية، منها «جمال يدوة» و«ليلة في تاكسي» و«مريم»، بالتوازي مع عرض فيلم «ذيب» للمخرج ناجي معن أبو نوار الذي وصل لترشيحات جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية. وجاء متماهياً مع مضامين المكان ومنساباً مع أفق فضاء العرض وهي الصحراء، التي تحولت بشكل ما ولو عابر إلى موضوع للالتقاء الفعل الإنساني بين مشاهدة الفيلم والمعايشة، أن تتحرك من المدينة بتجاه العزلة العميقة وترى فيلماً لشخصية ذيب، ذلك الطفل البدوي الذي يعيش مواجهة قاسية للنجاة من الموت، والصحراء في الفيلم هي من تشكل قوته في الوقت الذي تنحت تكوينه الداخلي، ليستطيع البقاء والاستمرار، ممثلةً فعل الحياة الساحرة التي ما أن تضع ألماً أمام الإنسان حتى تبتر جزءاً أصيلاً فيه لم يعد له أهمية أو حاجة، كما يقطع الحبل السري عند الولادة.
أن ترى أفلام الصحراء في الصحراء يُعد أمراً مذهلاً، ولكن ماذا عن المدينة هل يُمكن أن نرى مبادرة «صندوق الأفلام» في الأحياء والمناطق الحيوية بدبي؟ هو سؤال طرحته «الاتحاد» لـ«هاروت سولاكيان»، مدير المبيعات والتسويق في «Lighthouse Productions»، وأوضح بأنه أمر وارد تماماً، خاصةً أن «صندوق الأفلام» يمثل منصة استقطاب لصناع وكتاب الأفلام الناشئة، مضيفاً أنه بعد إطلاق الموقع الاكتروني الخاص بـ «filmsinabox.com»، بالتعاون مع «دبي للثقافة»، فإنهم يعملون على تكوين مساحات مشتركة بين الكتاب والمخرجين والمنتجين، للالتقاء وتحقيق إمكانية إنتاج الأفلام، وتحديداً الأفلام القصيرة الصامتة، التي تعتمد بشكل أساسي على إبداع المخرج، وبأقل الميزانيات الممكنة، ويهدفون من خلال عرضها في صندوق الأفلام، أن تتعرف شركات الإعلانات على سبيل المثال على المواهب، لأنها تعتمد كثيراً في منتجاتها الدعائية على المشاهد الفلمية الصامتة، وبالتالي يكون هناك فرص لوظائف جديدة في المنطقة.
وأشار هاروت سولاكيان، أن اختيار الأفلام الصامتة تحديداً يعود إلى مسألة قدرة تلك الإنتاجات السينمائية على إزالة العوائق الاجتماعية، بين الناس وأصحاب الهمم، أثناء مشاهدتهم جميعاً للفيلم. يدخلون جميعهم في مرحلة مشتركة تماماً على مستوى التأثير البصري، وهو ضروري لتحقيق الاتصال بينهم، وأضاف أن ما سيحدث بالنسبة لصندوق الأفلام في إكسبو 2020، وسيكون على غرار مهرجان سينمائي يحتفي بالتجارب السينمائية عبر توزيع جوائز لمختلف التصنيفات الفيلمية.